الغلوسي يجر رؤساء أحزاب سياسية للقضاء بشبهة تبديد أموال عمومية
تازة بريس
السبيل الوحيد لربط المسؤولية بالمحاسبة، هو إحالة بعض زعماء الأحزاب السياسية الذين تورطوا في اختلالات وتبديد أموال عمومية وتضارب المصالح على القضاء”. كانت هذه هي قناعة رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام محمد الغلوسي، بشأن شكاية مفصلة قدمتها جمعيته لرئاسة النيابة العامة على ضوء تقرير المجلس الأعلى للحسابات الأخير المتعلق بافتحاص مالية الأحزاب السياسية المغربية. وأماط تقرير المجلس الأعلى للحسابات الصادر الأربعاء الماضي، حول تدقيق حسابات الأحزاب المغربية وفحص صحة نفقاتها برسم الدعم العمومي للسنة المالية 2022، اللثام عن جملة من الاختلالات والصعوبات التي تواجهها مجموعة من الأحزاب بخصوص تدبير ماليتها، وهو ما يضع هذه الهيئات السياسية في موقف حرج أمام قضاة المؤسسة الدستورية.
وفي شكاية مفصلة مستندة على تقرير المجلس الأعلى للحسابات، توجهت الجمعية المغربية لحماية المال العام إلى رئاسة النيابة العامة، وبحسب شكاية الجمعية، “فإن مليون و38 ألف درهم لم يتم إرجاعها إلى الخزينة، وتتعلق باقتراع 5 أكتوبر 2021 لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين”، مشيرة إلى أن خمسة أحزاب لم تقم بإرجاع مبلغ الدعم الإجمالي، والذي يتوزع بين مبالغ دعم غير مستعملة وأخرى لم يتم تبرير صرفها بوثائق الإثبات القانونية، مما يجعل احتمال تبديدها أو اختلاسها أمرا واردا”. وأشارت الشكاية إلى أن حزب الاستقلال لم يرجع 980 ألف درهم، وحزب الحركة الشعبية لم يرجع 270 ألف درهم، وحزب الإصلاح والتنمية لم يرجع هو الآخر 120 ألف و111 درهم، ثم حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية الذي رفض إرجاع 3 آلاف و524 درهم. وبعدما كشفت الشكاية، عن عدم تقديم وثائق الإثبات القانونية بشأن تحصيل موارد ذاتية بقيمة تزيد عن 3 ملايين درهم، وقف رفاق الحقوقي محمد الغلوسي رئيس الجمعية، عند تسجيل التقرير لنقائص على مستوى تبرير تحصيل جزء من الموارد المصرح بها من طرف أربعة أحزاب. وأشارت الشكاية في هذا الصدد إلى أنه “لم يتم دعم تحصيل مبلغ إجمالي قدره 3 ملايين و84 ألف و920 درهم بوثائق الإثبات المنصوص عليها في قائمة الوثائق والمستندات المثبتة لموارد ونفقات الأحزاب المحددة في المخطط المحاسبي الموحد للأحزاب السياسية”.
أوضحت الوثيقة أن “حزب الحركة الشعبية لم يقدم وثائق الإثبات بشأن تحصيل موارد ذاتية تتعلق بواجبات الانخراط والمساهمات، بمبلغ قدره مليونين و387 ألف و20 درهم من أصل 3 ملايين و40 ألف و895 درهم، بينما حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية فلم يقدم وثائق الإثبات بشأن تحصيل موارد ذاتية بقيمة 650 ألف و875 درهم من أصل مليون و604 ألف و665 درهم، موزعة بين عائدات الأنشطة “الاتحاد بريس” (500 ألف درهم) وأكرية محصلة من شركة اتصالات المغرب (ألف و875 درهم، ومساهمات أخرى (50 ألف درهم)”، أما حزب الاتحاد الدستوري “فلم يدعم تحصيل جميع موارده الذاتية، المقدرة بقيمة 9 آلاف و650 درهم، بوثائق الإثبات القانونية”. ومما جاء في الشكاية أن حزبان قاما بتحصيل مبالغ نقدا، تقدر بما مجموعه مليونين و111 ألف درهم، عبارة عن قروض لفائدة الحزب، وهو ما اعتبر “خرقا للقانون المنظم للأحزاب، ومخالفة للسقف القانوني المنصوص عليه في القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية (المادة 40)”، ويتعلق الأمر بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي قام بأربع عمليات لاستخلاص مبالغ إجمالية نقدا بقيمة إجمالية قدرها مليوني درهم، (500 ألف درهم لكل عملية)، وحزب الشورى والاستقلال الذي قام بعدة عمليات للاستخلاص نقدا لمبلغ إجمالي قدره 111 ألف درهم.
ومن جانب آخر، لم يقم عدد من الأحزاب السياسية إلى حدود شهر دجنبر 2023 “بإرجاع مبالغ دعم غير مبررة قدرها 29 مليون و21 ألف درهم إلى الخزينة، تتوزع بين حزب الاستقلال 15 مليون و291 ألف و524 درهم، وحزب الحركة الشعبية 5 ملايين و397 ألف و80 درهم، وحزب العدالة والتنمية مليونين و891 ألف و341 درهم”. أما حزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية فلم يرجع مليون و562 ألف و962 درهم، والحزب الديمقراطي الوطني (942 ألف و193 درهم)، وحزب الإصلاح والتنمية (713 ألف و141 درهم)، وحزب المجتمع الديمقراطي (42z ألف و766 ألف درهم)”. وأضافت نفس الشكاية، أنه بخصوص الحزب المغربي الحر “فلا زالت بذمته 396 ألف و767 درهم، وحزب الخضر المغربي (344 ألف و44 درهم)، وحزب الأصالة والمعاصرة (310 ألف و158 درهم)، وحزب العهد الديمقراطي (240 ألف درهم)، وحزب الأمل (146 ألف و428 درهم)”. وخلصت الوثيقة إلى أن “حزب جبهة القوى الديمقراطية بدوره لم يرجع 142 ألف و144 درهم، وحزب البيئة والتنمية المستدامة 140 ألف و900 درهم، وحزب الوحدة والديمقراطية 125 ألف و921 درهم، إضافة إلى حزب الإنصاف 66 ألف و34 درهم، وحزب النهضة 366 ألف و15 درهم، وحزب النهضة والفضيلة 610 ألف و38 درهم”.
وقال محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام لموقع “لكم” إن المرجعية الأخلاقية في العمل الحزبي والسياسي، تفرض على الأحزاب السياسية التي لكل الممارسات المشينة والتي تضر بأخلاقيات العمل السياسي. وطالب الغلوسي تدخل النيابة العامة من أجل فتح بحث قضائي، وترتيب الجزاءات والمسؤوليات على ضوء تقرير المجلس الأعلى للحسابات. وعلى غير عادة، هاجم الكاتب الأولى، لحزب الاتحاد الاشتراكي، إدريس لشكر، المجلس الأعلى للحسابات، مباشرة بعد كشف هذا الأخير لقيام لشكر تحويل قرابة 200 مليون سنتيم، لصالح شركة استشارات تم تأسيسها لهذا الغرض وخُصص لها مقر جديد في منطقة عين عودة ضواحي الرباط، يُديرها نجله الحسن لشكر، رفقة مقربيه. وربط لشكر تقرير المجلس الأعلى للحسابات بـ”التشويش على ملتمس الرقابة” من خلال إطلاق العنان للاتهامات الباطلة والتهييج الإعلامي وإلهاء الرأي العام. وقال لشكر: “كل محاولة للاصطياد في الماء العكر نُجيب عنها بأننا في دولة القانون والمؤسسات وأنه لا جريمة إلا بنص وأي تقرير كيفما كان وأقولها بكل مسؤولية حتى لا تتحول هيئات الحكامة إلى هيئات للتحكم”.
من جانبه، رفض حزب العدالة والتنمية ما ورد في تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول تدقيق حسابات الأحزاب السياسية بخصوص طرق صرف الدعم العمومي الخاص بإنجاز المهام والدراسات، بشأن قيام الحزب بأداء نفقة من هذا الدعم لفائدة الوزير الأسبق والقيادي بالحزب مصطفى الخلفي، واصفا ما جاء في التقرير بهذا الخصوص بالمجانب للصواب والمسيئ، نافيا صحة المعلومات الواردة به. وعبرت الأمانة العامة لحزب “المصباح”، عن استغرابها كون المجلس الأعلى للحسابات، أصبح يركز ويختزل ملف تدعيم وحماية مبادئ وقيم الحكامة الجيدة والشفافية والمحاسبة، بالنسبة للدولة والأجهزة العمومية، في علاقته بالأحزاب السياسية وبالمنتخبين، دون غيرهم من المسؤولين المعينين على مستوى السلطات المركزية والترابية ومختلف الإدارات والمؤسسات والأجهزة العمومية. أما حزب “الجرار” نشر بلاغ توضيحي، يرد فيه على المجلس الأعلى للحسابات، ويُوضح فيه استفادة مركز دراسات من مبلغ الدعم المخصص للأصالة والمعاصرة، بعدما أشار تقرير العدوي إلى “اختلالات” في صرف الدعم المذكور. وأوضح أنه “من الطبيعي أن إسناد إنجاز الدراسات لهذا المركز الذي يتوفر على موارده البشرية، وعند الحاجة يمكنه اللجوء إلى الاستعانة بخبرات من خارج الحزب عبر المساطر القانونية”.
عن جريدة لكم / 8 مارس2024