في الحاجة الى ترميم حصن”البستيون”وجعله فضاءً ثقافيا سياحيا بتازة ..
تازة بريس
متى يرفع المجتمع المدني التازي صوته عاليا موحدا، أمام ما هناك من لامبالاة بموارد المدينة الأثرية التاريخية من قبل تدبير جماعي محلي ممثلا في المجلس البلدي والمجلس الاقليمي معا، وما يطبع تدبيرهما من واقع بارد خافت باهت غير خاف. ومتى يرفع المجتمع المدني التازي صوته عاليا صوب مصالح مركزية معنية عموما، من أجل ترميم وصيانة معلمة الحصن السعدي الأثرية“البستيون”بالمدينة العتيقة تازة وانتشالها مما هي عليه من إهمال وتخريب وتبخيس، ومتى يحصل أن تكون بتازة بشركاء من هنا وهناك للإنكباب على هذا الورش الذي من شأنه أن يكون بدور وأثر رافع للتنمية المحلية واخراج المدينة العتيقة مما هي عليه من ركود. ومتى يتم الاجتماع بين هذا وذاك من أجل غلاف مالي من شأنه إعادة الحياة لهذه المعلمة الأثرية المتفردة في شكلها ورمزتها وإحالاتها التاريخية وطنيا، عبر ما ينبغي من دراسة ميدانية في أفق ترميم مناسب لجعل هذه المعلمة بدور في تسويق تراب للمدينة الأثري التاريخي، من خلال حسن استثمارها كفضاء سياحي ثقافي موفر لتجليات ترفيه وترويح عن النفس محليا، إسوة بما هو موجود مثلا في الأوداية بالرباط وصهريج السواني بمكناس وغيرهما من سبل استثمار المعالم الأثرية بمدن مراكش والصويرة وطنجة تطوان الخ.
ومتى تلتفت وزارة الثقافة لهذه المعلمة الأثرية ومن خلالها لتازة التاريخية، بنفس القدر الذي تلتفت به لمعالم المدن المغربية التاريخية الأخرى. ومتى تشتغل المديرية الاقليمية للثقافة على ملفات خاصة بما هو تراث تاريخي مادي ومباني أثرية يتقاسمها المجال العتيق للمدينة، وعرضها على الجهات المعنية المركزية لها على الأقل للتعريف بها واطلاع المصالح المركزية عليها، في أفق انخراط الوزارة الوصية على قطاع الثقافة في فكرة تبني ترميمها واستثمارها بشكل من الأشكال، ومن ثمة دعم التنمية المحلية وتوفير سبل خلق الثروة بتازة العتيقة. ومتى تفكر المديرية الاقليمية فيما ينبغي من أيام دراسية وظيفية بعيدا عن الخطابات وهدر الزمن، لرفع توصيات حقيقية عملية تشاركية قابلة للتنفيذ وتحديد قيمة الموروث الثقافي وسبل تسويقه واستثماره، لجعل الثقافة في خدمة التنمية المحلية وتجاوز ما بات متجاوزا من عقلية وادارة وثقافة بهرجة، لم تعد سقفا ولا حمولة ولا مقاربة ثقافية بدور معين، اللهم هدر الزمن والتسطيح والضحك على الدقون في مدينة هي في أمس الحاجة لتنمية مجالية حضرية وبشرية، ولإغناء مستوى وسبل عيش ساكنتها وتطوير بنيات المدينة التحتية وفك العزلة عنها. علما أن ثقافة البهرجة التي يرى الكثير أنها عمرت طويلا بتازةولا تزال، خلافا لِِما انفتحت عليه مدن مغربية عدة تحسنت أحوال احوالها وصورتها ودرجة تنميتها مستفيدة من تراثها المادي واللامادي، بل باتت هذه المدن بنوع من الاستقطاب وجاذبة الهجرة اليها. لا شك اذن أن ثقافة البهرجة باتت مستفزة بل يبدو أن صلاحيتها انتهت مع ناشئة جديدة وحاجيات مجتمعية محلية جديدة، في علاقة بما هو رهان جهوية متقدمة، وما ينبغي من حسن تدبير وحكامة جيدة واستشراف ورؤية استراتيجية ترابية.
ومتى ايضا يتم دق أبواب مثلا وكالة تنمية اقاليم الشمال ومجلس الجهة والمصلحة المعنية بوزارة الثقافة وغيرها، من أجل توجيه العناية لمعلمة الحصن السعدي”البستيون” بتازة، وتوفير تكلفة ترميمها وصيانتها في أفق استثمارها ضمن آليات معنية وسبل تشارك معين كفضاء ثقافي تراثي اقتصادي سياحي بالمدينة. علما أن معلمة الحصن السعدي “البستيون” هذه ذات الزمن التاريخي الدفاعي العريق بتازة، تعد واحدة من أعظم المعالم الأثرية التي تتميز بها تازة المدينة عن باقي المدن التاريخية المغربية. ولعل بقدر ما تشهد هذه المعلمة على المكانة الحضارية خاصة منها الدفاعية لتازة عبر تاريخ المغرب وازمنته، بقدر ما توجد عليه من وضع بئيس وإهمال ومشهد مقزز، لدرجة أنها باتت مهددة بالتخريب والانهيار بسبب ليس فقط فعل الطبيعة بل بما يتهددها بشريا واسمنتيا. وغير خاف عن الرأي العام المحلي، ما كان يتهددها خلال السنتين الماضيتين من تخريب، بحيث لولا يقضة المجتمع المدني ويقضة الفعل الاعلامي ودور القضاء ايضا، لكانت هذه المعلمة المغربية التاريخية الشامخة التي تعود لقرون في خبر كان.
تبقى معلمة”البستيون”بمختصر مفيد، حصن سعدي دفاعي متفرد يعود لزمن دولة السعديين بالمغرب تحديدا فترة حكم السلطان أحمد المنصور الذهبي، وقد أنشأها حماية منه لمدينة فاس من أطماع وتهديدات أتراك الجزائر أواخر القرن السادس عشر الميلادي، بناية تاريخية بمواصفات معمارية خاصة وأدوار ومرافق مجاورة وذاكرة، فضلا عن موقع ترابي استراتيجي متحكم فيما يعرف في تاريخ المغرب بممر تازة.