هل انتهت صلاحية تجربة الكليات المتعددة التخصصات في المغرب ؟ ..
تازة بريس
بعد توقف اشغال مشروع كلية متعددة التخصصات بتاوريرت، والتي كانت موضوع جلسة جمعت رئيس المجلس الإقليمي نبيل عيادي مؤخرا مع وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي، تم فيها تدارس تأخر المشروع الذي أعطيت انطلاقته عام 2018 بكلفة مالية تفوق 114 مليون درهم، وهو الأمر الذي يبدو أنه تبخر حلمه لأسباب منها الرؤية الجديدة للوزارة الوصية واستراتيجيتها في علاقتها بالجهوية الترابية، فضلا عن طبيعة وخيارات عرض بداغوجي جامعي اكثر انسجاما مع الانتظارات الوطنية من سلك التعليم العالي. وبعد ايضا في نفس السياق ما وجهه برلمانيون من مراسلة عن اقليم تاونات لرئيس الحكومة أخنوش، حول مشروع الكلية المتعددة التخصصات التي كان يرتقب انجازها بالمنطقة بعدما وضع الحجر الأساسي الخاص بها بتكلفة إجمالية قدرت ب 100 مليون درهم.
ها هو مشروع الكلية متعددة التخصصات بالحسيمة، ينتهي بنفس المصير الذي انتهى اليه مشروع كلية تاوريرت وكلية تاونات. فجوابا على سؤال لبرلماني عن المنطقة مؤخرا حول مصير هذا المشروع، قال وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي أن الوزارة تولي أهمية كبرى لتطوير العرض البيداغوجي وتعزيز البنية التحتية للجامعات، قصد تحسين ظروف الدراسة والبحث العلمي في أفق الرفع من جودة عرض التكوينات على مستوى كافة الأقاليم المغربية. مشيرا الى أنه في إطار إرساء عدالة مجالية فعلية ترتكز على رؤية واضحة وتكريس الدور المحوري للجامعة كرافعة للتنمية، فإن الوزارة منكبة حاليا على إعداد تصميم مديري لعرض التكوينات الجامعية في أفق سنة 2023، وفق مقاربة تشاركية ومندمجة ترتكز على رصد حاجيات القطاعات الإنتاجية من حيث الكفاءات والموارد البشرية، التي تقتضيها أولويات التنمية الإقتصادية والإجتماعية والبيئية على المستويين الجهوي والوطني. مضيفا أن هذا التصميم يشكل الإطار المرجعي لملائمة الخريطة الجامعية وترشيدها بما يتماشى ورهانات الجهوية المتقدمة، من خلال وضع المعايير التي على أساسها سيتم تحديد نوعية المؤسسات التي يجب إحداثها وطبيعة مسالك التكوين التي يستوجب فتحها بكل جهة، هذا في انسجام تام مع الخصوصيات الإقتصادية والإجتماعية والبيئية للمجالات الترابية.
فهل بتوقف اشغال إحداث كليات متعددة التخصصات في كل من تاوريرت وتاونات والحسيمة وغيرهما، هو إعلان عن نهاية هذا النموذج من الأنوية الجامعية الصغيرة التي رأت نماذجها النور قبل عقدين من الزمن لأهداف ربما لم تعد قائمة ولا ذات أولوية. وهل عدم تحمس وتأشير الوزارة الوصية على اضافة نماذج من هذه التجارب المؤسساتية بعدد من الاقاليم، يعني أنها لم تعد تجربة جامعية مقنعة ولا منسجمة، مع ما هناك من انتظارات جديدة واصلاحات مرتقبة ترابية ذات صلة بتفعيل الجهوية المتقدمة ضمن رؤية ومستويات أكثر نجاعة واستشرافا، وأن نموذج الكليات متعددة التخصصات بالصورة والتركيبة التي أحدثت بها واشتغلت بها طيلة هذه المدة باتت متجاوزة. بل من الرأي العام من يسأل حول مصير تجارب الكليات المتعددة التخصصات التي تم إحداثها بعدد من الاقاليم مثل الناظور وتازة والعرائش وغيرها، وهل سيتم اعادة النظر في محتوياتها البيداغوجية ضمن عرض الاصلاح الجامعي المنتظر تنزيله خلال هذه السنة، بل هل سيتم اعادة النظر في بنيتها وتنظيمها وهيكلتها وهويتها ومسالكها ومواردها وحاجياتها العلمية، في أفق ما يشبه عمل مؤسسات التعليم والتكوين العالي ذات الطبيعة المهنية التخصصية التابعة أو غير التابعة للجامعات.