الوحدة الترابية للمغرب بعيون جامعيين أكاديميين متميزين في ندوة بالرباط ..

تازة بريس
بشراكة مع قطاع الثقافة وبتعاون مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بجامعة محمد الخامس بالرباط، نظمت مؤسسة فكر للتنمية والثقافة الخميس الماضي 4 دجنبر الجاري، ندوة وطنية تحت عنوان: “الوحدة الترابية للمغرب بعيون أكاديمية : قصة نجاحات وآفاق الحل السياسي”. بمساهمة وتأطير وقراءة ومقاربة ورؤية لثلة من الباحثين والخبراء في قضايا الأقاليم الجنوبية الصحراوية.
وبعد كلمات افتتاحية بالمناسبة لعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي، وكلمة لرئيس مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم محمد الدرويش، توزعت مداخلات الباحثين على جلستين علميتين، الأولى منهما تمحورت حول التاريخ والدبلوماسية والتحولات وقد أدارها نائب عميد الكلية وافتتحها محمد الشيخ بيد الله الذي روى تجربة شخصية حول الوضع في الأقاليم الجنوبية عشية المسيرة الخضراء، مؤكداً أن الاستعمار الإسباني كان “استعماراً بعيداً بأزمة أندلسية ممتدة”، وأن المسيرة الخضراء جاءت في سياق صعب طبعته القيود والقمع الممنهج. وفي مداخلة حول “الدبلوماسية الملكية وترسيخ السيادة والوحدة الترابية”، ركّز عذ. بد النبي صبري على تلازم قرار محكمة العدل الدولية وخطاب الملك الراحل الحسن الثاني، ثم القرار الأممي الأخير وخطاب الملك محمد السادس. واعتبر أن التحولات الدبلوماسية تؤكد أن جوهر النزاع صراع نفوذ وجيواستراتيجيا مرتبط بالمحيط الأطلسي، مشيراً إلى أن مصادقة المغرب على ترسيم حدوده البحرية كانت خطوة لقطع الطريق أمام الأطماع الخارجية. من جانبه قدم ذ. محمد زكرياء أبو ذهب قراءة بعنوان “ما بعد 31 أكتوبر: الخطوات المقبلة لحل النزاع المفتعل”، أكد فيها أن المعركة لم تُحسم بعد، مستحضراً استمرار المناورات. وأشار إلى أن شمولية وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية لجهة كلميم واد نون قد تكون مؤشراً على توسيع نطاق الحكم الذاتي مستقبلاً. وشدد على أن المرحلة المقبلة تتطلب تقريب المواطن من مفهوم الحكم الذاتي، وأن الخطوة الحاسمة القادمة تتعلق بإخراج “البوليساريو” من الاتحاد الإفريقي وفق مقتضيات معاهدة مونتيفيديو. أما ذ. حفيظ أدمينو، فقد تناول “الحكم الذاتي ومسارات التنزيل”، موضحاً أنه صيغة سياسية قبل أن تكون إدارية، وأن ورش الجهوية المتقدمة بالمغرب يُعِدّ الأرضية المثلى لتنزيله كحل دائم. فضلا عن مداخلة ثالثة لـ ذة مليكة الزخنيني حول “القرار 2797: آفاق الحل وحدود التأويل”، معتبرة القرار الأممي نقطة تحول في مقاربة الأمم المتحدة للنزاع، وأن فعاليته مرهونة بالاستثمار العلمي والسياسي لخدمة القضية الوطنية.
وفي جلسة ثانية موسومة ب: القانون والدستور والجيوسياسة وقد ادارها ذ. عمر العسري، واستهلها محمد سيباويه الخبير في المخطوطات الصحراوية، بمداخلة اكد فيها على أن التاريخ يشكّل أكبر مدافع عن القضية الوطنية، عارضاً وثائق تاريخية تبرز الارتباط العميق بين المغرب وأقاليمه الجنوبية، ومنها أحكام صادرة باسم السلطان ووثائق البيعة. من جهتها ركزت ذة آمال بن إبراهيم على ضرورة بناء هندسة مؤسساتية للحكم الذاتي قائمة على التوفيق بين الجهة والمركز، معتبرة أن المبادرة المغربية تُجسّد نموذجاً يجمع بين الوحدة والتعدد، ودعت إلى منح الحكم الذاتي طابعاً دستورياً وخلق توازن في التمثيلية. أما ذ. هشام برجاوي القرار الأممي 2797، موضحاً أنه مرّ بثلاث مراحل أساسية: اعتبار مبادرة الحكم الذاتي خطوة جدية، ثم الاعتراف بواقعيتها، وصولاً إلى اعتبارها أساساً وحيداً للتفاوض. وأكد أن هذا التطور أنهى الالتباس في مواقف عدد من الدول وأن أي طرح خارج إطار القرار الأممي يخرج عن الشرعية الدولية. فيما عرض ذ. نذير المومني للعلاقة بين الحكم الذاتي والقانون الدستوري للجماعات الترابية، معتبراً أن قواعد التنظيم الترابي في الدستور تشكّل إطاراً معيارياً لتطوير مبادرة الحكم الذاتي. وركّز على ضرورة التفريق بين الحكم الذاتي والفيدرالية، مؤكداً أن الحكم الذاتي سيكون حلاً نهائياً تحت السيادة المغربية، ومبرزاً أهمية استثمار الفصول الدستورية 136 و140 و141. أما ذ. محسن ادالي فقد توجه في مداخلته لقراءة بنية الخطاب الدبلوماسي المغربي، مبرزاً التحول الكبير الذي قاده الملك محمد السادس ليصبح الخطاب أكثر وضوحاً وحزماً، مشدداً على ضرورة تبسيط الخطاب لفائدة الأجيال الصاعدة. أما ذ. عبد العالي حمي الدين فقد ناقش في مداخلته القانونية والجيوستراتيجية القرار الأممي 2797، مؤكدا أن مبادرة الحكم الذاتي أصبحت أرضية أممية معترفاً بها دولياً، وأن الحل لن يكون عبر الاستفتاء بل عبر المفاوضات. محددا ثلاث تحديات رئيسية: تجديد الخطاب السياسي والإعلامي لكسب القلوب، تأهيل الفضاء الجهوي، وتهيئة مرحلة ما بعد الحل من خلال الإدماج البيداغوجي. بينما أبرز ذ. محمد حومالك أهمية الرؤية الاستراتيجية التي يعتمدها المغرب في تدبير القضية الوطنية، معتبراً الجمع بين البعد الدبلوماسي والبعد التنموي يشكل خياراً حاسماً لتعزيز السيادة على الأقاليم الجنوبية، وأن هذا التوجه المتكامل أفضى إلى نتائج إيجابية ملموسة.












