تازة : بين شاشة المونديال وشاشة مرآة الواقع المرير الذي لا يرتفع ..
تازة بريس
عبد الإله بسكًمار
جميل حقا أن يبادر مجلسنا الجماعي الموقر بنصب شاشة كبرى، تتيح لجماهير تازة البسيطة متابعة مونديال قطر أو بالأحرى ما تبقى منه، لأن القوم أفاقوا متأخرين جدا هههه والحال أن الناس في كثير من المدن والمناطق المغربية”شبعت فراجا” فأصحابنا بهذا الإجراء المتأخر قد طبقوا بالحذافر المثل الشعبي المغربي”حتى حز … عاد علات كوارعها ” حاشاكم. ما علينا، نصفق للخطوة مع ذلك ولو جاءت متأخرة، لأنها تتيح لجمهور عريض من ساكنة تازة تتبع مونديال قطر وخاصة ملحمة أسود الأطلس الذي أعلوا رؤوسنا وأبهروا العالم بصولاتهم مع أعتى الفرق وأقواها وتأهلوا عن جدارة لدوري الثمن في انتظار المزيد إن شاء الله كالمربع الذهبي والكأس نفسها لم لا ؟ جاءت خطوة المجلس إياه كبديل أمام عموم الجماهيرالتازية والتي لا تستطيع ولوج المقاهي، لأن بعض هذه المقاهي، سقط في أساليب مقرفة من الجشع، حتى وصل ثمن جلسة المونديال في بعض تلك المقاهي إلى 30 درهما بالتمام والكمال .
كل هذه الأسباب مبررة ومعقولة وبغض النظر عن تأخر الإجراء على بساطته، لكن ما يثر حقيقة هو هذه الفرقعات على مستوى وسائل التواصل من فيسبوك وتويتر وغيرهما وكأن الأمر يتعلق بإنجاز كبير عظيم وضخم أقدمت عليه الجماعة، والحال أنه إجراء بسيط تقوم به عادة الجماعات المحلية التي لها حد أدنى من الإنصات لمواطنيها، واستباق المونديال بوقت محدد وليس قبل نهايته بتسعة أيام تسعة، قصد إتاحة الفرصة لأوسع الجماهير من أجل المتابعة والمتعة، والكثير من الناس بتازة لايستطيعون متابعة المونديال إلا في تلفزات وشاشات المقاهي .
بغض النظر عن كل ذلك وأمام الحماس السمج والمتأخر، نسمح لأنفسنا كمواطنين بسطاء بطرح بعض الأسئلة، وعلى رأسها سؤال إنجازات هذه الجماعة، إذ يمكن أن يكون الانتشاء مبررا عقلانيا ومنطقيا ، ويمكن أن تكون هذه الفرقعة”الإعلامية” مسوغة لوقدمت الجماعة منجزات للمدينة تستحق الوقوف عندها، أما والأمر يقترب من درجة الصفروالمدينة منكوبة كما سبق أن ذكرنا في عدة مناسبات، فالتبشيربالفتح المبين المتثمل في نصب شاشة المونديال الكبرى يصبح عبارة عن مسخرة مضحكة مبكية، تنم عن مفارقة فظيعة فظاعة واقع تازة، ففي الوقت الذي استجاب المجلس لتطلعات الناس في تتبع أطوار المونديال، ونحن لا نعترض على ذلك طبعا، نجده يتلكأ ويتقاعس ويعجزعن مطالب أخرى أكثر إلحاحية وحيوية بالنسبة لساكنة مدينة منكوبة نكررها مرة أخرى، لا تتوفر حتى على محطة طرقية لائقة هذا فضلا عن المشاريع التي ذهبت ضحية الحسابات الضيقة أو بقيت على الرفوف وراحت ميزانياتها أدراج الرياح.
وفي الوقت الذي تنتصب عمارات مافيا العقاروالخواص وبشكل يتم فيه العمل بفعالية منقطعة النظير وعلى نحو يومي وحتى أيام العطل، نجد المشاريع ذات النفع العمومي ضحية للمزايدات والشعبويات كمحطة القطار، التي أصبح العمل فيها يسير ببطء السلحفاة ومشروع تنقيل السوق الأسبوعي الذي علته العنكبوت منذ أزيد من 15 سنة دون حسيب أو رقيب أو ناه عن المنكر، وضعية سوق السمك بالجملة ومثل ذلك مشاريع ترصيف الشوارع وتهيئتها وكنموذج على ذلك المشروع السلحفاتي لشارع محمد الخامس، والوضع المخجل لمدخلي المدينة الشرقي والغربي، ورداءة الإنارة وحفر الشوارع، فضلا عن تبخر الشعار الشهير الذي أطلق في وقته “برنامج 100 يوم” كذا والكلاب الضالة وإذا أضفنا نقص ملاعب القرب وشروط ولوج الموجود منها وضعف التجهيزات الرياضية باستثناء القاعة المغطاة بتازة العليا وملاعب بئيسة تعد على رؤوس الأصابع، ونقص مآوي ودورالشباب، وتعطيل مشروع المركب الثقافي مولاي يوسف، الذي يمكن أن يتحول في أي لحظة إلى تجزئة سكنية تعيد إنتاج ثقافة الاسمنت المسلح بدل الثقافة المواطناتية الحقيقية، والوضع الكارثي للمآثر التاريخية إذا أضفنا كل هذا إلى ذاك، اتضحت لنا صورة تلك المفارقة التي تضع شاشة المونديال في الأخير، وقد طبل لها القوم وزمروا في المواقع بشكل منقطع النظير أمام شاشة الواقع المرير الذي لا يرتفع للأسف الشديد .