المغرب عاصمة الثلج غير المتوقعة في حوض المتوسط بحسب التوقعات ..

تازة بريس
في مفارقة مناخية لافتة، تشير أحدث التوقعات الجوية إلى أن مناطق من المغرب قد تسجل خلال الأيام المقبلة تراكمات ثلجية تفوق تلك المرتقبة في أي بلد أوروبي، في حدث غير اعتيادي في مثل هذا التوقيت من السنة. وحسب تحليلات خبراء الأرصاد فإن توالي منخفضات جوية محمّلة بكتل هوائية باردة قادمة من عرضيات منخفضة، سيجعل سلاسل جبال الأطلس في صدارة المناطق الأكثر استقبالاً للثلوج ما بين 13 و17 دجنبر الجاري، متقدمة حتى على مناطق الألب الأوروبية التي تشتهر تاريخياً بغزارة تساقطاتها الثلجية. ويُعزى هذا الوضع الاستثنائي إلى تحرك منخفضات جوية مصحوبة بهواء بارد نحو مناطق جنوبية غير معتادة على استقبال هذا النوع من الأنظمة الجوية بكثافة.
أولى هذه المنخفضات، المعروفة باسم “إميليا”، ستؤثر بين 13 و14 دجنبر على المرتفعات المتوسطة والعليا للأطلس، قبل أن تتبعها موجة ثانية أكثر برودة بين 16 و17 من الشهر ذاته. وهذه “الضربات الباردة” المتتالية قد ترفع سماكة الغطاء الثلجي في بعض مناطق الأطلس إلى أكثر من متر واحد، وفق التوقعات الرقمية المعتمدة على نماذج المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى. وتلعب تضاريس الأطلس دوراً محورياً في هذا السيناريو، إذ يتجاوز ارتفاع بعض قممه 4 آلاف متر، ما يعزز ما يُعرف بـ“التضخيم الأوروجرافي”، حيث تُجبر الكتل الهوائية الرطبة على الارتفاع، فتتكاثف وتُنتج تساقطات قوية، خصوصاً على شكل ثلوج. ويجعل هذا العامل الجغرافي المرتفعات المغربية مؤهلة لتسجيل تراكمات استثنائية، في وقت ستقتصر فيه الثلوج بأوروبا على نطاقات أضيق وبكميات أقل نسبياً.
وتظهر مؤشرات الندرة المناخية (EFI) أن ما هو متوقع خلال يومي 13 و16 دجنبر يصنف ضمن الظواهر النادرة جداً من حيث شدة وكثافة الثلوج في شمال إفريقيا، وهو ما يعكس حجم الاضطراب في الأنماط الجوية المعتادة. ورغم أهمية هذه التساقطات في تعزيز الموارد المائية وتغذية الفرشات الجوفية، إلا أن الوجه الآخر لهذه الظاهرة يتمثل في مخاطر الفيضانات المفاجئة بالمناطق المنخفضة، خاصة مع ذوبان الثلوج لاحقاً أو تزامنها مع أمطار غزيرة. في المقابل، ستبقى المناطق الصحراوية المنخفضة بعيدة عن التأثيرات المباشرة، حيث يُتوقع أن تظل التساقطات فيها محدودة. ويعيد هذا الحدث يعيد تسليط الضوء على الدور المناخي الفريد للمغرب، الواقع عند تقاطع التأثيرات الأطلسية والمتوسطية والصحراوية، ما يجعله مسرحاً لظواهر جوية متطرفة وغير متوقعة. وبينما تستعد أوروبا لموسم شتاء اعتيادي، قد يجد المغرب نفسه، لعدة أيام على الأقل، عاصمة الثلج غير المتوقعة في حوض المتوسط.












