ناقد: شركات الإنتاج مطحنة تسحق الدراما المغربية وتمويل الدولة يقيد حرية الإبداع
تازة بريس
رغم التطور الذي بدأت تشهده الدراما المغربية خلال العشر سنوات الأخيرة، سواء على مستوى المواضيع التي تتناولها أو الإنتاج، إلا أنها لازالت برأي الجمهور والمختصين في المجال الفني بحاجة لعمل كبير، من أجل اللحاق بنظيرتيها المصرية والسورية. ويرى مجموعة من النقاد المغاربة أن الدراما المغربية تعيش على وقع العديد من الاختلالات التي تتسبب في إنتاج أعمال رديئة تمنع نجاحها محليا وانتشارها عربيا، حيث اتفق الكثير منهم على معاناتها من ضعف السيناريو، وبحث المنتجين عن هامش الربح الكبير، إضافة إلى “الشللية” التي تؤدي لمنح الأدوار لنفس الوجوه وحرمان فنانين ذو مستويات عالية.
وفي هذا الصدد، قال الناقد الفني فؤاد زويريق، إن “أغلب الأعمال الدرامية لدينا تمول من طرف القناة الأولى والثانية المغربيتين كمؤسستين عموميتين رئيسيتين، ويوكل إنتاجها لشركات نطلق عليها تجاوزا شركات الإنتاج وهي في الحقيقة مجرد شركات تنفيذية، لأنها تُشرف على إنتاج الأعمال بأموال تحصل عليها من هاتين القناتين المنتميتين لأجهزة الدولة”. وأضاف زويريق، أن النقطة السابقة الذكر تعد “العائق الأول أمام الإبداع الذي يصطدم في أولى خطواته برقابة الدولة، فمادامت الدولة هي الممول الرئيسي للأعمال الدرامية فحتما ستقيد حرية التنوع والخوض في مواضيع درامية معينة قد تقلقها، بل أكثر من هذا، ستجعل كل جزئية متعلقة بالكتابة تحت المجهر الرقابي، راسمة بذلك خطوطا حمراء لا ينبغي تجاوزها وإلا فلن يحظى العمل بأي تمويل، لهذا يجد المُشاهد نفسه في أغلب الأحيان أمام مواضيع اجتماعية سطحية مستهلكة ومبتذلة”.وتابع الناقد الفني، في تدوينة عبر “فيسبوك”، أن “شركات تنفيذ الإنتاج هذه أو الوسطاء أو السماسرة، سميهم ما شئت، رغم أنهم في الدول المحترمة جزء رئيسي من العملية الفنية، والمنتج المنفذ تكون له مهارات ومواهب خاصة، بالاضافة إلى التكوين وشواهد عليا في هذا المجال، ففي بلادنا يكفي أن يكون للمنتج المنفذ علاقات تؤهله للتلاعب بأموال الشعب”، واصفا إياها بـ”المطحنة التي تسحق الدراما المغربية”.
واعتبر ذات المتحدث، أن هذه “الشركات ولأنها شركات سمسرة أكثر منها شركات فنية، فهي تبحث أكثر عن هامش ربح أعلى باختيارها لسيناريوهات معينة تحققه لها، وبها تشارك في طلبات العروض، حتى لو كانت سيناريوهات ضعيفة لا إبداع فيها، لذا نجد أغلب الأعمال الدرامية تصور داخل فضاءات مغلقة أكثرها منازل، مما يوفر لها ربحا هامشيا أكثر، بل في الكثير من الأحيان قد يحصلون على هذه الفضاءات مجانا من تحت الطاولة، هذا بالإضافة إلى استخدام أقل عدد ممكن من التقنيين والممثلين وآلات التصوير والملابس، وكل هذا من أجل توسيع رقعة الربح مما يؤثر على العمل ويجعله أكثر سوءا وتهلهلا” . وسجل الناقد الفني، أن “ضعف المراقبة والمتابعة من طرف المؤسسات المانحة، أي القنوات التلفزية، يجعل التلاعب بالسيناريو الموافق عليه من طرف لجنة القراءة أو الانتقاء تحصيل حاصل، أما الخطير في الأمر هو غياب التنافسية والشفافية مما يعطي الحق لشركات بعينها دون غيرها باقتسام الكعكة التي تكلف ميزانية الدولة الملايير، وهكذا نجد أن خمس أو ست شركات تنفيذ الإنتاج هي المسيطرة على السوق، وهي التي تحظى بكل الأعمال المنتَجة بينما العشرات تُرفض طلباتها، والكثير منها أفلست واندثرت من المشهد نهائيا”.ومن هذه الشركات المحظوظة، يتابع زويريق “من استفادت بثلاث أو أربع أعمال درامية في وقت واحد رغم أن إمكانياتها لا تؤهلها لذلك، كما أن الوقت لا يسعفها أيضا، فيحدث بالتالي كل هذا الخلل والإرتجال التي تعرفه صناعة الدراما ببلادنا، ولأن هذه الشركات تتمتع بهذه الحظوة، وكذا عدم المراقبة الجادة فإنها تتدخل بالتالي في العملية الإبداعية، من اختيار السيناريو الذي يلائم طموحاتها الربحية كما قلنا سابقا، إلى اختيار مخرجين معينين قريبين من توجهاتها، مرورا باختيار الطواقم الفنية والتقنية، فيصبح المخرج لديهم مجرد موظف تقني لا سلطة محددة له تؤهله للتحكم في العملية الإبداعية، وبالتالي يبقى الإبداع تحت سيطرة السماسرة كضحية مشوهة كما نرى كل سنة”.
زينب شكري