تازة : في رجاب تجارب وايقونات الفعل الابداعي الشعري والزجلي الرصين..

تازة بريس
شاعر وزجال مغربي زاوج بين القصيدة الفصيحة والزجلية في تجربة بنوع من التفرد والانتماء والتعبير والذاكرة. آمن منذ بدايتها قبل عقود من الزمن بصدق الكلمة ذات العمق الوجداني، وبأن الزجل ليس مجرد لهجة عامية انما صوت شعب وذاكرة وطن. ذلكم هو محمد اجنياح ابن ستينات القرن الماضي وابن إقليم تازة، والذي بدأت موهبته الإبداعية وروحه الشاعرة منذ طفولته ضمن الوسط المدرسي الابتدائي، نظرا لما تميز به خلال هذه الفترة المبكرة من قدرة تعبيرية ووصفية باللغة العربية الفصحى، وهو ما تجلى في اعماله التي كثيرا ما كانت تعرض من قبل استاذه على زملائه في القسم، مما كان حافزا قويا له لمزيد من الابداع والعطاء والتميز بغية مزيد من إرضاء محيطه من تلاميذ وأساتذة، فضلا عن اسرته الصغيرة التي بلغها صدى ما يطبعه من عشق وحب للكلمة الشاعرة.
في احدى حواراته الصحفية أشار الزجال محمد جنياح الى أنه لا يدري ما الذي جذبه لعالم الشعر والزجل، وأن ربما اهتمامه المبكر بالأدب كان له أثر كبير على حياته وعلى هذا الأفق والخيار الابداعي. وخاصة ما كان عليه من قراءة للشعر والروايات والقصص ومن سماع لحكايات الجدة والأم، فضلا عما كانيبث عبر المذياع من حكايات مثل (ذو يزن) وغيرها. وعن الزجل وهذا الميول تحدث عما عايشه من تجارب الآخرين من قبيل جيل المجموعات الغنائية: ناس الغيوان، جيلالة، لمشاهب ومسرح الهواة، ذلك الذي زاد من تعميق تجاربه في مجال الزجل. وان كتاب هذا الأخير بدأ بعد انخراطه في دار الشباب أنوال بتازة لممارسة المسرح زمن الهواة، وهي المحاولات التي كانت ننشر على مجلة الحائط، وقد كنت تلقى الكثير من التشجيع هنا وهناك من الزملاء والأطر. هذه الموهبة التي تقوت اكثر مع استيعابه للأوزان والقياسات من خلال الاهتمام بقصيدة الملحون وروادها، علما أن الزجل يعد ديوان المغاربة منذ زمن الأندلس، ولسانهم اليومي والدارجة المغربية غنية بمجازها وصورها وأمثالها الشعبية. وعن الابداع والكتابة أشار الى أنهما لا وقت لها، وأنها تأتي حين يفاجئك الإلهام وترحل حين تصرّ على الرفض وعن التعدد وما هناك من أصوات شعرية وزجلية، أشار الى أن ما نعيشه زمن كثر فيه الصخب والتطفل الزجلي، فأصبح كل من كتب بالعامية يسمي نفسه زجالًا، وبعضهم يذهب أبعد ويسمي نفسه «زجالًا حداثيًا”. مضيفا أن الزجال ينبغي أن يكون صادقًا مع نفسه، متأملًا للكون، غواصًا في أعماق بحر المعنى والمجاز، ليكتشف الجواهر التي لا يراها إلا الموهوبون الحقيقيون. وعن المشهد الزجلي بالمغرب وما هناك من حديث عن ازمة ابداع، أورد أن الابداع في هذا المجال يمر بسبات عميق بعد حركية كبيرة عرفها زمن تأسيس الرابطة المغربية للزجل التي كانت تضم شعراء موهوبين. وأن الرواد قلّ حضورهم ولم نعد نراهم إلا نادرًا على صفحات «فيسبوك» أو في مشاركات محدودة.
وأن للمسألة علاقة بأزمة ثقافية عامة، فحتى اتحاد كتاب المغرب في الإنعاش منذ سنوات والجمعيات الثقافية المحلية تراجعت، وأن السبب في نظره غياب الغيرة على الفعل الثقافي والابداعي. وعن الزجل الحداثي أشار الى أن للزجل لغته العامية السليمة من مصطلحات الفصيح، وأن العامية تختلف حسب اللهجات والجهات. وأنه أرى أن التجديد يجب أن يكون وسطيا مواكبًا لتطور العصر دون أن يفقد الجذور والهوية. وعن ظاهرة “الزجالين المناسباتيين”؟ أشار الى أن عمر هؤلاء قصير، كعمر الذبابة… أربعة وعشرون ساعة ثم يختفون كزبد البحر، وأن كم من المتشاعرين والمتشاعرات طُمروا وطمرن في وحل مخازيهم ولم نعد نسمع عنهم شيئًا. وعن الإعلام الثقافي المواكب، أورد أنه تراجع بشكل ملحوظ وتراجع معه الوعي الثقافي. وعن الزجل والهوية المغربية أشار الى أن الزجل هو لسان الشعب، ولسان المغاربة في كل أوقاتهم وأنه موروث تاريخي وسيرورة حياة، وأن الدارجة هي أول لغة سمعناها من أمهاتنا، وفيها تربينا: في المطبخ، في السوق، في الأغنية، في الحلقة، في الأعراس والمناسبات. وعن الزجل والموروث الشعبي والذاكرة المحلية لتازة؟ أشار الى أنه من الطبيعي أن يستلهم الزجال المغربي من الموروث الشعبي الغني بالحكم والأمثال. وأن الزجل سكنه من خلال الحلقة في سوق تازة العليا، ومن خلال فن الكوميديا والحكواتي والأغنية الشعبية الشرقية (فن الكَصبة والگوال) وغيرها من الفنون التي كانت تعج بها تازة قديمًا. وعن مواكبة الزجل لقضايا الإنسان المغربي الراهن؟ أورد أن للزجل تاريخ عريق، وأنه واكب كل العصور، وله القدرة على الاستمرار رغم التراجع أحيانًا، وأنه سيظل وفيًّا لرسالته وصلة وصل بين الماضي والحاضر والآتي. وعن المستقبل والرؤية أشار الى أن لا طموح له سوى الفرح والسرور والمتعة بالكلمة، منهيا لقاءه الصحفي صوب قبيلة الشعراء والزجالين بنصيحة عدم التسرع في النشر، مؤكدا أن الموهبة مهمة والتأني أهم. وأن عليهم أن يتركوا قصائدهم «تختمر» ويعيدوا قراءتها وتنقيحها باستمرار.











