حول اختفاء الفضاءات العمومية للمطالعة بتازة ….سؤال للمسؤولين
تازة بريس
عبد الإله بسكمار
إلى حدود أواسط تسعينيات القرن الماضي، كانت توجد بتازة ثلاث خزانات على الأقل مفتوحة في وجوه القراء والمهتمين طلبة وأساتذة وتلاميذ، وهي الخزانة البلدية وخزانة مديرية الثقافة وخزانة المعهد الموسيقي، لتضاف إليها بعد ذلك في مارس بالضبط من سنة 2007 الخزانة الوسائطية علال بن عبد الله . ويصاب المرء بذهول شبه تام أمام حقيقة مؤلمة تصفعه لأول وهلة، ذلك هو التواري شبه التام لتلك المؤسسات بدءا من العشرية الأولى للألفية الثانية ومع هذا الواقع الرهيب الغياب شبه التام للقراءة العمومية ونقصد الخزانات المفتوحة للطلبة وسائر المهتمين، فباستثناء الخزانة الوسائطية التي نقل مقرها الأصلي من حي بين الجرادي وراء مسجد السنة إلى مقر الملحقة الحضرية تحت طائلة شقوق قد تكون بدأت تظهر في بنايتها الأصل، باستثناء تلك الخزانة اختفت كل المكتبات الباقية الواحدة تلوى الأخرى.
رب معقب يمكن أن يجزم أن الأمر لا يتعلق بتازة، بل هي ظاهرة مغربية وعربية بل وعالمية عامة، ترفدها ظاهرة أخرى لا تقل خطورة وهي العزوف عن القراءة وخاصة أمام استئساد وسائط التواصل الاجتماعي (فيها نقاش أيضا لأنه عبرها مجال للمطالعة أيضا لو أحسن المرء استغلالها على الوجه الأفض ) وقد يتلو العبارة رقم يدل على الحقيقة المفجعة كالست دقائق الشهيرة المخصصة سنويا للكتاب في المغرب مثلا، ههههه كل هذا صحيح، لكن كلامي محدد ولا يتخذ طابع الشمول إذا جزءنا الظاهرة ونسبناها بالطبع، Relativiser لأن هناك على كل حال جمهور قارئ شبه دائم، مهما قل عدده بالنسبة لإجمالي الساكنة، وربما حصل لهذا الجمهور النوعي القناعة بأن المطالعة حاجة بيولوجية ملحة، فضلا عن ارتباطها بالبحث العلمي وغير العلمي وهناك استمرار الخزانات العمومية في المدن الكبرى والمتوسطة والصغرى بل حتى في كثير من البوادي ومن حصلت له القناعة والرغبة في المطالعة والتحصيل يجد نفسه أمام خزانات عمومية أو مكتبات قيمة يمكن أن يحصل عبر محتوياتها على أغراضه، دون أن نتحدث عن الإقبال المستمر على الكتب المستعملة ولك نماذج الليدو في فاس وجوطية وجدة ودرب غلف بالبيضاء وغيرها، غير أن حديثنا كما قلت ينصب على الخزانات العمومية التي تفتح في وجه الباحثين والطلبة والأساتذة عبر انخراطات سنوية أو شهرية وما تقدمه لهؤلاء من خدمات متعددة، فهذه الأخيرة أصبحت في حكم العدم بتازة مع الأسف الشديد، لأن الخزانة الوحيدة أصبحت شبه مصلحة بالملحقة الإدارية ولم تعد مستقلة رغم استمرار خدماتها، والكثيرون لا يعرفون حتى موقعها .
باستثناء المؤسسة المذكورة وبعض المكتبات المدرسية القليلة، أصبحت تازة بدون فضاءات للمطالعة بعد اختفاء خزانة المديرية الإقليمية للثقافة وقبلها الخزانة البلدية وخزانة المعهد الموسيقي، فهل تنبه المسؤولون لهذا الواقع الحالي غير المقبول وعلى رأسهم مديرية الثقافة والمجلس الجماعي وباقي الجهات المتدخلة ؟ سؤال نطرحه على كل هؤلاء المعنيين في مدينة يربو عدد ساكنتها 160 ألف نسمة أغلبهم من الشباب المتعلم .