لولا احترام شجرة زيتون برية غطت فضاء حوش ما امتد ظلها قيد أنملة..

تازة بريس29 مارس 2024آخر تحديث : الجمعة 29 مارس 2024 - 5:47 مساءً
لولا احترام شجرة زيتون برية غطت فضاء حوش ما امتد ظلها قيد أنملة..

تازة بريس

سعيد عبد النابي

لم تتوزع الأضرحة على جبال البرانس بالشكل العادل، يبدو أن من أكرم جثامين رجال البلاد بمواراتها الثرى لم يتجشم عناء الابتعاد عن جماعة الجوزات، أبقوها قرب تجمعهم السكني تأكيدا على أن الإمامة تستمر بعد الموت، الا ترى كل ضريح يؤم عددا من القبور خلفه، و الأحياء في زيارات مستمرة كأن نياطا خفية تشد الأرواح المهاجرة في السماء الى القلوب المنتظرة أوان الرحيل.  لولا احترام الناس لشجرة الزيتون البرية التي غطت أغصانها فضاء حوش البناية ما امتد لها ظل قيد أنملة. غَرَسْتُ بعين اوداد باب المروج أربعة عشرة ألف شجرة، بين غابوية ومثمرة، أين هي؟ ماذا تبقى منها ؟ استغل الرعاة والحساد الأوغاد اختلال ميزان عدالتنا فنثروا ما نثروا وتكلفت الماشية في رعيها الجائر بالبقية، بينما بقيت هي صامدة لقرون شتى، إن لم يعقد تحت ظلها قران مولاي إدريس بكنزة الاوربية، إن لم يرتبط غرسها بشيء مهم، ما كان لها هذا الحظ من النمو، أمد تواجدها يستمد بقاءه من حدث له قدسيته، أمر أكيد لا ريب فيه، لكن ما هو وترابها لا يضم قبر صالح.

على من يمتلك الحقائق تصويب رأيي المختل عن منطقه، هناك خدعة ما جعلت الناس تعتقد بالخرافة لدرجة اعتمادها مذهبا وغذاء روحيا مسكرا، لو سلمنا جدلا باحتمالية فرض الوهم على العقول الفارغة، من سيكون الفاعل؟ ونحن نفكر، همنا إبقاء الصوت مكتوما، لا يصل منه سوى حفيف وقع الكلمات على الورق.. الدعوة لا يصدح بها أهلها إلا بعد اكتمالها فكرة ناضجة يرفع قيمتها عديد المهتمين بها. أمر عادي أن يقدس اليهود أضرحتهم بشدة، لكن إن أرادوا منا السير على نفس الدرب مقلدين، فهذا حياد وشذ عن طبيعة الإسلام، على أُيٍّ.. اليهود أبناء عمومتنا، سنضع على أبواب القدس شجرتا عائلتين للذكرى، نَحِلُّ بهما مشكلة العداوة التاريخية العالقة بيننا بالمرة.. ثم نتجادل بعدها في أمورنا بأريحية…شجرة عائلة سيدنا إسماعيل عليه السلام على جانب، وأنا ثمرة على إحدى فروعها، و على جانب آخر نضع شجرة عائلة سيدنا يعقوب عليه السلام و آله تمتد إلى عهد نتنياهو، مع الإشارة إلى عدد العقلات التي أخذت من هذه أو تلك للتطعيم… ثم نعود إلى الأضرحة ، منها نفهم التاريخ …

عيب على المصريين نعت رئيس دولة بالنتانة، صرخوا في وجهه عند استقباله: النتن ها هو. على أي..هم منه الأقربون، على مرمى حجر ومن نفس السحابة غيثا يُسْقَون، ربما وصل أنوفهم ما لم يصلنا نحن، أو ربما عُرْفُ تخلف رجال السلطة بجارتنا الشقيقة في الشرق، له من القوة ما منع تلك النتانة عنا، قد تكون الحقيقة شيء آخر، الطيب الذي يصل خياشيمنا من قلوبنا أقوى من كل النتانات المحيطة بنا.. لذلك لا نعبأ … ما أبشع العقل العربي، هكذا هاجستني ذاكرتي معاتبة.. ما شأنك أنت بعبد الحميد الأوربي أن يكون من عبد الخالقين أو من شرفاء مرتيشة او من زرهون، ألم يكن بينه و بين حفيده راشد قرنا من الزمن، دع عبد الحميد للزرهونيين وقل إن راشد كانت له سلطة على جهة تايناست برمتها، ألم تمتد حدود اوربة إلى تامسنا والشلف شرقا ؟ وغربا؟ .. ألم تمتد إلى الأندلس والمحيط ؟ هل كانت لابن خلدون تكنولوجيا الصين ليقتفي أي اثر مهما دق ورق.. الجميل في قصة راشد جعل سيده خادما له أثناء تهريبه كي لا يتمكن منه الرصاد المنتشرين في البلاد، قلب الأدوار في بعض الأحيان يكسب المجرب مزيدا من الاضطلاع، وبالتالي يهزم تواضعه غروره، و رحمته حقده.. شأن الصائم مع الجوع .يفضي به الصوم إلى الإحساس بالمحتاج…بطل هذا المسمى راشد ابن محمد بن عبد الحميد، أتى بالسلطان، زوجه، مكنه في الأرض، هذا ما يسمى نكران الذات، و هذا من سجايا طبيعتنا.

ماذا لو شابت القصة زيادات ونقائص متعمدة كي لا تبقى هذه الصورة على أصلها بين صفحات التاريخ نكرا؟.. كل شيء ممكن في هذا العالم المجنون. قالوا إن برابرة وليلي هم أقحاح اوربة..أما نحن، فمن نسل عصاتهم المنفيين، وهذا واقع حز في نفسي .. وهل سيثقل هذا ميزانا .؟ نحن نعامل كالعصاة منذ زمن، وإن لم نعص للولي أمرا.. متى شققنا عصا الطاعة؟.. راسلت مرة منصة الشباب وكان حلمي جمع العدول التازيين في مهمة واحدة يجدد فيها البرانس قاطبة بيعتهم للسلطان كي ننتهي من هذه الأمور المخزية..؟ ماذا كان ردهم ؟ ازدراني احد الموظفين وزرى علي اقتراحي قائلا، شطر المبادرة الوطنية لهذه السنة خصته الدولة لبقرة حلوب، والمكلف بدراسة الطلبات وانتقاء الملفات الفائزة لا يٌفَوّتٌ مشروعا لأحد مهما كانت رتبته أو علاقاته حتى يلتزم له بحلمة، ولتبقى الأخرى خاصته. لكن دون نسيان عبد الحليم حافظ.. موظف كان مفتونا بأغنية قارئة فنجان…لصق به اللقب لسماع كل من زاره في مكتبه يردد.. بحياتك يا ولدي امرأة ..تؤكد لي أن بشاعة العقل العربي بلا حدود…يبدو ان الجابري غرد في كل مؤلفاته خارج السرب ..

لِمَ البقاء حبيس عهد يفلت من يديك كل العهود؟ أما تدري شيء عن أصل هذه الكروم التي جعلت صيفك بهيجا بخضرة أوراقها اليانعة؟..أما طرحت على نفسك هذا السؤال وأنت تقطف عناقيدها؟ وغيرك يعصرها خمرا تجلب للمهموم السلوى؟ اجل.. كيف فاتك هذا الأمر؟ إنها من غرس ديونيزوس. كان يأتي وليلي ليبتهج بجدتك من الجيل المليون في الغابرين، ترقص له عارية وأصابعها متعبة لا تتحمل ثقل قَدَحٍ مُتْرَعٍ وَأْبٍ تُسقطه على صدرها فينسكب خمره أحمرا يأخذ النهدين و البطن و الكشح من حمرته المثيرة فيتجلى عليها ضياء نيران الحفل الملتهبة كأنها أهديت لكل جسدها قبسا فيصاب اله الخصوبة بمس من جنون بربري متوحش يدفعه إلى الرقص على كثب منها حتى يتنفس الصبح… من تلك الرقصات الهستيرية ولد فولكلور تازي لا فكر يحيط بمنابعه، … سل رعاة تاونات كم عانوا من تنكيل البصري بهم لما سرق تمثاله قبل ثلاث عقود من الزمن … فليرجح رأيك إلى رأيي، و نحسم المسالة بالتوافق.. قد تكون من نسل اله الخصوبة و النشاط حتى شاط …و قد تكون اوربة تحريف لكلمة اوروبا.. فرقتك عنها الزلازل ظلما وفصلك عنها في قارتين بحرا …

هذه مواضيع فوق طاقتي الاستيعابية، أود فقط معرفة العلاقة التي تربطني بهذا الثرى الذي أسير عليه يوميا. أنا أقول.. وأنت تصححين .. ما دمت بالتاريخ ملمة .. أحدثك عن ضريح سيدي عيسى الجد بتلوان، الذي أسدل تحته، إلى عين بني صواب ، ستارا خفيا لملحمات لا يصل كنهها سوى العارفين، مَنْ مِنْ هذا الجيل يعلم بالحروب التي شنها رجال المقاومة حواليه. كيف امتدت شرارتها إلى تايناست والريف، غدا تحكي الأشجار فتفشي الأسرار ويتبين على هدي نور الحق الحصان من الحمار.  أحدثك عن مقام آل الولي الصالح.. تكاد تراه كصرة محمولة على ظهر جبل بوعشوش، كلما مررت به تذكرت أم المؤمنين، الجدة التي ربت الولي بعد تيتمه، جعلت منه عالما قبل سن البلوغ، أحس بشيء وأنا منه اقترب، كأن روحها رضي الله عنها تناغيني، الصلاة كانت بيداغوجيتها في التدريس، تخفي على الصبي غذاءه في ركن وتدعوه إلى الابتهال والتوسل إلى الخالق أن يؤتيهما رزقهما جاهزا كما فعل مع سيدتنا مريم و هي صبية، تُسْمِعُه مناجاتها بإلحاح شديد، و بعد التسليم على الملائكة الحافظين العارفين معلنة إنهاء الصلاة و الخروج منها، تقوم بدورها التمثيلي فتتقمص شخصية الباحث المنقب عن لقية، و في لحظة تفاجئه صارخة باسم الله جل جلاله…آه، بني.. هاهو ربي أكرمنا.. انظر لهذا القطف من العنب .. و هذه التفاحة الفواح أريجها بين الأسنان .. أرأيت بني .. تكفيك النية الصافية مع الله.. و ليس عليك بعدها أن تفكر بسوء السيئين أو أذاهم..

أليست تلك المقابر هناك لإخوانه أو أعمامه؟.. تعلمين علم اليقين كيف فضل قطع الأرحام مضطرا، أسف على علماء فاس فسبحل أمامهم بعد السؤال عن أحوالهم، قال متحسرا لما علم بمصادر رزقهم .. اعرف أن الأحياء يعتنون بالأموات، لكنكم فاجأتموني بالأموات تسخي مع الأحياء.. جملة أفاضت الكأس.. ردوا عليه مزمجرين : الأوقاف لنا.. بركة الأولياء الصالحين لنا.. كما كانت لأجدادنا في الجاهلية قبل الإسلام رعاية الكعبة و سقاية الحجاج …ما شانك أنت.. واشتعلت بين العلماء في كل الربوع حروبا كلامية أنشئت بسببها مدارس عدة تهتم بالتحسيس بدور الأموات الأحياء، أو الأحياء الأموات، في بناء أو هدم الذات…

حقيقة ..الاكتشافات العلمية أكدت بشاعة الفكر العربي..لا احد منهم أثار إعداد البرتغاليين العدة للخروج من العسر و الشدة .. لا احد منهم نبه أن سكر النصراني انتهى أمده، وأن ساعة فواقه حلت لنخلفه نحن، و انه رمى القدح و لوح بالسيف و هو يفكر بالجرح الغائر الذي سيفتحه في قلوبنا.. كيف يديم ألمه إلى أن يفرح به عيسى عليه السلام عند عودته..

لم يكن للولي الصالح في الحروب الدون كيشوتية رغبة، قرر النأي بنفسه إلى شواطئ فيها من أجواء الخلوة ما يفتح له بها أبواب السماء ليتواصل مع الملائكة، شواطئ هادئة تمتد على حدود مصراتة البحرية، ينظر منها إلى الليل بنجومه، كأنه غربال يرى من ثقوبه وجه الله الواحد الأحد، رب العباد الخالق الصمد. هذا ما قرأت في الكتب..أبناء الولي الصالح انتشروا في تونس و ليبيا و الجزائر، ألم يكن لهم السبق في تأسيس الاتحاد العربي بالمصاهرة ؟؟ تقصدين الاتحاد العربي الذي جمع الخمس دول ؟ لا.. دعك منه ، لن يفلح حكام العرب في شيء …كل الحكام روبوهات تعاني سوء برمجة.. لو تكن نبيا بينهم لن تلم شملهم .. ربما أعادها أحفادنا من بعدنا إلى الصين لأجل الفرمطة  .. formatage

سيفكر البرانس مستقبلا في حفر أنفاق تمتد إلى ليبيا، ليس لأجل تقليد حماس .. لا ..فقط ليصلهم منها ريح الولي الصالح، مادامت الحدود مغلقة وسماء الجزائر على طائراتهم المدنية ممنوعة …يحاولون تجريدنا من شرف الانتماء لأوربة ؟ لا احد منا حصل على بطاقة الانتساب إلى الأدارسة ليفتخر بالنسب الشريف و الدم الطاهر، ولا أحد منا نال بطاقة شكر تذلل أمامه العقبات، كل تضحياتنا راحت في مهب الريح سدى.. العالم اليوم مشغول بإسكات الخونة ،، إن أردت المال خن ، خن و لكل فعل ثمن … لكن رؤوسا فصلت عن أجسادها بتهمة الخيانة … سمعت صدى ضحكات ذاكرتي تتوزع على دواخلي و هي تردد بصوت متهدج يمنعه الضحك من الإفصاح في جمل متواصلة : أو أو أو أولئك ليسوا خ خ خونة ..أو أو أولئك أساؤوا للخيانة بسوء التصرف فيها…وهذه الدواوير التي تناثرت حوالي مقام السيد بأسماء مختلفة، جعلت تساؤلاتي تتناسل حولها بلا عدد، كم حاولت الربط بينها، أسماء تتكرر هنا و هناك يفوح منها ارتباطها بامارات و امبراطوريات وانساب، اسماء علينا البحث فيها عن اصولنا، لنعرف من نحن، أو نطالب الدولة بتحليل أحماضنا، نعرف على الأقل نسبة الحموضة في قضيتنا .

فاعل جمعوي/ كاتب

 

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق