عندما استقبلت فرقة الطايفة ووربة بقبيلة البرانس الشيخ محمد التيجاني
تازة بريس
عبد السلام انويكًة
ارتبطت التيجانية كما هو غير خاف بمؤسسها الشيخ أحمد التيجاني دفين مدينة فاس (1150ه- 1230ه)، الذي ولد بمنطقة عين ماضي بالجزائر وتتلمذ بها قبل أن يشد رحاله صوب فاس وهو في سن العشرين من عمره، كما حال عدد من علماء وفقهاء غرب الجزائر بحكم ما كان قائما من طبيعة علاقة وتفاعل وثيق. وبفاس أخذ عن الطيب الوزاني شيخ الطريقة الطيبية وعن محمد بن عبد الله التزاني الذي كان بشهرة في منطقة الريف مبادئ الطريقة الناصرية، كما أخذ عن أحمد الطواش التازي الذي توفي مطلع القرن الثالث عشر الهجري. ويسجل أن التيجاني شيخ الزاوية التيجانية زار مدينة تازة عدة مرات، وأنه بعد أداءه فريضة الحج توزعت حياته بين تلمسان وفاس وبلاد توات فيما بعد، لكن ملاحقة الأتراك له والضغط عليه هناك جعله يختار فاس وجهة له رفقة أهله مع بداية العقد الثاني للقرن الثالث عشر الهجري، وقد رحب به سلطان المغرب آنذاك مولاي سليمان وجعله في مجلسه ووفر له مسكنا وراتباً حيث ظل بالمدينة حتى وفاته بها.
في علاقة بالزاوية التيجانية، وعن رحلة لإبنه محمد التيجاني بين فاس والجزائر عبر تازة، ورد انها كانت في محاولتين بين سنتي 1912 و1913، وأنها كانت قافلة بمئات الدواب المحملة بالأمتعة مع زنوج سود كانوا يدبرونها، فضلا عن هودج كانت به زوجته. وأن رحلته الثانية كانت من فاس باتجاه المغرب الشرقي عبر شمال ممر تازة، تحت حماية ومرافقة عشرة فرسان وعدد من المشاة، مع مرشد/ مشاوري من أهل تازة. رحلة جاءت بوصف دقيق في نصوص تاريخية، ورد فيها أن ابن التيجاني هذا، كان بتفاعل وتواصل مع أهالي مسالك عبوره من خلال رسائل له، علما أن المسلك الذي اعتمدته رحلته هذه، كان مسلكا لعبور قوافل التجارة بين فاس وشرق البلاد. ويسجل أن التجاني هذا قبل بلوغه أحواز تازة من جهة الشمال، أرسل رقاصاً له صوب مقدم الزاوية التيجانية محمد القباقبي، خوفا من أي طارئ وأخذاً منه للحذر والحيطة إثر ما كان يروج من حديث عن لصوصية بممر المنطقة. وأنه أثناء عبوره وكذا وجوده بتراب قبيلة البرانس شمال تازة حيث وادي “لحضر” الشهير بالمنطقة، أرسل أحد مرافقيه “محمد الوزاني” للبحث عن قائد قبيلة البرانس”القائد ادريس” آنذاك، وقد حضر هذا الأخير رفقة عدد من فرسانه وطلب من الشريف التيجاني النزول في كًعدة كانت تعرف بـ”الروانب”، وهو ما يعني أن رحلة التيجاني هذا لم تشمل تازة المدينة، وأنها اقتصرت في طريقها على مجال قبيلة البرانس شمالا.
وفضلا عما كانت عليه رحلة الشريف التيجاني هذا، من تخوف في ظرفية أمنية صعبة طبعت البلاد إثر فرض الحماية عليها من قبل الفرنسيين 1912، علما أن ما هو أمني لم يكن مستتبا في ممر تازة عام 1913 والذي تم احتلاله في ربيع 1914. وجه رسالة لرئيس المخابرات الفرنسية بمطقة جرسيف من أجل حمايته لبلوغ قصبة امسون، وهكذا قطع مجال قبيلة البرانس منطلقا مما كان يعرف بكًعدة النبال (بلاد النبابلة)، مرورا بسوق الخميس وبوهليل وجامع الخمسين، حيث تم استقباله من طرف فرقة الطايفة وفرقة وربة بالقبيلة، بحضور محمد القباقبي مقدم الزاوية التيجانية بمدينة تازة السابق الذكر، وقد قدم نفسه للشريف التيجاني في سوق الخميس وهو مرفق وموقع شهير لا يزال قائما بقبيلة البرانس.