تازة : هل حقا هوى الشأن الثقافي والابداعي بالمدينة الى أسفل سافلين

تازة بريس13 يناير 2023آخر تحديث : السبت 14 يناير 2023 - 1:52 مساءً
تازة : هل حقا هوى الشأن الثقافي والابداعي بالمدينة الى أسفل سافلين

تازة بريس

لم يعد في أعين وتقدير فاعلين ومهتمين ومتتبعين، بدون لا رائحة ولا لون ولا طعم بل بلا قيمة ولا أثر تعبوي محلي. ذلك هو قطاع الثقافة بتازة والاقليم منذ عدة سنوات وقد فقد ما فقد من بريق اشعاع وسلطة رمزية وحضور وموقع ونوع وموعد ودور في التنمية المحلية، بحيث بات وجود فعل هذا القطاع في نظر كثير من هؤلاء كعدم وجوده، لا فرق اذا ما أخذنا في الاعتبار ما ينبغي من حصيلة اللهم  اضافات محدودة ليست سوى نتاج جهود مصالح وهيئات محلية منتخبة ومشاريع كانت مبرمجة تعود لفترة سابقة. هكذا هو فعل الثقافة بالمدينة الذي قتل اجترارا، في غياب أية برامج رافعة ومرجعية ترابية ذات صلة وتوجه ورؤية ثقافية معينة منسجمة مع موارد وغنى وثراء الاقليم وطبيعة تميزاته.

جدير بالاشارة الى أن فعل الثقافة وابداعه بتازة كان يضرب به المثل وطنيا الى عهد قريب، على اساس ما كان عليه من حضور عبر كل تفاعلاته وتجلياته ومواعيده والأرشيف أكبر شاهد منذ تسعينات القرن الماضي. فقد كانت ثقافة تازة ومثقفيها ومبدعيها ومجتمعها المدني المبدع المثقف، ليست أنشطة متجددة ومجددة ومبدعة مواكبة فقط، بل مواعيد وملتقيات ببعد ورسائل وتيمات وبناء وتكوين وتأهيل وفرجة ودور في انماء المحلي، عبر ما كان قائما من تدافع ابداعي عبر كل الواجهات منها المسرحي مثلا، بحيث قطاع الثقافة بمدينة تازة والاقليم الى عهد قريب عبر مصالحه ومدبريه ومعه الفاعلين من مثقفين ومبدعين ومكونات مجتمع مدني، كان فتيلا محركا نظرا لِما كان يطبع تازة على امتداد فصولها من أعمال جادة عدة ومتباينة المرامي، وقد جمعت بين مهرجانات اقليمية ووطنية مستحضرة كل طيف الفن والابداع والثقافة، فالمسرح لوحده كان الى عهد قريب حدثا وفعلا ثقافيا بارزا بصدى واسع، قبل أن ينزل سهمه وموسمه وموقعه خلال السنوات الأخيرة الى حد أسفل سافلين، بعد ما حصل من تشتت مكوناته وأسماءه وتجاربه اللامعة، التي منها من اختار وجهات أخرى بحثا عن مقامات اخرى، عوض ما باتت عليه الثقافة بالمدينة ومنها المسرح من وهَنٍ وواقع باهت، لدرجة أنه اذا ما وقفنا على فهم ورأي وتقييم أهل الشأن من مسرحيين مثقفين حقيقيين قد نكون امام ما يعني الشفقة على واقع حال.

لقد كانت تازة الى عهد قريب تجد ملاذها وسبيلها فيما هو اشعاع ثقافي مؤسساتي لرفع صوتها عاليا، من خلال ما كان يوفره قطاع الثقافة اقليميا من دفئ وحرارة ابداع لمبدعين ومثقفين ولجمعيات مجتمع مدني ومنها فروع منظمات ذات طبيعة وطنية كما بالنسبة لفرع اتحاد كتاب المغرب مثلا، وكانت الحركة الثقافة بتميز ليس في تجديدها وتجددها فقط انما فيما كانت تتيحه من فرص تنافس ثقافي وابداعي بين مبدعين ومثقفين وجمعيات موازية، ومن ثمة ما كان من جودة فعل ثقافي هادف وخدمة ثقافية ابداعية للتنمية المحلية، ومن أنشطة بقدر كبير من روح فكر وجدل وتكامل ونوع جامع لمختلف مكونات مشهد ثقافي محلي، تسربت اليه مع الأسف الشديد خلال السنوات الأخيرة كل تجليات البرودة، فضلا عن جفاف فكر ومعنى ثقافة وابداع اللهم ما يسجل وما بات ينعت من قبل رأي عام محلي واسع بالضجيج. بحيث لم ينجح قطاع الثقافة في تازة بكل مكوناته المعنية، هيئات منتخبة ومصالح معنية ومجتمع مدني وفاعلين انفسهم، من ضخ روح من شأنها ارجاع ما كانت عليه المدينة من ايقاع الى عهد قريب، ذلك الذي كانت عليه تازة من مسرح وسينما وموسيقى وفنون تشكيلية وانشطة ابداعية تعبيرية ومواعيد وطنية كبرى. وعوض التفكير فيما ينبغي من محتوى وبرمجة سنوية ثقافية ابداعية تنموية جادة لفائدة ثقافة رافعة، حصل تعايش وتطبيع مع أنشطة بهرجة بتعبير كثير من المعنيين، فضلا عن نمطية تدبير وسبل اجتهاد وعناوين وتيمات مهترئة، لدرجة سير بالثقافة والابداع وبتراكمات المدينة على امتداد عقود من الزمن الى تفاهة ومتاهات وخراب لا غير.

ولا يمكن القفز حول واقع واحوال الثقافة بالمدينة وما بلغته من تراجعات معبرة غير مسبوقة خلال السنوات الأخيرة، على طبيعة ما هناك من تدبير ومن تحديات تخص ما هو قدرة وتجديد من اجل كل اضافة وفائدة وأثر على ارض الواقع. لدرجة سؤال رأي عام واسع حول ماذا قدم الجهاز الوصي على التدبير الثقافي بالاقليم خلال السنوات الأخيرة كقيمة مضافة للقطاع؟، وماذا عن واقع التدبير الانفرادي انطلاقا من مكاتب عوض ما ينبغي من تشارك وتنويع أدوار ووجوه وتجارب، وفق ما ينبغي أن تكون عليه الادارة والتدبير العمومي الثقافي من حيادية؟. أليس ما حصل من انحسار ثقافي محلي نتاج عقليات تدبير كان ينبغي ان تكون بقيادات منفتحة صوب انتظارات منشودة، وعيا بأن الثقافة أداة من شأنها بشكل من الاشكال أن تكون رافعة للتنمية المحلية ومن ثمة لتنمية الوطن. عوض ما بلغه هذا المجال الحيوى من بؤس واجترار خلال السنوات الأخيرة، والذي يرى البعض من المتتبعين أعاد تازة الى الخلف بعدما كانت عليه من صدى واسع ثقافي ابداعي وطني.

اين هي تازة الآن ومنذ عدة سنوات من شعار الثقافة والابداع ومن برامج الوزارة الوصية المنشودة، ومن رهانات البعد الجهوي والجهوية ودور الثقافة في انجاح هذا الورش الترابي الوطني الاستراتيجي، وأي وعي بهذا وذاك في تدبير القطاع وأية انجازات منسجمة مع توجهات الوزارة الوصية ومع الجهوية المنشودة ومع خدمة الثقافة للتنمية الترابية، أين تازة من كل هذا وذاك ثقافيا  ما دام أن المدينة بحصيلة بئيسة طيلة هذه المدة، وكيف يمكن للثقافة بتازة أن تسترجع مجدها وحيويتها وأن تسهم بما يفيد من موقعها باعتبارها شأنا عموميا، في اشعاع الاقليم وتسويق ما هو عليه من مؤهلات واسعة ومن تراث مادي ولا مادي متفرد، عوض ما هناك من تجليات جوفاء لا تسمح بابراز طاقات المدينة ولا بضخ دماء جديدة وبرامج ومحتويات جادة رافعة، عوض ما هناك من تكرار بات تدبيرا مألوفا غير خاف عن أعين الجميع. واذا كان ما ينبغي من صرامة وحرص في تدبير الشأن محليا، فهو التجويد ومقاومة كل تفاهات وبهرجة وهدر للمال العام مع الحرص على ما ينبغي من حكامة جيدة وشفافية وجديد وتجويد انشطة وتنقيب، من شأنه ابراز ما يدفع باتجاه تقوية صدى المنطقة الثقافي وطنيا. هكذا نعتقد ما كان ينبغي أن تكون عليه الثقافة بتازة، من حيث خدماتها وموقعها وبرامجها واسهاماتها، لجعل موارد الاقليم في خدمة ما هو محلي وجهوي ومن خلالهما في خدمة ما هناك من اوراش ترابية ورهانات استراتيجية وطنية كبرى.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق