فضيحة جديدة من فضائح السرقات العلمية وأخلاق رحاب الجامعة المغربية ..
تازة بريس
فضيحة أخلاقية وعلمية جديدة في رحاب الجامعة المغربية، اقترفها (أ، ي) أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان ضمن “اطروحة معنونة ب“السياسة الاستعمارية الإسبانية وعلاقتها بالصحافة 1912-1956، وهو المتهم بسرقة دروس الأستاذ عبد العزيز الطريبق التي كان يقدمها للطلبة ومنهم صاحب الأطروحة نفسه بحسب ما نشر هذا اليوم بالصحافة الوطنية، وقد ورد أن السرقة شملت تسعين صفحة من دروس دأب الأستاذ الطريبق على تقديمها لطلبة الماستر. وهو صاحب أطروحة جامعية بالفرنسية حول الصحافة الوطنية بشمال المغرب الخاضع للاستعمار الإسباني خلال فترة الحماية 1912-1956، ترجم منها مقاطع طويلة حول خصوصيات الصحافة الوطنية بتطوان، خلال تلك الفترة، بغرض تدريسها في أقسام الماستر التي اشتغل بها منذ أكثر من عشر سنوات، وسلمها لطلبته (ومن بينهم في تلك الفترة الطالب والأستاذ حاليا المعني بالفضيحة)، وبعد سنوات تم الاطلاع على الأطروحة التي نال بها المعنى بالسرقة، لقب “دكتور” في لجنة مكونة من أستاذين مشرفين (السنة الجامعية 2016-2017 ، وبعد التوصل بنسخة إلكترونية منها، تبين أن بها نصوص معروفة هي دروس الأستاذ الطريبق، ولأطروحته فاكتشفت الفضيحة.
الأستاذ المعني بالسرقة، أعاد ترتيب فصول دروس الأستاذ الطريبق بشكل اعتقد معه أنه يخدم فكرته المعبر عنها من خلال الباب الثالث، لكن هذا الترتيب زيادة على كونه بعثر مضمون بحث الأستاذ الطريبق، فهو لم يفد في شيء الباب الثالث المعلن عنه في “أطروحة” طالب الدكتوراة. ولم يستطع حتى وهو يسرق حرفيا حوالي 90 صفحة من دروس الأستاذ الطريبق، أن يبرز ما هي علاقة الصحافة بالشمال بالسياسة الاستعمارية. وبدا واضحا من خلال الاطلاع على “أطروحة” المعني بالسرقة أن ما جمعه من صفحات ينبئ بفراغها منذ البداية، فالعنوان لا يتضمن أية إشكالية وينتمي أكثر إلى صنف العناوين الصحافية للمبتدئين منه إلى العناوين الأكاديمية: “السياسة الاستعمارية الاسبانية وعلاقتها بالصحافة 1912-1956”.ولا نجد أثرا لإشكالية مع تطور الأبواب والفصول، فـ”الأطروحة” تبقى بمثابة عروض مفككة، ومما زاد الطين بلة قوله في الصفحة 6 : ” كيف ساهمت الصحافة الوطنية في تحقيق استقلال البلاد من خلال مواجهتها للمستعمر خلال عهد الحماية؟”؟ وهو سؤال لا علاقة له بعنوان “البحث”. كيف أفلت هذا من مراقبة الأساتذة المشرفين؟ بل كيف أفلتت منهم العديد من أخطاء الرقن وغيرها؟ وهي أخطاء لا يمكن قبولها في بحث مقدم في إطار إجازة وبالأحرى لنيل شهادة الدكتوراة. وتنقسم “الأطروحة” إلى ثلاثة أبواب (أو عروض) لا رابط بينها ولا خاتمة خلاصات لكل باب قبل الانتقال للباب الموالي: الباب الأول: إسبانيا وتطور الخطاب الاستعماري. الباب الثاني: السياسة الاستعمارية الإسبانية. الباب الثالث: الصحافة بالشمال وعلاقتها بالسياسة الاستعمارية.
وبعد البابين الأول والثاني، وهما عبارة عن عرضين لأحداث تاريخية موجودة في العديد من المراجع. وقد نعود لهما أو يعود لهما أحد المختصين ليبين لنا حجم “الإسهام” الشخصي للطالب “الدكتور” من حجم “النقل-النسخ” مما كتبه الغير في أطروحاتهم أو كتبهم أو مقالاتهم. شكل للباب الثالث المعنون بـ”الصحافة بالشمال وعلاقتها بالسياسة الاستعمارية”، ثلث البحث تقريبا من حيث الصفحات (84 ص من أصل 337 ص، حوالي 20 منها خصص للمقدمات والفهارس…)، كما يفترض فيه، من عنوانه، أن يكون هو لب “الأطروحة”. وهذا الباب بحسب ما تم نشره وتداوله، منقول نقلا حرفيا (يعني حوالي ثلث البحث)، حتى ببعض أخطاء الرقن، عن دروس للأستاذ عبد العزيز الطريبق، وكان قد سلمها لطلبته إبان تدريسه لمادة الصحافة بالمعهد العالي للترجمة بطنجة (ومنها على سبيل المثال عودة إلى السطر خاطئة في النص الأصلي للأستاذ الطريبق ومنسوخة كما هي عند المعني بالسرقة. وعليه فهذا كاف لإسقاط هذه “الأطروحة” المنقولة وترتيب الآثار القانونية على ذلك. وقد بحثنا عن إشارة لدروس ذ. الطريبق ضمن المراجع، لكن لم نجد لها أثرا أي أن عملية النقل ثابتة الأركان.
وورد أن الطالب المعني بالسرقة (قبل أن يصبح أستاذا جامعيا) نسخ مبحث ذ. الطريبق حرفيا حول مطابع المنطقة الشمالية أيام الحماية الإسبانية. وأنه بما أن دروس ذ. الطريبق لا تذكر المراجع عكس أطروحته الأصلية، فإن هذا الطالب الاستاذ أضاف بعض المراجع من عنده، لإيهام المتلقي بأنه صاحب البحث. غير أن كتاب “دي لاهوز” (المذكور في الصفحة 246 من عرض الطالب الاستاذ) استعصى عليه إيجاد اسمه، وهو كتاب مهم في مجال المطابع خلال الحماية الإسبانية موجود في بحث ذ.ع. الطريبق وغير وارد في مقتطف الدروس الموجهة للطلبة. وعلى ذكر المراجع، نسخ هذا الطالب المعني بالسرقة، أكثر من أربع صفحات من دروس ذ. الطريبق تطرقت لتنظيم مهنة الصحافة الإسبانية تحت الحماية، ولم يجد المتهم بالفضيحة أي مرجع يسند إليه هذه الصفحات من “عرضه”، لأن الأستاذ الطريبق لم يذكر مراجعه في النصوص المسلمة لطلبته بل فقط في بحثه الأصلي بالفرنسية (ويبدو هنا أن الطالب لم يطلع عليه).
ولكم أن تتصوروا وفق ما ورد في مقال حول الفضيحة بإحدى الجرائد الوطنية (ج، ب)، “أطروحة” للدكتوراة تتطرق لأحداث كثيفة (وليست بتحليل) في صفحات مطولة دون تدعيمها بمرجع وكأن الكاتب عاش تلك الأحداث شخصيا، فكيف لم ينبهه الأساتذة المشرفون لذلك حتى خلال تتبعهم لمراحل تشكل البحث؟ وخطأ آخر بارز ارتكبه الطالب أثناء سرقته المتسرعة لما يحشو به “عرضه” المقدم لنيل الدكتوراة يتجلى في المبحث الأول من الفصل الثاني، والمعنون بـ”الصحف والمجلات الصادرة بتطوان في عهد الحماية”. أطروحة ذ.ع. الطريبق الكاملة بالفرنسية، قسمت مراحل تطور الصحافة الوطنية في تطوان تحت الحماية إلى ثلاث مراحل بسطها الأستاذ وبين خصائصها. لكن هذا الطالب الأستاذ الجامعي حليا، انقض على التحليل السياسي للمرحلة الثالثة (في تصنيف ذ. ع. الطريبق الخاص وحسب اجتهاده الشخصي)، وأدرجه دون سابق إشعار ودون ارتباط بما كتبه سابقا أو لاحقا. وهي مرحلة متقدمة من عمل الصحافة الوطنية لا يمكن فهمها دون الاطلاع على ما سبقها من مراحل.
ورد أيضا أن الطالب تصرف في دروس الأستاذ الطريبق كما شاء، مع النقل الحرفي طبعا، مؤخرا جرائد ومقدما أخرى بدون أدنى تسلسل تاريخي ولا منطقي كما ورد في دروس ذ. الطريبق وأطروحته. و”زين” بعض الفقرات بالسيرة الذاتية لبعض الشخصيات الوطنية العاملة في مجال الصحافة، كالطريس وغيره، دون ذكر المصدر الذي استقى منه تلك السيرة الذاتية. وفي إطار فذلكته لبحث ذ. الطريبق، اقتطع الطالب بعض النشرات أخضعها لـ”دراسة تحليلية”. لماذا هي وليس غيرها؟ لا يهم، لأن ما أسماه بالدراسة التحليلية منقول عن دروس ذ. الطريبق بالنقطة والفاصلة، أضاف له الطالب نبذة عن حياة أصحاب تلك النشرات (محمد داود والتهامي الوزاني…الخ). قط أضاف الطالب لدروس ذ. الطريبق، صفحتين ونصف من عنده عن مجلة “السلام” لمحمد داود، كرر فيهما تقريبا ما نقله عن ذ. الطريبق مع إحالات على مقالات للباحث المرحوم ذ. عبد القادر الخراز. وقام بنفس الشيء مع جريدة “الريف” لصاحبها التهامي الوزاني، حيث نقل حرفيا ما كتبه ذ. عبد العزيز الطريبق في دروسه وأضاف له أربع صفحات فيها تكرار لبعض ما ورد في دروس ذ. الطريبق ويفتقر جلها لمصدر يحيل عليه “الكاتب” ما كتبه. بعد هذا انتهى المجهود “الشخصي” للطالب، وهو “يحلل” جريدة “الأمة” حيث اعتمد كليا على دروس ذ. الطريبق (عدا إحالة صغيرة من مرجع لم يذكر اسمه) ليختم الطالب “أطروحته” بخاتمة هزيلة لا علاقة لها نهائيا بموضوع بحثه المحدد في عنوان “الأطروحة” وهي خاتمة تشبه خاتمة مقال متسرع.
ولعل من “مستملحات” النقل الأعمى وفق ورد في مقال صحفي حول الفضيحة، ما أورده الطالب في أسفل هامش الصفحة 136 حيث كتب: “والجدير بالذكر أن هذا الجدل سيكون من بين الأسباب الرئيسية للخلاف بين السيد الناصري ورجال الكتلة الوطنية الذي سيؤدي الى الانشقاق فيما بعد، وذلك كما صرح لي به نفسه في مقابلة معه بتاريخ 28/12/1986.”. والسؤال الفاضح بتعبير المقال المنشور حول الفضيحة، كم كان عمر الطالب الأستاذ الجامعي حاليا في تلك السنة؟ أربع أم خمس سنوات على أكبر تقدير، ومع ذلك “استطاع” محادثة الشيخ المكي الناصري في موضوع كموضوع خلافه مع الكتلة الوطنية بالشمال أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي ؟؟
https://banassa.info/%d8%b3%d8%b1%d9%82%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%85%d9%8a%d8%a9-%d9%81%d8%a7%d8%b6%d8%ad%d8%a9-%d9%84%d8%a3%d8%b3%d8%aa%d8%a7%d8%b0-%d8%a8%d8%ac%d8%a7%d9%85%d8%b9%d8%a9-%d8%aa%d8%b7%d9%88%d8%a7%d9%86-%d8%a7/