أين اختفى ايقاع ومشهد وفرجة مسرح تازة الذي كان الى عهد قريب ..

تازة بريس12 أبريل 2023آخر تحديث : الأربعاء 12 أبريل 2023 - 3:50 مساءً
أين اختفى ايقاع ومشهد وفرجة مسرح تازة الذي كان الى عهد قريب ..

تازة بريس

اين اختفى ايقاع مسرح تازة الذي طبع فترة ستينات وسبعينات وثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ذلك الذي كان  بقدر معبر من درجة تميز وتفرد وتراكم وايقاع واسهام وتجارب وأسماء بل من عظمة بصمات اغنت بما أغنت به مشهد مسرح. وهو ما يجعل من ذاكرة مسرح المدينة طيلة هذه الفترة ذاكرة شامخة خلافا لِما يطبع زمن حاضر أب الفنون بهذه الحاضرة، التي كانت دوما بفعل مسرحي متألق ناطق مجدد متجدد في تيماته وتجاربه ومواسمه ومواعيده، قبل أن يفقد هذا الأخير كل توهج وايقاع تقريبا خلال السنوات الأخيرة لدرجة بات مجالا ومسرحا منكوبا لأسباب عدة غير خافية عن أهل الشأن. ولعل تازة المسرحية بالأمس كما كانت وكما يذكرها الأرشيف، كانت بما كانت من مدرسة ونهج وتجارب وحماس وجدل فني وفرجة ورسالة وقضية وخطاب. لا لشيء الا لكون الذي كان يحرك مسرح المدينة هذا ومن خلاله الثقافة والفن والابداع عموما ، هو المسرح وهو الفن وهو الابداع وليس سوى المسرح والفن والابداع لا غير. بل المسرح بقلعة تازة فضلا عما كان عليه من هيبة وسلطة فنية وجذب ومواعيد وأسماء وصدى هنا وهناك، كان مسرحا ديناميا على عدة مستويات بل مسرحا باحثا في التراث والتاريخ والأدب والجماليات وقضايا الانسان والراهن والمجتمع الخ، ومن ثمة ما كان عليه من موقع معبر محرك للفعل الثقافي عموما بالمدينة، لدرجة تحكمه في مشهدها العام وتربعه على اشكال فرجة من خلال دور قيادة وقاطرة رافعة لعقود من الزمن، دون نسيان ما توفر من شروط داعمة لايقاع هذا المسرح من تجارب ووعي فني رفيع وشعور بجسامة مهمة ومسؤولية رسالة، أمام متتبع ومهتم وجمهور.     

هكذا تمكنت تازة من بلوغ تجارب بنوع من البصمة على أكثر من مستوى، ممثلة في فرق عدة ذات مكانة في ذاكرة المدينة المسرحية ، من قبيل فرقة اللواء المسرحي ثم فرقة مسرح التأسيس ثم فرقة المسرح البلدي..، ومن ثمة عددا من الأسماء التي طبعت المرحلة وصنعت تاريخا فنيا مسرحيا محليا، من قبيل على سبيل الذكر الأستاذ محمد بلهيسي وكذا الأستاذ نور الدين بنكيران والأستاذ عبد الحق بوعمر وغيرهم كثير من علامات المدينة في هذا المجال. والواقع أنه يصعب القفز على ما أسهمت به هذه الفرق على مستوى إغناء المشهد المسرحي بتازة لعقود من الزمن، بل كانت ممثلة وسفيرة لها داخل البلاد وخارجها عبر ما كانت عليه من مشاركات أثارث ما أثارث من عناية واهتمام، وخلفت ما خلفت من بصمة وصدى وأثر هنا وهناك والأرشيف شاهد. بل يسجل للحركة المسرحية بتازة أنها كانت بدور في ابراز المدينة ثقافيا وابداعيا ومن ثمة ما حصل من تفاعل مع الجهات الوصية على الثقافة وغيرها، من خلال ما احيط به هذا المجال من تثمين ودعم ومواعيد. بل لحركة تازة المسرحة وصداها، يعود فضل احتضانها لمهرجان دولي لمسرح الطفل، والذي يسجل لمحطاته ودوراته الأولى ما كان عليه من وهج وقيمة مضافة وأثر ثقافي وفرجوي بالمدينة لسنوات، قبل يفقد هذا الموعد توازنه وقيمته وفرجته وينزل محتواه وصداه وأداءه وتدبيره الى اسفل سافلين لدرجة بات بدون معنى لدرجة مجرد هدر لمال عام.   

يبقى السؤال والحالة هذه أين تازة الآن من المسرح والحركة المسرحية والمسرحيين والتجارب المسرحية والنصوص والفرجة والعروض المسرحية بعد ما يلاحظ منذ سنوات من واقع ومشهد مسرحي شبه منكوب، وهل لا تزال هناك شروط من شأنها انتاج مسرح رافع للممارسة المسرحية ضمن المشهد الثقافي سواء المحلي منه أول الوطني. وبعيدا عما هو ذاكرة وبكاء على الاطلال اين ما ينبغي من ناشئة وتلاقح وتجارب حقيقة ومن جيل مسرحي جديد من شأنه رفع المشعل وإغناء الذاكرة. ألم يعد مسرح تازة والحركة المسرحية بها بصوت خافت غير مسموع، لدرجة بات هذا المسرح في خبر كان بالنظر لواقعه وحاله وأحواله منذ عدة سنوات، ألم يعد مسرح تازة أمام ما هناك من تراجع فرجة فضلا عن بؤس مشهد وغياب معنى،  بحاجة لاعادة تقييم وتوجيه ومن ثمة لخريطة طريق من أجل روح مسرحية جديدة وبنية وطاقة وكتابة واخراج وخشبة، حتى لا نقول أن المشهد في كليته بحاجة لمراجعة شاملة واعادة بعث وتأملات فيما هو كائن قبل فوات الأوان.

أين مسرح تازة من نسق فرجة وتميز وانتاج كما كان، وأين انتهى مسرح تازة الأدبي الفني والابداعي، وأين انتهت كتاباته ونصوصه وعلاماته وحتى احتفاليته، وهل حقا هناك أزمة مسرح بالمدينة وبخاصة خلال السنوات العجاف الأخيرة غير الخافية، وهل بات جمهور مسرح تازة في خبر كان ايضا خلافا لِما كان عليه مشهد قاعات المدينة الى عهد قريب، ثم ماذا عن موارد المدينة الفنية المسرحية من امكانية تجديد وإعداد من اجل جيل جديد، وهل بات ميدان الفعل المسرحي بتازة بمتاهات لا غير لدرجة فراغ معبر وخربشات هنا وهناك بات معها الأمر يقتضي تدخلا ما وانقاذا ما في أفق واقع منشود ما.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق