في ذكرى وفاة ابن مدينة تازة البار الأستاذ الألمعي عبد اللطيف الدقشي..

تازة بريس
في مثل هذا اليوم من شهر مارس قبل ثلاث سنوات، فقدت تازة أحد أبنائها البررة التربويين المثقفين الدرر، ذلك الذي تميز بأناقته في كل أثاثه الذاتي رحمه الله ملبسا ومظهرا وملمحا وفكرا واحلاما، جميلا هو ما كان عليه في سحنته أصيلا في أخلاقه ممتدا في كرمه، منفتحا في طبعه محبا خلوقا شامخا. وقد رافقته دوما مقولته الرفيعة المعبرة التي كثيرا ما كان يرددها داعيا للعيش على ايقاعها ” Toujours plus loin, toujours plus haut, toujours plus fort “. ذلك هو الأستاذ عبد اللطيف الدقشي التازي أحد الأساتذة الذين تميزوا في درسهم “مادة الاجتماعيات” بالثانوي التأهيلي لعقود من الزمن بتازة المدينة، بحيث تحفظ له ثانوية سيدي عزوز بتازة العليا منذ أواخر سبعينات القرن الماضي وتحفظ له ثانوية علي بن بري بتازة السفلى لاحقا، وتحفظ له أجيال ممن تتلمذ عليه مساحة أستاذ كان بهيبة خاصة وقد جمع رحمه الله بين قوة تكوين وكفاءة درس، فضلا عما تحفظه عنه المدينة ككل من عظمة انسان وانسانية أستاذ، لِما طبعه من موسوعية ثقافة وتكوين عميق وتمكن تخصصي/ الجغرافيا، ناهيك عن درجة اجادته وتمكنه من اللغة الفرنسية واستثمارها، ومن ثمة ما كان يضفيه على درسه من غنى تعلمات وفائدة وجاذبية واثارة ورغبة تتبع واقبال. وعليه ما كان يتقاطر عليه من زخم تلاميذ الأقسام الأخرى للضفر بمتابعة حصة من حصصه الرائعة، بحيث في جميع الوسط التلاميذي بسلك الثانوي التأهيلي عندما كان يذكر درس “الاجتماعيات” يذكر معه اسم المرحوم الأستاذ عبد اللطيف الدقشي. وهذا أمر طبيعي آنذاك بحيث في كل مؤسسة ثانوية من المؤسسات وفي كل تخصص من التخصصات، كان هناك أستاذ على درجة من التميز والقيادة والتفرد والصدى.
في مثل هذا اليوم من مارس 2022، فقدت تازة هذا الاسم التربوي الشامخ، أحد خريجي الجامعة المغربية في سنوات مجدها حيث سبعينات القرن الماضي، والذي يسجل له ولتازة بكل فخر وذكر واعتزاز ، أنه كان أول طالب جامعي بفاس بل الوحيد الذي تم انتقاءه ليلتحق بالسلك الثالث وما أدراك ما السلك الثالث آنذاك بعد حصوله على الاجازة في الجغرافيا وبتفوق عال. بكل أسف رغم التحاقه لعدة شهور بهذا المسار من التكوين العالي لم يكتمل حلمه العلمي لأسباب متداخلة، ليلتحق رحمه الله بسلك التعليم الثانوي. ولعل مما طبع مسار الفقيد المهني التعليمي، ما كان عليه من تكوين أكاديمي يهم تخصصه “الجغرافيا”، ناهيك عما ميزه من ثقافة مواكبة وتتبع وتجديد معارف، مستفيدا من مكتبة خاصة رفيعة المستوى كانت تحتوي نصوص أبحاث أكاديمية مغربية واجنبية عدة، لعل منها من كان نادرا وليس سهلا الحصول عليه آنذاك، فضلا عن زخم مجلات ووثائق عالية المستوى كان مدمنا على اقتنائها رغم أثمنها وكلفتها. دون نسيان ما كان عليه رحمه الله من عمل بحث في صمت، من قبيل اعمال ترجمة لنصوص تاريخية وجغرافية، منها من كانت في نهايتها كما بالنسبة لكتاب “تازة وغياتة” للعقيد الفرنسي فوانو. بعض من كثير حول فقيد تازة رحمه الله، الذي كان بتواضع ولطف وجميل صفات، مترفعاً قنوعاً متعففا خلوقاً فضلا عن انسانية انسان. شاء القدر أن يلبي دعوة ربه خارج مدينته التي عشقها وارتبط بها في كل حياته،. يشاء القدر أن يرحل محفوفاً برعاية الله تعالي مشمولاً بحب وتقدير من عايشوه وجايلوه كأستاذ وانسان..، سلام عليه رحمه الله تعالى يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا. فاللهم ارحمه برحمتك الواسعة واسكنه فسيح جناتك يا ارحم الراحمين يا رب العالمين.