تازة: احتفاء بتجربة فنية مستحقة لكل انصات هادئ وقراءات ورصانة موعد
تازة بريس
بعد عمل شعري أول له منذ عدة سنوات، يطل الفنان محمد شهيد على ذاته ومحيطه وعالمه من جديد بعمل شعري جديد موسوم ب”أركيولوحي”، عبر جملة احالات بدرجة جدل وتموج سؤال وزمن وثقافة وتقاليد واصول ونشأة. ولعل عمله الشعري هذا الذي صدر ضمن منشورات دار عبودة برانت للطباعة والنشر، يعزز ما هناك من اسهامات ابداعية ومساحات شعر واسماء وخزانة ابداع أدبي بالمدينة.
ولعل محمد شهيد فنان تشكيلي عصامي وأحد كائنات عالم دوائر وكتل ومساحات وألوان ورسومات وخطوط وريشة..،. هو من مواليد مدينة دبدو الغنية بذاكرتها وزخمها الانسي التعايشي، الا أنه عاش معظم حياته بتازة التي احتضنها واحتضنته، ولعله بذات مبدعة ومخزون فني وروح تعبيرية خاصة. وأحد من علامات الصورة والتعبير البصري التي تدافعت وترافعت في صمت، واعطت الكثير لعقود من الزمن رفقة أسماء عدة أثثت علم التشكيل بالمدينة منذ تسعينات القرن الماضي، باعتبارها فترة ذهبية من من زمن المدينة الثقافي الفني والجمالي، بحسب تقدير كثير من الفاعلين والمهتمين والمتتبعين والمثقفين. وكانت جمعية العبور للفنون التشكيلية التي رأت النور آنذاك، بيته الفنان محمد شهيد الأول الذي حضن واحتضن معظم تفاعلاته واسهاماته وانتاجاته الفنية، بل هو مؤسس هذا الاطار الجمعوي الفني التشكيلي الذي تحفظ له تازة جملة مواعيد واسهامات، فضلا عن كونه عضوا في نقابة التشكيليين المغاربة.
يسجل لخط تحرير محمد شهيد الفني، كونه جمع بين نهج فني خاص وما ارتآه من تأمل طبع تجربته ومساره وعالمه وحواره مع الذات والآخر من حياة ومحيط وقضايا وانسان. فضلا عن رصانة فعل وتفاعل وما كان عليه من سؤال وتقاسم معنى هنا وهناك بتازة وداخل المغرب وخارجه، عبر معارض بمدن مغربية عدة ومعرض ذات يوم ببلدية وهران بالجزائر. ناهيك عن حضور بملتقيات وطنية عدة من قبيل ملتقى تازة للشعر والأغنية وملتقى الصداقة الوطني الأول للإبداع الشعري بمكناس والمهرجان الأول والثاني للثقافة والإبداع بتازة و مهرجان الجهة الأول للثقافة والإبداع بالحسيمة وغيرها. وغير خاف عن رفاق درب الفنان محمد شهيد، ما يتملكه من حس ونبض شعري بقدر معبر من تميز ووزن وايقاع موازاة مع تيمته الأصل “التشكيل”، حيث فاز بالجائزة الأولى في المهرجان الدولي السادس للشعر بالدار البيضاء.
تجربة الفنان محمد شهيد ومساره الفني، ارتأتها منشورات عبودة برانت ومعها بعض مكونات المدينة الجمعوية وفعالياتها المبدعة، مساحة احتفاء وتأمل وحضن ورسالة عرفان وجميل. وعيا بما كان لهذا الاسم من وقع إغناء لحقل الثقافة بالمدينة عموما ولمجال حركة التشكيل بها خاصة فضلا عن روح شعر. ولعل بقدر ما احتفاء تازة بهذه العلامة الفنية هو تثمين لموارد ورأسمال المدينة الثقافي من سينما وأدب وشعر وزجل وتشكيل وفلكلور وتعبير فني شعبي تراثي وغيره، بقدر ما هو احتفاء بذاكرة ثقافية محلية شامخة في كل تجلياتها واهتماماتها ودروبها وشخوصها على امتداد عقود من الزمن، بل يسجل ما لبادرة هذا الاحتفاء من ترسيخ لقيم وسلوك وثقافة وروح اعتراف، لرفع ما ينبغي من منسوب عطاء وسمو روح واجتهاد وبذل وتلاقح ومن ثمة من تعاون وتآزر وحب ووفاء فني إنسي بالمدينة. ويسجل للجهة المنظمة هذه الالتفاتة النبيلة صوب اسم بتجربة مستحقة لكل انصات هادئ وقراءات وتأمل هادف ورصانة موعد.