التنوع البيولوجي والتوطين ب”واد بوحلو”موضوع لقاء علمي تنموي ترابي بتازة ..

تازة بريس 

عبد السلام انويكًة

على مستوى الأطراف الشمالية لجبال الأطلس المتوسط غربا غير بعيد عن ممر تازة الشهير، هناك الجماعة الترابية “بوحلو” نسبة لواد بوحلو الذي يسكن / يجري بالمنطقة وقد طبعها بما طبعها من خصوصية ومشهد ومنظر وموارد مائية. ولعل بقدر ما يحتويه ويحتضنه واد بوحلو من تنوع بيولوجي متفرد، جامع بين نباتات وأحياء مائية نادرة وطيور مهاجرة فضلا عن مناطق رطبة شكلت مصدر حياة الانسان بالمنطقة منذ القدم، بقدر ما يواجه هذا التنوع البيولوجي وهذا الكنز الطبيعي من تدهور بيئي بسبب التلوث وإزالة الغطاء النباتي فضلا عن الاستغلال المفرط للتربة والمياه والنبات. وعليه، ما هناك من حاجة ملحة لترميم مواطن الطبيعة بالمنطقة وإعادة تأهيل بيئة توالد الأنواع المحلية وتحسين جودة المياه وتعزيز مرونة النظام البيئي، فضلا عن اشراك الساكنة المحلية في حماية بيئتها من خلال تدخلات وأنشطة عملية مستدامة، وكذا إعادة تأهيل ضفاف واد بوحلو وغرس النباتات ذات الخصوصية المحلية، وإعداد دراسات علمية حول ما هناك من أنواع بيولوجية مهددة بالانقراض. مع أيضا توسيع عمليات التحسيس والتوعية والتعبئة في الأوساط المدرسية المحلية، وإعداد ملف لتصنيف المنطقة كموقع طبيعي وفق القانون المنظم.

من أجل هذا وذاك من التطلعات لفائدة المنطقة ومن خلالها واد بوحلو (إقليم تازة) ولاستعادة وتأهيل مواطن التنوع البيولوجي فيه، تستضيف مدينة تازة من خلال جمعية أساتذة علوم الحياة والأرض فرع تازة AESVT ، لقاء علميا بيئيا تواصليا بقدر كبير من الأهمية التنموية الترابية. موعد علمي تنويري تواصلي مزمع عقده يوم 20 أكتوبر الجاري بقاعة الندوات بغرفة التجارة والصناعة والخدمات بتازة، ويخص مجال التاريخ الطبيعي والتراث الايكولوجي والبيولوجي، الذي يدخل بدوره ضمن مشروع استعادة الأراضي الرطبة بشمال افريقيا لتحسين الأمن المائي والغذائي، وهو ما يقوده الصندوق العالمي للطبيعة / منطقة البحر المتوسط وشمال افريقيا. ويسجل أن موعد تازة العلمي البيئي التواصلي التنموي الترابي هذا، يقوم على تنسيق وتدبير المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بمراكش MHNM ومعه مركز البحث العلمي بجامعة القاضي عياض بمراكش. وكما سبقت الإشارة يتوجه مشروع استعادة تأهيل مواطن التنوع البيولوجي بالعناية لـ “واد بوحلو” التابع للحوض المائي سبو، علما أن واد بوحلو يعد موقعا ومحيطا رئيسيا معترفا به للتنوع البيولوجي بالمنطقة، ولايواء نوع من المحار الكبير المستوطن بالمغرب. Pseudunio marocanus = Margaritifera marocana وهو المحار المهدد بالانقراض ضمن مائة نوع مهدد بالعالم.

في هذا الاطار يأتي مشروع استعادة تأهيل مواطن التنوع البيولوجي بواد بوحلو، وفي هذا الاطار تأتي هذه الندوة العلمية وهذا الموعد التنويري البيئي العملي، لتسليط الضوء على هذا النوع من المحار الكبير المستوطن للمنطقة، واستخدامه لتطوير حلول قائمة على الطبيعة من اجل استعادة الأوساط البيئية والتخفيف من الأخطار والتهديدات المستهدفة لهذا النوع ولباقي الأنواع المستوطنة الأخرى، من قبيل “ذوات الصدفتين” المهددة بالانقراض فضلا عن سمكة Luciobarbus Mghrebenisالمستوطنة في حوض سبو. ولعل إعداد هذا المشروع ذو الأهمية الايكولوجية والبيولوجية والذي يستهدف بيئة واد بوحلو، جاء في اطار مقاربة تشاركية ولقاء أول في الفترة ما بين 9 و11 ماي الأخير بكل من مدينة تازة والجماعة الترابية لغياتة الغربية (بوحلو)، وهو اللقاء الذي جمع عددا من الباحثين المتخصصين لمناقشة وتنسيق إجراءات التنفيذ لبلوغ الهدف العام من المشروع، ويتعلق الأمر أساسا باستعادة وتعزيز منطقة التنوع البيولوجي في واد بوحلو، الذي يعد جزء من المنتزه الوطني لتازكة.

وعن المنشود من المشروع على ارض الواقع، من المفيد الإشارة الى أنه يروم جملة أهداف عملية تقوم على أربع محاور كبرى وأساسية. أولا تنظيف واد بوحلو واستعادة الشريط النهري من خلال حلول قائمة على الطبيعة، وبقدر ما تتأسس هذه عملية التنظيف على حملتين بمساهمة الساكنة المحلية، بقدر ما تستهدف غرس وتأهيل واستعادة 1 كلم من الشريط النهري للواد المعني موطن الأنواع البيولوجية المذكورة، فضلا عن انشاء خمسة مناطق لتفريخ الأسماك وتركيب وغرس منطقتين بأشجار القصب عند تصريف المياه المستعملة، مع عملية تحليل جودة المياه وتتبعها. أما المحور الثاني من المشروع فهو يخص تهيئة منطقة استراحة فضلا عن وضع علامات على المسار، مع إعداد دفتر الشروط والمواصفات الخاصة بعملية التهيئة، والتي تشمل إحداث منتزه بيئي إضافة الى وضع نصب اشهاري بموقع بوحلو الطبيعي، وطباعة 10 ملصقات كبيرة حاملة للمؤهلات الطبيعية والثقافية وكذا التنوع البيولوجي لهذا الموقع. وهو الورش الذي سيتم تعزيزه بتوقيع اتفاقية شراكة بين جمعية أساتدة علوم الحياة والأرض فرع تازة والجهات الوصية على إدارة المنتزه الوطني لتازكا، لتعزيز المسار السياحي البيئي على مستوى محيط هذا المنتزه. فيما يتوجه المحور الثالث من الأنشطة المنشودة من المشروع، للاشتغال على العنصر البشري تحديدا توعية السكان المحليين ومعهم المسؤولين والمنتخبين، لإشراكهم في حفظ التنوع البيولوجي المستوطن بالمنطقة والمهدد على مستوى واد بوحلو. وتقوم عملية التحسيس هذه على ثلاثة ورشات هامة، يتعلق الأمر هنا بورشة مستعملي مياه الواد وورشة الجمهور المدرسي ثم ورشة الشركاء الإداريين والمنتخبين المحليين. هذا فضلا عن انشاء ستة أندية بيئية بالمؤسسات التعليمية التابعة للجماعة الترابية “بوحلو، من اجل تطوير وتوجيه الأنشطة التربوية حول موقع ومجال التنوع البيولوجي المستهدف. وفي محور رابع من أنشطة المشروع المنشودة، سيتم الاشتغال على إعداد وتقديم ملف تصنيف منطقة التنوع البيولوجي “بوحلو”، وفق نص القانون 07/ 22 الخاص بالمناطق المحمية بالمغرب. وسيقوم ملف التصنيف هذا على ثلاث خطوات، أولا اجراء ثلاث بعثات علمية لتحديث البيانات حول الأنواع البيولوجية المستهدفة (المحارات، الأسماك ..)، من خلال مساهمة ومتابعة باحثين متخصصين على امتداد ثلاثة أشهر. أما الخطوة الثانية فتهم تنظيم ورشتين الأولى تنسيقية تخص جمع البيانات الضرورية لملف التصنيف، أما الثانية فهي تقويمية تخص التحقق من الملف الذي أعده الخبير ، لتبقى الخطوة الثالثة هي عملية تقديم ملف التصنيف للوكالة الوطنية للمياه والغابات.

يذكر أن الشركاء المؤسسون لمشروع استعادة تأهيل مواطن التنوع البيولوجي المستوطن في واد بوحلو، هم جمعية أساتذة علوم الحياة والأرض فرع تازة، المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بمراكش، جامعة القاضي عياض بمراكش، ثم الصندوق العالمي للطبيعة الخاص بالبحر المتوسط وشمال افريقيا. وأن برنامج لقاء تازة حول التنوع البيولوجي بواد بوحلو، يتوزع على حفل افتتاح بحضور يضم السلطات المحلية والمنتخبين والشركاء والباحثين عن عدة مؤسسات وجهات معنية. هذا قبل عرض الخطوط العريضة للمشروع لإبراز مقارباته وأهدافه المنشودة، فضلا عن مداخلات ونقاش علمي ومساهمات خبراء في المجال حول طبيعة هذا التنوع البيولوجي، قبل الانتقال الى الميدان لاحقا وانخراط الأطراف المعنية محليا لتنزيل ورش المشروع على ارض الواقع. جدير بالإشارة ختاما الى أن من شركاء المشروع، هناك مختبر التاريخ الطبيعي بمراكش، والذي يقوم بدور هام على مستوى حفظ الدراسات الخاصة بالتنوع البيولوجي والتراث الطبيعي الوطني، بناء على بنيات بحث وخبرات علمية، فضلا عما يساهم به هذا المختبر حول الكشف عما يهدد البيئة ضمن الاستراتيجيات الوطنية والتنمية المستدامة. وهو أيضا وعاء للتكوين والتأطير من خلال اصطحاب الطلبة الباحثين ومعهم باقي العموم، للوعي بالغنى الطبيعي الوطني وتثمينه، ومن ثمة ما هو عليه من مكانة وخدمة للمجتمع وللبحث العلمي. 

مركز ابن بري للدراسات والأبحاث وحماية التراث