مسرح تازة في يومه العالمي..متاهات فراغ وحاجة لإنقاذ ما يمكن انقاذه ..

تازة بريس29 مارس 2023آخر تحديث : الخميس 30 مارس 2023 - 12:39 صباحًا
مسرح تازة في يومه العالمي..متاهات فراغ وحاجة لإنقاذ ما يمكن انقاذه ..

تازة بريس

رصيد الحركة المسرحية بتازة على امتداد فترة ستينات وسبعينات وثمانينات وتسعينات القرن الماضي، هو بقدر معبر من درجة تميز وتفرد وتراكم وايقاع واسهام وتجارب واسماء بل من عظمة ايضا اغنت بما أغنت به مشهد المسرح الوطني والمغاربي والعربي. وهو ما يجعل من ذاكرة مسرح المدينة طيلة هذه الفترة ذاكرة شامخة مشرقة رائدة، خلافا تماما لِما يطبع حاضر أب الفنون بهذه الحاضرة التي كانت دوما بفعل مسرحي قائم منتصب متألق ناطق مجدد متجدد في تيماته وتجاربه ومواسمه ومواعيده، قبل أن يفقد هذا الأخير كل توهجه وايقاعه تقريبا خلال السنوات السبع الأخيرة لأسباب عدة غير خافية عن أهل الشأن. ولعل تازة زمان المسرحية أو مسرح تازة أمس كما كان وكما تذكره الرواية وكذا النصوص والأرشيف، كان بما كان من مدرسة ونهج وتجارب وأسماء وحماس وجدل وممارسة فنية واستمرارية ومواكبة وفرجة ورسالة وتفاعل. لكون الذي كان يحرك هذا المسرح بالمدينة ومن خلاله الفن، هو المسرح وهو الفن وليس سوى المسرح والفن بعيدا عن كل ما هو ماديات. بل المسرح بقلعة تازة التاريخية فضلا عما كان عليه من هيبة وسلطة فنية وجذب ومواعيد وأسماء وصدى هنا وهناك، كان مسرحا ديناميا على عدة مستويات بل مسرحا باحثا في التراث والتاريخ والأدب والجماليات وقضايا الانسان والمجتمع الخ، ومن ثمة ما كان عليه من موقع معبر محرك للفعل الثقافي الابداعي عموما بالمدينة، لدرجة تحكمه في مشهدها العام وتربعه على اشكال فرجة من خلال لعبه دور قيادة وقاطرة رافعة لعقود من الزمن، دون نسيان ما توفر من شروط داعمة لايقاع مسرح تازة هذا من تجارب وهواجس ووعي وحراك فني رفيع وشعور بجسامة مهمة ومسؤولية رسالة أمام متتبع ومهتم ومتفرج.      

هكذا تمكنت تازة من بلوغ تجارب رائدة على أكثر من مستوى، ممثلة في فرق عدة من قبيل اللواء المسرحي، مسرح التأسيس، المسرح البلدي..، ومن ثمة عددا من الأسماء التي طبعت المرحلة وصنعت تاريخا فنيا مسرحيا محليا ووطنيا وعربيا، من قبيل الأستاذ محمد بلهيسي على سبيل الذكر وكذا الأستاذ نور الدين بنكيران والأستاذ عبد الحق بوعمر وغيرهم كثير من علامات المدينة في هذا المجال. والواقع أنه يصعب القفز على ما أسهمت به هذه الفرق على مستوى إغناء المشهد المسرحي بتازة لعقود من الزمن، بل كانت ممثلة وسفيرة لها داخل البلاد وخارجها عبر ما كانت عليه من مشاركات أثارث ما أثارث من عناية واهتمام وتنويه، وخلفت ما خلفت من بصمة وصدى وأثر هنا وهناك والأرشيف شاهد. بل يسجل للحركة المسرحية بتازة أنها كانت بدور في ابراز المدينة ثقافيا وابداعيا ومن ثمة ما حصل من تفاعل مع الجهات الوصية على الثقافة وغيرها، من خلال ما احيط به هذا المجال من تثمين ودعم ومواعيد. بل لحركة تازة المسرحة وصداها، يعود فضل احتضانها لمهرجان دولي لمسرح الطفل، والذي يسجل لمحطاته ودوراته الأولى ما كان عليه من وهج وقيمة مضافة وأثر ثقافي وفرجوي بالمدينة لسنوات، قبل يفقد هذا الموعد توازنه وقيمته وفرجته وينزل محتواه وصداه وأداءه وتدبيره الى اسفل سافلين لدرجة بات بدون معنى لدرجة مجرد هدر لمال عام.   

يبقى السؤال والحالة هذه بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، أين تازة الآن من المسرح والحركة المسرحية والمسرحيين والتجارب المسرحية والنصوص والفرجة والعروض المسرحية، وهل لا تزال هناك شروط من شأنها انتاج مسرح رافع للممارسة المسرحية وللمشهد الثقافي، ولماذا لا تزال ذاكرة مسرح تازة ترتبط بجملة أسماء في غياب ما ينبغي من ناشئة وتلاقح وتجارب حقيقة ومن جيل مسرحي جديد من شأنه إغناء هذه الذاكرة. ألم يعد مسرح تازة والحركة المسرحية بها في خبر كان بالنظر لواقعه وحاله وأحواله منذ عدة سنوات، ألم يعد مسرح تازة امام ما هناك من تراجع فرجة فضلا عن بؤس مشهد وغياب معنى،  بحاجة لاعادة تقييم وتوجيه ومن ثمة لخريطة طريق من أجل روح مسرحية جديدة وبنية وطاقة وكتابة واخراج وخشبة فنية، حتى لا نقول أن المشهد في كليته بحاجة لمراجعة شاملة واعادة بعث وتأملات مسؤولة فيما هو كائن قبل فوات الأوان.

أين مسرح تازة من نظامية ونسق فرجة وتميز وانتاج كما كان، وأين انتهى جانب مسرح تازة الأدبي الفني والابداعي، وأين انتهت كتاباته ونصوصه وعلاماته واحتفاليته، وهل حقا هناك أزمة مسرح بالمدينة وبخاصة خلال السنوات السبع العجاف الأخيرة، وهل بات جمهور مسرح تازة في خبر كان ايضا خلافا لِما كان عليه مشهد قاعات المدينة الى عهد قريب، ثم ماذا عن موارد المدينة الفنية المسرحية من امكانية تجديد وإعداد من اجل جيل جديد، وهل بات ميدان الفعل المسرحي بتازة بمتاهات لا غير لدرجة الفراغ الذي بات معه الأمر يقتضي تدخلا ما وانقاذا ما في أفق واقع ما، هنا والآن وتازة تحتفي باليوم العالمي للمسرح.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق