تازة : أي وعي محلي بتراث المدينة المادي واللامادي دعما للورش السياحي ..

تازة بريس24 نوفمبر 2024آخر تحديث : الأحد 24 نوفمبر 2024 - 11:40 صباحًا
تازة : أي وعي محلي بتراث المدينة المادي واللامادي دعما للورش السياحي ..
تازة بريس
عبد السلام انويكًة
من ذخائر تازة وتفرد مجالها العتيق، ما تزخر به من شبكة كهوف حضرية بالعشرات، بقدر ما تتوزع على اجرافها ومنحدراتها المحيطة بقدر ما هي عليه من حمولة إنسانية انتروبولوجية، كما حال”كيفان بلغماري” التي ببصمات حياة الانسان القديم ومغرب ما قبل التاريخ. واذا كان هذا المكون التاريخي الثقافي بنوع من التفرد في بعده الإنساني الحضاري الوطني والعالمي، فإن ما هناك من اهمال وبؤس باد على معالمه ضمن محيط بيئي مقزز في مشهده، بقدر ما يخدش قيمته كأثر لتجليات تطور وتفاعل الانسان القديم مع محيطه قبل آلاف السنين، ولعله الأثر الذي يحيلنا على ما هو حياة بشرية ضاربة في قِدم تازة والمغرب، بقدر ما يحتويه هذا الأثر الذي يوجد في مثل هذه الوضعية المتردية، من بصمات حضارة إبيروموروسية تعود لفترة غابرة من زمن انسان العصر الحجري الأعلى. وعليه، تعد كفان بلغماري هذه، من أغنى مواقع المغرب البانطولوجية الأركيولوجية وكذا بالشمال الافريقي وحوض المتوسط، نظرا لِما تم العثور عليه فيها من بقايا عظمية حيوانية تعود لفترة ما قبل التاريخ، بناء على ما أنجز بها من حفريات خلال عشرينات القرن الماضي من قِبل عسكريين مستكشفين فرنسيين زمن الحماية بالمغرب. وهذه البقايا والمخلفات الأثرية التي يرجعها الباحثون المتخصصون لفترة البلايستوسين الأعلى، تُظْهِر ما كانت عليه البيئة محليا (تازة) خلال هذه الفترة، من تنوع وحيش لا يزال ما عثر عليه من عظامه محفوظا في متحف وهران بالجزائر. وكان مما تم العثور عليه ب”كفان بلغماري” جملة أدوات حجرية وعظمية ومواقد تعود لفترة ما يعرف ب”الموستيري” و”الابيرومغربي”، فضلا عن عظام بشرية وحيوانية تخص الضبع والأسد والنمر والدب والكروكدن وغيرها من الحيوانات، التي منها من انقرض من المنطقة (تازة) ومنها ما لا يزال بمحيطها لحد الآن. ولا شك أن “كيفان بلغماري” كانت مسكنا ومدفنا ايضا لإنسان أزمنة ما قبل التاريخ، بناء على ما تم العثور عليه فيها من شواهد حياة وتفاعل قديم.
هكذا إذن هي عظمة موقع تازة الأثري الانساني المتمثل في شبكة كهوف بلغماري، وقد حُفرت في صخور كلسية بأجراف مفتوحة على الجهة الشرقية من المدينة (تازة العليا)، باتساعات وعلو وأعمدة .. وجوانب تبقى الكلمة حولها لأهل الشأن من باحثين متخصصين اركيولوجيين. وهكذا ايضا ما هي عليه بالمقابل من تبخيس وغياب عناية وتهيئة، ومن منظر ومحيط بيئي مقزز من شدة ما يظهر من ردم وهدم وأتربة وخراب وتخريب .. وروائح كريهة، كلها مظاهر وغيرها يظهر أنها غير محفزة لا على زيارات تعرفية استكشافية من قبل عموم الراغبين، ولا على بحث ميداني من قبل معنيين ومنفتحين في بحثهم ودراساتهم على مواقع اثرية تعود لزمن ما قبل التاريخ. وعليه، فشروط جعل موقع “كيفان بلغماري” رهن إشارة الورش العلمي ومختبراته لا تزال غير متوفرة، وأن هذا الأفق المنشود بحاجة لإرادة ترابية تنموية وشجاعة أدبية، فضلا عما ينبغي من تشارك واعادة نظر فيما هناك من تمثلات تخص التراث المحلي، باعتباره مصدر ثروة ومورد رافع للتنمية عبر ما ينبغي من حسن استثمار مدخراته وكنوزه في ورش البلاد السياحي. وخاصة من من هذه الكنوز ما هو متفرد نادر في بعده الانساني الحضاري، الذي من شأنه تحقيق جذب وإقبال عال على تحفه ودلالاته الأثرية، مثلما ما هو كائن بمغارة هرقل في طنجة مثلا. وعليه، على مستوى تازة فقط ما ينبغي من خطوات أولى وتعريف وإبراز واشهار وتهيئة رافعة لكفان بلغماري، ومن إلتفات يليق بعظمتها وعظمة ذاكرتها الانسانية كموقع أثري رفيع المستوى، افتقر ولا يزال لِما هو شاف من تهيئة داعمة، اللهم ما أقدمت عليه وزارة الثقافة من بادرة نبيلة يتيمة قبل حوالي العقدين من الزمن، ومن خلالها من قِبل الأستاذ محمد بلهيسي عندما كان مندوبا إقليميا لها، وعيا منه كغيور مُلِم عارف بأهمية حماية وحفظ تراث مدينته، خاصة منه الذي بنوع من التفرد وكذا الاكراه الذي من شأنه الحاق الضرر به واتلاف روحه الاركيولوجية، وعليه قام بوضع باب مؤثث منسجم كما يظهر في الصورة، على واحد من “كيفان بلغماري” ولعله الأكبر والأهم من حيث مواده وأعمدته وأثاثه الرمزي الأثري الداخلي.
فأي وعي اذن لتازة بتراثها المادي واللامادي، حتى لا نقول أي بياض في هذا الوعي بالمدينة، واي تجاهل لهذا الإرث / الذخيرة التي تطبع المنطقة وتميزها، والتي لو كانت بجهة أخرى من مدن البلاد لكانت بشأن آخر ومكانة فيما هو سياحي. وهل لم يحن بعد ما ينبغي أن يتبلور من اجل ورش تازة السياحي، وارجاع ما كان عليه من اقبال وعناية وبنية وإغناء زمن الحماية، من خلال ادماج كل مؤهلاته بما في ذلك تاريخ المدينة في شموليته وموارده الحضارية، من قبيل “كيفان بلغماري”، التي بروح وبوح اركيولوجي متفرد وحمولة إنسانية محلية وطنية وكونية. باعتبارها واحدة من أعظم مواقع الشمال الافريقي وحوض البحر المتوسط الغربي والمغرب الأثرية البانطولوجية.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق