تازة: دعم الأنشطة والمواعيد الثقافية من المال العام وسؤال الحكامة والأثر
تازة بريس
نقاش واسع يملأ انشغالات رأي عام محلي واسع على صعيد مدينة تازة منذ سنوات ولا يزال قائما مستمرا الى حين، ذلك الذي يخص ما يقدم من منح ودعم من المال العام لفائدة مكونات المجتمع المدني، ونخص بالذكر هنا الثقافية محليا عبر الهيئات المنتخبة من مجلس بلدي واقليمي. وفق ما ينبغي في حكامة جيدة في هذا الدعم العمومي ومن أخذ بعين الاعتبار لما يجب من مساءلة ورقابة وتقديم حساب وتحلي بالمسؤولية، ناهيك عما ينبغي من مشاريع وطبيعة قيمة وأهداف مشاريع هذه الجمعيات، وما يجب من أثر في أفق ما هو رافع بعيدا عن اية حسابات أخرى غير تنمية المحلي.
وغير خاف أن الدولة دستوريا ملزمة بدعم مكونات المجتمع المدني ومن خلاله دعم الثقافة والابداع، عن طريق التعبئة بالوسائل المتاحة خدمة للمواطن والوطن وتيسيرا بشكل عادل وعلى قدم المساواة الإستفادة مما هو كائن وفق ما هو مسطر من شروط ودفاتر تحملات. علما أن الثقافة والأنشطة الثقافية والابداعية ومعها المجتمع المدني الهادف في مشاريعه وأوراشه، هي لبنة جوهرية في مسلسل بناء مجتمع فاعل ومتفاعل ديموقراطي وحداثي، بحيث عبر الثقافة والابداع والمجتمع المدني يمكن للبلاد أن تنجح في إشاعة قيم الوطنية والمواطنة والتضامن والتسامح وباقي ما هناك من قيم انسان وانسانية. وعليه من غير المفيد القول بوقف دعم الثقافة وأنشطة المجتمع المدني، حتى لا يكون بمثابة تراجع من الدولة ومؤسساتها العمومية عن التزامها الدستوري القانوني، خاصة أمام ما هناك من تحديات وانخراط للبلاد في عدد من الرهانات، ومنها جعل الثقافة والفعل الثقافي عبر عدد من الآليات قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. ووعيا بكل وهذا وذاك من التحديات والانتظارات والرهانات الوطنية، بات المطلوب ليس وقف دعم جمعيات المجتمع المدني الفاعلة في الحقل الثقافي، إنما حسن تدبير صرف الدعم العمومي لها من المال العام وفق مبادئ الحكامة الجيدة والمعايير الموضوعية للتوزيع والمراقبة والمحاسبة، تحت طائلة ما ينبغي من حرمان أو منع من مشاركة..وغيرها من ضوابط ترشيد ومصاحبة وتصنيف محفز مشمول بشفافية ووضوح.
وغير خاف ما هناك من تبعثر مشهد ثقافة وتواضع أداء منذ مدة بتازة، ناهيك عما يسجل ايضا من فعل ثقافي ابداعي فني محلي بنوع من العشوائية والفعل المفتقد لأهداف وخطة واضحة ونتائج منتظرة محددة على مدى بعيد، متوسط أو قريب. الأمر الذي يجعل الفعل الثقافي عبر المكون الجمعوي بالمدينةدون رؤية واضحة متبصرة ولا بوصلة، تلك التي كثيرا ما تسقطه فيما يفضل الكثير نعته ب”البهرجة “. بل لا شك أنه عبر ما هناك من مشاهد لأنشطة ثقافية في كل تجلياتها، تتلاشى مساحة جهود ضمن لا معنى ومن ثمة ما يطبعها من صورة باهتة وثقافة تفاهة بدون أثر معبر، لدرجة عدم قدرة صداها على تجاوز أسوار تازة بل كدية “كردوسة” بتعبير أحد روائيي المدينة. ولعل واقع الحال يطرح قضية الدعم العمومي ودرجة ما هناك من أهداف عملية ومشاريع مقنعة، ينبغي أن تعود بالنفع على المدينة ضمن مستوى من المستويات، بل تطرح معها ايضا أهمية تفعيل مبدأ الحكامة الجيدة عند دعم الأنشطة الثقافية والابداعية والفنية من المال العام، حتى لا تكون المدينة من خلال هيئاتها المنتخبة ومصالحها العمومية بصدد هدر موارد عامة في فراغ ليس إلا.
يبقى كون الحكامة الثقافية على صعيد تازة ومن خلالها سبل وأسس دعم أنشطة ومواعيد المدينة الثقافية، تقتضي شفافية تسيير وتدبير مع وجود استراتيجية عمل واضحة وحسن تواصل ودعم ما هناك من مشاريع ثقافية هادفة مقنعة وظيفية. وأما حول ما هناك من محطات ومواعيد ثقافية محلية باتت دون معنى لدرجة نهاية صلاحيتها، على أساس وقعها وقيمتها وما تستفيد منه من دعم ومنح من المال العام من جهة، وعلى اساس درجة التزاما بما ينبغي من حصيلة رافعة للتنمية المحلية من جهة اخرى، هو ما ستخصص له وتبسط له في حينه “تازة بريس” جملة أوراق تنويرا منها للرأي العام المحلي والوطني.