رمزية أرشيف العدالة في احتفاء العيون باليوم الوطني للأرشيف
تازة بريس
رافد من روافد ذاكرة المغرب الوطنية هو أرشيف قطاع العدالة، لما يزخر به وثائق نفيسة تؤكد صرح وحدة البلاد الترابية وهويتها ورموزها الثقافية وسيادتها. هذاما انتهت اليه ندوة مدينة العيون الوطنية المنظمة من طرف ودادية موظفي العدل بشراكة مع وزارة العدل، الأربعاء 30 نونبر 2022 بمناسبة اليوم الوطني للأرشيف. وقد تناولت الندوة في محاورها مفهوم أرشيف العدالة بما تتضمنه من وثائق قضائية على اختلاف أنواعها من أحكام قضائية ومذكرات ترافعية للمحامين ومحاضر جلسات وخبرات ووثائق داعمة، تجعلها مساحة هامة لذاكرة جماعية مغربية مكتوبة مما يحث على تكثيف الجهود حول الأرشيف الوطني بشكل عام، وأرشيف العدالة بشكل خاص.
وقد أبرزت مداخلات الندوة حجم المجهودات التي تبذلها المراكز الجهوية للحفظ التابعة لوزارة العدل، في صيانة تراث أرشيف منظومة العدالة وتنظيمه وتيسير الاطلاع عليه، وهو ما مكنتها من المعالجة المادية لأزيد من عشرين مليون ملف والمعالجة الرقمية لما يناهز 12 مليون ملف. ومن مداخلات الندوة من أكدت على ضرورة العمل على مطابقة القوانين المنظمة لأرشيف العدالة للشروط الخاصة بالأرشيف الوطني، وإخراج الهيكلة التي تحدد اختصاصات هذه المراكز وتأهيل بنيتها الت وتعميمها وتعزيزها مواردها البشرية. وعن المستوى الحقوقي وقفت مداخلات أخرى على ضرورة إيلاء موضوع ذاكرة العدالة المكانة اللائقة باعتبارها جزء من الذاكرة الجماعية المغربية، مع الانفتاح على المجتمع المدني لصياغة سياسة عمومية خاصة بالأرشيف، في إطار تشارك لتحقيق توظيف امثل لهذا الأرشيف في خدمة قضايا البلاد المصيرية. وعلى المستوى التاريخي، أكدت أكثر من مداخلة على أهمية أرشيف العدالة بما يضمه وثائق نفيسة تعود للقضاء الشرعي بالأقاليم الجنوبية، وأيضا في شمال المملكة، وأرشيف محاكم السدد، والقضاء العبري، والقضاء المختلط في طنجة وغير ذلك. لذلك يتعين تكوين لجان علمية متخصصة من حقول متنوعة من تخصصات القانون والتاريخ وغيرها لدراسة هذا الأرشيف بالعنايةُ اللازمة الواجبة له.
وقد خرجت ندوة العيون هذه بعدة توصيات منها : التأكيد على ضرورة تجويد التشريعات المؤطرة لأرشيف العدالة والنص على إجراءات حمائية وأخرى عقابية على الأفعال الناجمة عن إتلاف أو تزوير أو التلاعب بالوثيقة الأرشيفية أو سرقتها الإسراع في إخراج قرار وزير العدل بإحداث المراكز الجهوية للحفظ وتنظيم اختصاصاتها كأقسام ومصالح غير ممركزة تابعة مباشرة للجنة الأرشيف وإداريا للكتابة العامة كما هو معمول به بمقتضى القوانين المنظمة للأرشيف الوطني، مع التفكير في إعادة تسميتها بما يتلاءم مع المهام الجسيمة الملقاة عليها. الدعوة إلى تنمية التعاون الدولي وتطوير مجالاته كرافد للارتقاء بأداء أرشيف منظومة العدالة، وبما يتيح تبادل التجارب والخبرات واكتشاف الممارسات الفضلى التي يمكن الاستفادة منها والاستئناس بها؛ على المستوى الحقوقي والتاريخي، عقد ندوات وطنية موضوعاتية للحديث عن موضوعات من قبيل قضايا العقار والاسرة والقضاء العبري وغيرها وتطورها من خلال أرشيف العدالة، ضرورة تنمية الدراسات المتصلة بالذاكرة القضائية وتطوير أرشيف العداة والرصيد الوثائقي الخاص بها. الدعوة الى إحداث لجان علمية متخصصة من حقول متنوعة.. القانون والأنثروبولوجيا والتاريخ .. لدراسة هذا الأرشيف قبل الشروع في عمليات الإتلاف المنصوص عليها في الجداول الزمنية للحفظ. وتندرج ندوة العيون هذه في سياق يسعى للارتقاء بأرشيف منظومة العدالة والتحسيس به باعتباره تراثا وطنيا شاهد على محطات هامة من تاريخ الأمة المغربية، وصرحا قويا للحفاظ على هويتها ورموزها الثقافية وسيادتها الوطنية، فضلا عن كونه نافذة لاستقراء إسهامات أسرة العدالة وحضورها القوي في ملحمة الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية واستكمال الوحدة الترابية.