حول فاجعة المدينة العتيقة بتازة والاجراءات الوقائية حتى لا تتكرر المأساة ..

تازة بريس

عبد السلام انويكًة

فاجعة غير مسبوقة في تاريخ المدينة ما شهدته تازة العليا العتيقة التي تحفظ ذاكرة حضارية مادية ولامادية اصيلة، يوم 29 نونبر الماضي اثر حريق مهول توزع على عدد من الأزقة المكونة لفضاءات تجارية ولمحلات تجار صغار بجوار ما يعرف بقية السوق، بحيث التهمت النيران عشرات المحلات مخلفة خسائر مادية جسيمة. ويسجل أنه رغم تدخل فرق الوقاية المدنية، فإن قوة النيران وسرعة توسعها وطبيعة المواد التي بالمحلات التجارية وطبيعة الأبواب الخشية للمحلات بهذا المجال العتيق، زادت الوضع تفاقما حيث تحول كل شيء الى رماد فقد معه أصحاب المحلات التجارية جميع بضاعتهم. يذكر أن المجال العتيق لتازة العليا المدينة القديمة التاريخية، خضع خلال السنوات الأخيرة لعملية تهيئة وترميم ضمن برنامج حكومي خاص كان بأثر جيد من حيث ما اسهم به على مستوى تهيئة وجمالية هذا الفضاء، وحفظ ما يحتويه من تراث وعبق رمزي اصيل، ذلك الذي اتى على جزء منه الحريق السابق الذكر وبشكل مفاجئ شمل سلسلة محلات تجارية لبيع الملابس الجاهرة والصناعة التقليدية والحلويات والمواد الغذائية وغيرها، مخلفا أضراراً مادية بالغة شملت أزيد من أربعين محلا تجاريا اما بشكل جزئي أوكلي.

حول فاجعة حريق تازة، لا شك أنه منذ وقوع الحدث كانت هناك تعبئة واتصالات واجتماعات وتتبعات هنا وهناك بين مصالح وهيئات محلية وغيرها، بل من هذه الاجتماعات ما لا يزال مستمرا حتى الآن في اطار المواكبة والتدخل وجمع المعطيات. ولا شك أيضا أن هناك لجان عن عدة جهات بصدد عملية التتقييم والاحصاء والزيارة والمؤازرة، فضلا عن أدوار للمجتمع المدني بما في ذلك جمعية تجار المدينة العتيقة بقبة السوق بتازة، بل لاشك أيضا أن هناك توجيهات ذات طبيعة جهوية ومركزية، حول ولفائدة ما حصل اثر هذا الحريق المصاب الفاجعة التي لم تكن متوقعة، والتي ضربت جزء من فضائها المفتوح على ساحة احراش الشهيرة بالمدينة وكذلك باب الجمعة المجاورة عن الجهة الشرقية من المدينة، دون نسيان ما هناك من تعاطف وتضامن وشعور بحجم الضرر المترتب والأثر النفسي لدى اسر أصحاب المحلات التجارية.

انما وحتى لا تتكرر المأساة / الحريق مرة أخرى لا قدر الله، لابد من إجراءات وقائية واعتبارات من المفيد أخذها بعين الاعتبار والعناية حماية لفضاء تازة العتيق من كل حرائق لسبب من الأسباب. ولعل مما ينبغي الانتباه اليه إزالة كل ما من شأنه تسهيل عملية تدخل الوقاية المدنية وغيرها في حالة نشوب حريق ما، ثم العمل على إحداث نقط مائية ثابتة لاستعمالها عند الضرورة، ولتسريع تدخلات اخماد الحريق من قبل الوقاية المدنية وفق ما ينسجم مع طبيعة مجال عتيق. مع ما ينبغي من تتبع ومراقبة لجاهزية هذه النقط المائية من حين لآخر حرصا على صلاحيتها وحتى لا تكون معطلة. ومن الإجراءات أيضا في هذا الاطار أخذ بعين الاعتبار ما قد يكون هناك من اسلاك كهربائية موضوعة بشكل عشوائي لهذا الغرض أو ذاك من قبل أصحاب المحلات التجارية، وكذا ما هناك من عربات ثابتة للباعة المتجولين. ولعل من جملة ما يتوزع وبشكل عشوائي وان كان محدودا ما هناك من اسلاك هاتفية، فضلا عما يسجل حول كون غالبية المحلات التجارية لا تتوفر على معدات للاطفاء الاحتياطية. ومن هنا لابد من إعداد ملف متضمن لعدد من التوجيهات ذات صلة من قبل اللجان المكلفة اثر هذه الفاجعة، من قبيل إلزام الجهات المعنية بخدمات توزيع الكهرباء محليا للقيام بما يلزم من إصلاحات ضمن اختصاصها، على مستوى الاسلاك الكهربائية العارية والتي قد تشكل خطرا على هذا السوق العتيق الأثري، كما ينبغي إلزام التجار انفسهم بإصلاح ما بداخل محلاتهم من اسلاك كهربائية ممتدة بشكل غير سليم ، ومعها تلك التي يتم مدها خارج أبواب محلاتهم نهارا. مع القيام أيضا بحملات تحسيس وتوعية حول جميع ما من شأنه أن يكون سببا في اشعال حرائق لا قدر الله، وإيجاد حلول عملية لجميع ما يظل من مواد مختلفة امام المحلات التجارية بعد الاغلاق ليلا، مع أهمية الإشارة الى اخلاء أبواب ومداخل المدينة العتيقة / قبة السوق، من كل ما من شأنه عرقة تدخلات الوقاية المدنية عند الضرورة.  بعض فقط مما من المفيد تقاسمه من وجهة نظر ورأي اثر هذا الحدث المؤلم، دون دخول فيما ينبغي ايضا من جزئيات لا شك انها غير خافية عن سلطات محلية ومصالح عمومية ذات صلة.