مروجاتي البرنوصية .. “قبح الله البلية د الزريع” في حلقتها الأخيرة 3 ..

تازة بريس26 يوليو 2024آخر تحديث : الجمعة 26 يوليو 2024 - 11:46 مساءً
مروجاتي البرنوصية .. “قبح الله البلية د الزريع” في حلقتها الأخيرة 3 ..

تازة بريس

سعيد عبد النابي

قال الآمر، وهو يرفع كفه الأيمن عاليا : اغلق باب منزلك…. ورافقنا .. صعقه الأم حقيقة، وامتلكت مجال بصره صورة تلك الكف المثقلة بهاتف نقال في حجم كتيب، ورزمة مفاتيح علقت بالخنصر، ترسخت في ذاكرته إلى اليوم، وقد خصها بقراءة متميزة، تجلت فيها الرمزيات والدلالات، يد شبح بعث من جحيم، أو قبضة عامل انتصر في ثورة الجوع، والمغاربة بالمفاتيح يتفاءلون، قد تكون فال خير عليه، لم لا؟ بعد تمكنه منه، على أساس أنه آخر رأس ساخن بالدولة، تم تطويق شرها، ومنع تهديد أفكارها، بشكمه، لينعم بعدها الكل بالهناء وراحة البال. كف السلطة، مهما لانت أو نعمت أظافرها، تبقى موسومة بالشدة، يمتدحها كلما فكر في الاستقرار والأمن اللذين ينعم بهما، مقارنة مع إخوانه في الدول المنهارة بعد الحريق العربي، أو الغريق العربي، سيان، ما يوجع الكبد والكليتين هو الظلم، لا أحد يتحمله، حرمه الله على نفسه، لا يحله سوى فاسد غبي، أو معتوه رفع عنه القلم.

رد على الأمر بسؤال تغير فيه صوته، تهدج في مقاطع كأنه اقتلع نبراته من تجاويف صدره :  أإلى السجن….؟  أرافقكم الى العمالة ولم؟ هناك ستعرف لم .. نحن أيضا سنعرف لم.. والغاية من الأمر.. سنعرفها هناك  .. الآن أغلق باب منزلك… و رافقنا… وشعري الاشعث ؟ وسروالي الرث ؟ وملابسي  الناقصة؟ أترون وقوفي أمام السيد العامل بلباس الطباخات هذا مقبولا؟ وتبادل النفر فيما بينهم نظرات، و كبتت ضحكات، لكن لا أحد منهم تكلم أو أبدى حركة، لأن الضحك يفسد هيبة المقام، وهم محسوبون على السلطة، إن قالوا لان القلب قد يصدقهم، لكن فقدان القبضة تماسكها لا يصدق..، رحم الله المتنبي .. اطمأن قلبه لما صار الحوار إشارات، اعتبر ذلك من علامات الانفراج .. وما إن دارت الساعة في العاشرة صباحا حتى وجد نفسه منساقا، عبر ردهة طويلة، بطول مضمار سباق، إلى آخر مكتب، فيه، على اليمين، بعد انتظار جاوزت مدته الساعتين، في ضيافة النفر، الذين كانوا سبعة، ثم انفضوا من حوله إتباعا، كل واحد تعلل بعلله، ليبقوه في عهدة سابعهم.

رأى فتى يسير بخفة في الردهة الطويلة، إلا أنه لم يعره اهتماما، لصغر سنه، لم يجد له مكانا في الصورة التي رسمها خياله عن الشخص الذي يمكنه تحريك الرجال السبعة. في معتقده.. على صاحب الأمر و النهي أن يكون طاعنا في السن، كجو بايدن، رجل أفنى زهرة عمره في ارتقاء السلم الإداري درجات، والشاب الذي رمقه لا تتوفر فيه هذه الشروط ، نزقه طافح على حركات تجلت عليها ألوان سعادة يحسد عليها، إن كان هو المتحكم في الرقاب السبعة، فهذا جور… هكذا خمن… لكنه لما ولج باب المكتب الأخير على يمين الردهة الطويلة بطول مضمار السباق تفاجأ به غاصا في كرسي وثير، يحركه يمينا و يسارا، كأنه ما حضر الإدارة إلا لشيئين، ليلهو قليلا ، ثم يتفرغ له فيشفي منه غليله، ـ  أسوء لحظة عند مسؤول، أيا كان، وايا كانت رتبته ، هي لحظة إخلال جاهل بتوازن، كلف بناءه سنين من العمر،ــ  ثم نقر بشكل مفاجئ خشب المكتب، برأس قلمه، وامسك عن الحركة، وهو يرنو إليه …رنوة مثقلة بالانتباه و الحرص، سائلا ..: شنو باغي تقصد من هاد الشي؟ وأشار إلى عنوان المقال، و هو يضغط على لسانه عند نطق حرف الشين، إذ مدده ـ نطق الحرف ـ بشكل ملفت .. المقال الذي افتخر بنشره أمس، على أولى صفحات الجريدة الراقية، التي ذاع صيتها و ازداد عدد قراءها بفضل إسهامات أساتذة أجلاء، .. فأحس بريقه، في حلقه، يجف..وهو يتابع باهتمام أسئلة الموظف المحترم، وهي تتوالى عليه كقذائف بني صهيون على أطفال غزة العزل، و جفاف حلقه يزداد اشتدادا، و أمعاءه ببطنه تشاطره أحزانه وتقاسمه همه وهي تسمعه قرقرتها، كأن بها مغصا.

 وهذ البنيقة ؟  شنو هي ؟ وهذ تشرئب، شنو هي ؟ وهنا تذكر أقوالا  مأثورة تنصح بالهبل، الجد مع من يجد ويكد و يجتهد، أما هذا الفتى الغر الذي لا زالت رائحة أمه لم تفارقه، لا ينفع معه سوى الهبل، لا يظنه سمع بلسان العرب، أو صاحبه ابن منظور، وأين هو من رسالة الغفران ؟ تراه بالكاد قرأ كليلة ودمنة، لأن الأطفال تستهويهم قصص الكلاب والضفادع .. التحقيق حول معاني الكلمات لن ينتهي، إنها لغة الضاد.. و ما أذراك ما لغة الضاد، كل شرح يستدرجك إلى  شرح، قد لا تكفيهم الأيام لحسم الأمر، لتباين المستويات، لذلك عاد إلى نفسه يهاجسها : هذا ليس زمن المعري، هذا زمن التعري، وعلامات الحسن التي كانت، نال منها الدهر، اجتثها القهر، رماها الى غياهب القدر .. لم يجد كرد مقنع، غير ابتسامة بلهاء تمطت بها شفتيه، مع استرسال في التوضيح: يا ودي قبح  الله البلية د الزريع … انا برنوصي … و الزريع عندي ف الدم، ايلا طلعت كلمة التدليك ..ضروري تفكر فاي كلمة بحالها ف القافية .. المماليك، البوليتيك .. لهتيك  .. وصافي انعم اسيدي… حنا مغاربة ماصلين اسيدي  محمد …حنا وربة… وما أذراك ما وربة ، وحنا اللي حرقنا الدنيا على محمد الخامس الله يرحمو…دسقسيني دبا على مقال …؟ حشومة.. واستغرق خائضا في هبله دقائق ، حتى رآى نور الانبساط يغشى أسارير وجه الموظف، رآه يزداد انبساطا كلما أوغل في شرح كلمات المقال المنشور، بتحليل مزاجه الإقناع، مؤكدا له بالأدلة و البراهين، خلوه من الشرور ..و تغير الوجه الذي كان عابسا، وحل محله آخر مبشورا .. لكنه قرر من يومها، في قرارة نفسه، الكف عن النشر، بعد أن تساوى في شدته و الحشر، و امتنع عن حضور المناسبات دائبا على صلاة الفجر ومواظبا، مع الإفراط في النوم، حتى لا يبقي بين الصلاتين حياة … لعله… يقتل.. في نفسه.. نزعة.. الكتابة، طز في الاحلام ، طز في الجوائز . و قبح الله البلية د الزيع .. شحال منم … على فاهم .. لعرق نزفم. وكي دلقي اويلي ما دكونش برنوصي ؟؟؟  ههههه وانت الزريع عندك فالدم.

جمعوي وكاتب

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق