البقالي: الخدمة المجتمعية للإعلام في شموليته خدمة متواضعة جداً..
تازة بريس
إن مضي عشر سنوات على تنظيم الحوار الوطني حول الإعلام والمجتمع، يعتبر كافيا لمساءلة المنجز، الذي لم يكن في مستوى روح ولا مضمون التوصيات التي أسفر عنها هذا الحوار، ويمكن أن نعدد بعض المؤشرات، سواء على المستوى القانوني، أو على مستوى أداء الإعلام العمومي المخيب لانتظارات المغاربة، أو على مستوى قدرة الإعلام الوطني بأصنافه المختلفة على إقناع المواطن المغربي بالإحجام على الإقدام على هجرة قهرية نحو وسائط التواصل الاجتماعي أو القنوات الأجنبية لمتابعة شؤونه المحلية، وللتداول في قضايا شؤونه العامة. هذا ما قاله رئيس النقابة الوطنية للصحافة في المغرب، عبد الله البقالي في لقاء دراسي حول الإعلام الوطني والمجتمع، صباح هذا اليوم الأربعاء بمجلس النواب، مضيفا أن من بين توصيات الحوار الوطني التي تجاوزت المائة توصية، كان هناك تحيين النصوص التشريعية لكي تكون أكثر انسجاما مع المرجعيات الحقوقية الكونية التي تعطي الأولوية في مجال الإعلام، لحرية الرأي والتعبير وحق المواطنين في المعلومة والأخذ بعين الاعتبار بحسن نية الصحافي أثناء المنازعات القضائية المرتبطة بالنشر، لأن من شأن إحساس الصحافي بالأمن القانوني أن يدفعه أكثر للإبداع وتجويد الأداء والتنافسية مع باقي الزملاء، بما يخدم تطوير المشهد الإعلامي في عموميته سواء كان عموميا أو خاصا.
مشيرا الى أنه: “للأسف ما زلنا إلى حدود اللحظة نطالب بجعل قضايا الصحافة والنشر لا تخضع محاكماتها سوى إلى مدونة الصحافة والنشر، وأنه ليس معقولا أن يتم تكييف قضايا متشابهة بقانونين مختلفين، إذ تقرر نيابات عامة ومحاكم التكييف على أساس القانوني الجنائي، وأخرى على أساس مدونة الصحافة والنشر، مما يجرده مكتسب عدم متابعة الصحافيين بسبب عملهم بقوانين سالبة للحرية من أهميته”. لافتا الانتباه إلى أنه “ما زلنا ننتظر أن تخصص غرف في المحاكم لقضايا الصحافة والنشر، لخصوصية هذا المجال الذي يتطلب، ليس فقط الإلمام القانوني، بل كذلك الإلمام بخصوصيات المهنة وأعرافها، وكذا مواكبة تطوراتها عالميا، ونعتبر أن قرار تخصيص قضاة بقضايا الصحافة والنشر في بعض المحاكم وتمرسهم في هذا المجال يعتبر خطوة مهمة في اتجاه وجود فضاء متخصص في هذا الشأن بما يحقق الاطمئنان إلى العدالة ويكرس الأمن القضائي”.
وحول الخدمة المجتمعية للإعلام، أشار الى أنه للأسف هي خدمة متواضعة جدا ومن المهم أن نقف على وضعية الإعلام العمومي الذي يحظى بالحيز الأكبر من المال العام في المشهد الإعلامي، فسواء تعلق الأمر بالقنوات التلفزية التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة أو بوكالة المغرب العربي للأنباء، فإننا أمام وضعية غريبة ومثيرة تكشف عن منسوب عالي من العجز فيما يتعلق بإنتاج خدمة إعلامية عمومية تحترم شروط الجودة وتعكس التعددية المغربية بكل تجلياتها: التعددية السياسية واللغوية والثقافية، مما يجعل جمهورا عريضا لا يجد أي صدى لوضعه الاجتماعي أو اختياراته الثقافية أو انتمائه الجغرافي أو المجالي في الإعلام العمومي. مؤكدا أن هذا الإعلام فشل في المساهمة في النقاش العمومي الذي أصبح مجاله هو وسائط التواصل الاجتماعي ومنصات البث الرقمي، وأن الطامة الكبرى هي عجز الإعلام عن تسويق صورة المغرب عالميا، والدفاع عن مصالحه ومنافسة الإعلام الأجنبي. ومطالبا بحماية الصحافيات والصحافيين أثناء أدائهم لعملهم سواء في مقرات العمل أو في أماكن التغطية الصحفية أو في مواجهة اعتداءات وتهديدات قد تطالهم بسبب عملهم، مع ما ينبغي من قوانين صارمة لحمايتهم.