تازة: تهيئة أم ضربة أخيرة قاضية لِما تبقى من ذاكرة المسبح البلدي وهويته
تازة بريس
عبد السلام انويكًة
بغلاف مالي بلغ أزيد من ثمانية ملايين درهم، أعلن مجلس جهة فاس- مكناس قبل حوالي ستة أشهر عن تبنيه مشروع إعادة تهيئة مسبح تازة البلدي، وقيل فيما تم ترويجه هنا وهناك أن مدة إنجاز هذه التهيئة هي اثنا عشرة شهرا، ما يعني أن الانتهاء من العملية عموما سيكون كاملا متكاملا جاهزا مع نهاية عام 2023 . وبقدر ما خلفه الخبر والوعد والمبادرة وقرار مجلس الجهة هذا من ارتياح لدى ساكنة تازة ومجتمعها المدني الرياضي، وعيا بما لهذه المعلمة والمنشأة الرياضية والسياحية وهذا المتنفس الترفيهي من أهمية رمزية، بقدر ما يسجل منذ تاريخ الاعلان عن التهيئة من خيبة أمل معبرة لتأخر وضعف اشغالها وبطئها لدرجة توقفها احيانا لأسباب مجهولة. ما يوحي بأن ورش التهيئة لن يحترم ما هناك من مدة زمنية محددة، إن استمر المشروع ولم يكن مصيره نفسه ما انتهت اليه الى حين عدد من أوراش المدينة التي تعثرت اشغالها هنا وهناك.
التهيئة بحسب ما تم الترويج لها هي بمساحة 2000 متر مربع، تروم توفير فضاء ترفيهي محلي بمرافق منها مستودعات ملابس وفضاءات ترفيه للكبار والصغار فضلا عن مقهى وموقف للسيارات. وقيل أن هناك تصميم حديث في تهيئة هذا المسبح الشهير في تازة بهندسته وجمالية مجاله وتوزيعه وخصوصيته منذ فترة الحماية، وهو ما لا نتمنى أن يضيع ويتم طمسه نهائيا عبر هذه التهيئة ومن ثمة طمس ذاكرة محلية رياضية وترفيهية وسياحية ومعلمة أثرية كولونيالية هامة. يذكر أن مسبح تازة البلدي مرفق كان دوما عموميا مفتوحا نشيطا طيلة السنة وبخاصة خلال فترة الصيف منذ فترة الحماية وبعد الاستقلال الى غاية ثمانينات القرن الماضي، عندما بدأت الأعطاب تضربه من كل جانب فضلا عن تدخلات لم تكن موفقة في تدبيرها، بل كانت وراء تراجع أدواره وقيمته الرياضية والترفيهية السياحية.
ويشهد مسبح تازة البلدي باعتباره إرثا عمرانيا كولونياليا، عن فترة ذهبية في مجال رياضة السباحة بالمدينة، فضلا عما احتضنه من تنافسيات وأنشطة ونوادي تدريب وأبطال وخدمات ترفيه وترويح وغيرها. ويسجل حوله أن معظم تجارب وسبل تدبيره من قبل الجهات الوصية الجماعية المحلية بعد فترة ثمانينات القرن الماضي لم تكن موفقة في شموليتها، بل سببا فيما تعرض له من تشوهات وإهمال وسوء توظيف مجاله ومرافقه فيما كان ينبغي من رياضة وسياحة وتكوين وتنمية محلية. بل من هنا ايضا كانت بداية نهاية زمنه الذهبي، حيث تدهورت أحواله وتشوه مشهده بعدما كان من مفاخر لسان تازة وأهلها وسياحتها الى عهد قريب، إثر ما خضع له وعرفه من ترميمات وترقيعات أفقدته جماليته وهيبته وهويته وذاكرته وقيمته الرمزية. فهل سيعيد ما يتم الحديث عنه من تهيئة بعضا من ايقاع مسبح تازة البلدي، أم ستكون هذه التهيئة لا قدر الله ضربة أخيرة قاضية بأثر غير مسبوق في طمس معالم مرفق هو بمكانة خاصة رمزية في ذاكرة المدينة.