ظاهرة الغش الأكاديمي الجامعي بالمغرب بعيون الخبير ادريس الكًراوي ..

تازة بريس
ظاهرة الغش الأكاديمي لا تنمو في فراغ بل تجد تربة خصبة في واقع البحث العلمي المغربي الذي تصفه المؤشرات الدولية بالضعيف جداً، في هذا الاطار يقدم إدريس الكًراوي عضو أكاديمية المملكة لوحة فحص دقيقة وصادمة لهذا الواقع، قائلا أن هناك باحثين قلائل: فلا يتجاوز عدد الباحثين 1708 لكل مليون نسمة مع إنتاج علمي متواضع : فحصة المغرب من الإنتاج العلمي العالمي تقل عن 0.20%؛ وغياب عن التصنيفات العالمية : فلا توجد أي جامعة مغربية ضمن تصنيف شنغهاي لأفضل 1000 جامعة في العالم. ويربط الكًراوي هذه الظاهرة بأسباب أعمق، على رأسها “أزمة المدرسة” المغربية، التي أصبحت عاجزة عن إنتاج نخب علمية وكفاءات قادرة على مواكبة التحديات الكبرى. ووفقًا لعضو أكاديمية المملكة فإن تفشي ظاهرة الغش في البحث العلمي ليس معزولًا عن السياق العام، بل هو نتيجة مباشرة لهشاشة المنظومة العلمية والتعليمية في المغرب، وتغذيه أزمات بنيوية متعددة تقوّض إمكانيات إنتاج معرفة أصيلة وذات جودة. في مقدمة هذه الأزمات يضع الكًراوي أزمة المدرسة المغربية التي يرى أنها فقدت قدرتها على تكوين نخب علمية مؤهلة، ويصف وضعها بـ ”الاستحالة الموضوعية” في مواكبة تحديات البلاد وتلبية حاجيات الأوراش المهيكلة الكبرى، بعدما فقدت دورها كرافعة للارتقاء الاجتماعي كما كانت في الستينيات والسبعينيات؛ وهذا التراجع، بحسبه “يزرع الإحباط في نفوس الطلبة ويدفعهم إلى التساؤل : لماذا أبذل مجهوداً في ظل مستقبل محفوف بالبطالة وانسداد الأفق؟”.
ويضيف الكًراوي أن “الغش في البحث العلمي لا يمكن فصله عن الغش العام الذي بات سلوكًا منتشرًا في المجتمع، والمدرسة باعتبارها جزءاً من هذا المجتمع لا يمكن أن تنجو من هذا التأثير”. من جهة أخرى يؤكد الأكاديمي ذاته أن “البحث العلمي في المغرب يعاني من ضعف بنيوي على مستوى التمويل والإرادة السياسية، فالموارد المرصودة لهذا القطاع تُوصف بالضعيفة جدًا، ومساطر الولوج إليها معقدة، ما لا يشجع الطلبة الباحثين على الاجتهاد أو سلك مسارات قائمة على الإنتاج الحقيقي للمعرفة”. ويُحمّل الكًراوي جزءًا من المسؤولية لضعف الشراكة بين الجامعة ومحيطها الاقتصادي، مقابل ما تشهده دول كالصين والولايات المتحدة وتركيا من دينامية ناجحة بفضل التكامل بين الجامعة والمقاولة والدولة، كما أشار إلى “وجود تشتت مؤسسي في تدبير البحث العلمي سواء في القطاع العام أو الخاص، في ظل غياب قيادة موحدة، ما يعيق أي تدبير عقلاني للموارد ويُضعف نجاعة الابتكار”. منبها إلى أن “المغرب لم يُحسن بعد توظيف كفاءاته بالخارج، إذ تغيب سياسة عمومية فعالة لاستقطاب علماء ومفكرين مغاربة يمكن أن يكونوا رافعة حقيقية للبحث العلمي الوطني”.
هسبريس، “سوق سوداء” للأبحاث العلمية تهدد مصداقية الجامعات المغربية” 11 يوليوز