في أفق استثمارات واقتصاد وطني مرن ومتموقع على الصعيد الدولي..
تازة بريس
يعتبر صندوق محمد السادس للاستثمار بالنظر إلى طابعه الاستراتيجي والمبتكر، آلية واعدة لتمويل المشاريع الكبرى، التي من شأنها تحقيق انتعاش اقتصادي مستدام وشامل، والتي ستمكن الاقتصاد الوطني من تعزيز مرونته أكثر في وجه الصدمات. ويجسد صندوق محمد السادس للاستثمار الذي أطلق عليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس هذه التسمية في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة، جواب المملكة في مواجهة تداعيات الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). ويتعلق الأمر بمقاربة حكيمة تبشر بمستقبل أفضل لكافة القطاعات الاقتصادية، خاصة القطاعات الحيوية، والتي تترقب أدنى بصيص أمل لكي تبصم على استئناف فعلي لأنشطتها، ومحو خسائر هذه الأزمة.
ومن هذا المنطلق يستهدف الصندوق، الذي خصص له مبلغ أولي بقيمة تصل إلى 15 مليار درهم من الميزانية العامة للدولة، قطاعات عدة من بينها السياحة والفلاحة والبنيات التحتية والصناعة والأنشطة ذات المؤهلات القوية، والابتكار، وغيرها. ويعتبر تنويع مجالات التدخل جوهر صندوق محمد السادس للاستثمار. وقال جلالته في خطابه السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية التشريعية العاشرة “إننا نتطلع لأن يقوم بدور ريادي، في النهوض بالاستثمار، والرفع من قدرات الاقتصاد الوطني، من خلال دعم القطاعات الانتاجية، وتمويل ومواكبة المشاريع الكبرى، في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص”.
حري بالإشارة إلى أن صندوق محمد السادس للاستثمار، باعتباره شركة مساهمة خاضعة لما تفرضه أحكام القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة، هو خاضع لآليات المراقبة والالتزام بمبادئ الشفافية والنزاهة، ما سيمكنه من الشروع في عهد جديد في تمويل المشاريع الاستثمارية. وبالتأكيد، سيمنح هذ العهد للدولة المنظور اللازم من أجل تحديد أوليات تدخل الصندوق في الاقتصاد الوطني، الأمر الذي سيكون له كبير الأثر الإيجابي على التمويلات العمومية. ولعله كان قرارا حكيما ومدروسا من شأنه أن يجعل من هذا الصندوق “نموذجا للحكامة الجيدة والفعالية والشفافية”، بهدف جذب أكبر عدد من المستثمرين والشركاء الخواص للمساهمة في هذه الدينامية.علاوة على ذلك، أكدت اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد، في تقريرها العام، أنه “يمكن لصندوق محمــد السادس أن يتطور لكي يصبح مؤسسة بنكية عمومية للاستثمار، يقـوم بدمج مجموع أدوات دعم تنمية المقاولات المعمول بها حاليا (الضمانات، التمويل، الاستثمار، المواكبة، الترويج …إلـخ) وتعمل حسب خطة مؤسساتية مرنة وفعالة”.
هي طفرة لا يمكن إلا أن تعطي زخما جديدا لأداء هذا الصندوق لكي يضطلع بدور محفز حقيقي للتنمية الملموسة والفعلية لكل الفاعلين الاقتصاديين. الإمكانات موجودة، ولا أدل على ذلك من توقعات حجم الاستثمار العمومي برسم سنة 2021. بالفعل، وبحسب الأرقام الواردة في تقرير حول حصيلة العمل الحكومي 2017 – 2021 ، قد يصل الاستثمار العمومي إلى 230 مليار درهم خلال هذهسنة 2021، وذلك بفضل إحداث صندوق محمد السادس للاستثمار. ومهما يكن الأمر، هذا الصندوق بصدد كتابة الخطوط العريضة ل “قصة نجاح مغربية”، والتي ستمكن القطاعات الاقتصادية الوطنية من استعادة مستوياتها قبل الأزمة، بل تجاوزها في أفق بناء اقتصاد أكثر مرونة في مواجهة أية صدمة، والتموقع على الصعيد الدولي.