ما مصير مشروع المركب الثقافي بتازة ؟؟

تازة بريس
عبد اللطيف جنياح
بقلب شارع مولاي يوسف قبالة قسم قضاء الأسرة بتازة، وعلى مستوى مركز المدينة الجديدة يبرز هيكل إسمنتي من طابق أرضي وآخر علوي، أغلقت أبوابه بإحكام بواسطة حواجز من الإسمنت المسلح لمنع دخول المتشردين أو تسرب الفضوليين، ظل هذا المجسم الإسمنتي يؤثث المشهد العمراني إلى جانب المرافق العمومية المجاورة منذ عقد من الزمن حتى أصبح يصنفه البعض تهكما ضمن المعالم المهترئة بالمدينة، ليس هذا الهيكل المشوه لعمران المدينة إلا جزء مما يسمى مشروع المركب الثقافي الذي انطلقت أشغال بنائه خلال أكتوبر من سنة 2016 والتي كان مقررا أن تنتهي قبل انصرام سنة 2018 إلا أنها توقفت فور إنجاز الشطر الأول منها، هذا المشروع الذي خصصت له مساحة ستة آلاف وثلاثمائة واثنين وأربعين( 6342) مترا مربعا كان من المفترض أن يضم قاعة متعددة التخصصات وقاعة للعروض ومكتبة للعموم ورواقا للفنون ومركز استقبال وإدارة متخصصة، بتكلفة إجمالية مقدرة في مبلغ 18.800.000,00 درهما، وكان من المفروض أن يشكل هذا المشروع صرحا ثقافيا لدعم الأنشطة السوسيوثقافية بالمدينة وتعزيز البنية التحتية للمرافق الثقافية بها، إلا أن ذلك ظل حلما رغم توفر كل الشروط لتحقيقه انطلاقا من تخصيص الوعاء العقاري للغاية المطلوبة، تحديدا من طرف البعثة الكاثوليكية التي يوجد مقرها بالرباط، وذلك بناء على الاتفاقية المبرمة بينها وبين المجلس الجماعي بتازة سنة 1999، التي بموجبها تم تفويت العقار من طرف تلك البعثة للجماعة الحضرية بتازة من أجل تخصيصه كمرفق ثقافي أو اجتماعي قبل أن يتم لاحقا إبرام اتفاقية بين الجماعة الحضرية بتازة والمجلس الإقليمي بها ووزارة الثقافة، التي بمقتضاها تم تحديد آليات الاشتراك والتعاون بين هاته الأطراف لإنشاء المركب الثقافي وإخراجه إلى حيز الوجود، إلا أن هاته الأطراف لم تف بالتزاماتها المنصوص عليها بالاتفاقية وبدفتر التحملات ، والتي تبقى مسؤوليتها التضامنية قائمة عن تعثر إنجاز هذا المشروع ، وفي نفس السياق يبقى المجتمع المدني مطالبا بالقيام بدوره المؤطر بالمقتضيات الدستورية والقانونية التي تعتبر منطلقا لترافعه من أجل المطالبة بضمان الحقوق الثقافية للساكنة التي تندرج ضمنها الخدمات المنتظر أداؤها بهذا المركب، وهي الحقوق المكفولة بموجب الوثيقة الدستورية والمواثيق الدولية ذات الصلة، ولعل العبء الكبير في هاته المهمة الترافعية يقع على عاتق المثقفين من أبناء تازة الذين تتجاوز مسؤوليتهم مهمة التعريف بالمدينة التي تحدث عنها مؤرخ المملكة عبد الهادي التازي في مقال منشور بمجلة الحق، فتكريس الثقافة التنظيمية هي المهمة الحديثة للمثقفين من خلال الرقي بالفعل الثقافي إلى المساهمة في بناء المجتمع المدني وتقويته وقيادته، ولهذا بات لزاما على مثقفي مدينة تازة الاصطفاف تنظيميا من أجل المطالبة بإنصاف ساكنة هاته المدينة التي ظلت لعقود طويلة تنتظر إقلاعا تنمويا حقيقيا رغم ما تزخر به من مؤهلات هامة تتمثل أساسا في موقعها الجغرافي المتميز وتراثها الثقافي والطبيعي المتنوع ومواردها الطبيعية والبشرية الهامة، فضلا عن أن هذا الترافع يستند إلى الحق في التنمية كحق من حقوق الإنسان غير قابل للتصرف والقائم على ضمان تكافؤ الفرص وفق ما تم التنصيص عليه بالإعلان عن الحق في التنمية الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 04 دجنبر 1986, وذلك للرقي بمدينة تازة إلى مصاف المدن المجاورة التي يتم إعادة تأهيلها، وحتى لا تبقى هاته المدينة تشكل الاستثناء التنموي في محيطها الجهوي والوطني. فهل ستتوفر الإرادة لدى مثقفي هاته المدينة إذ غابت إرادة سياسييها ؟
منسق الائتلاف المدني التازي