تازة بريس
عبد الاله بسكمار
هذه إحدى بوابات تازة الأثرية وتسمى باب الريح باعتبار أنها تواجه مباشرة ممر تازة غربا الفاصل بين تلال مقدمة الريف والقمم الأمامية للأطس المتوسط، وبالضبط، بين تلال كردوسة شمالا وكل من قرن النصراني وتل ميمونة جنوبا، ولهذا تتكاثف الرياح الهوجاء عند هذه الزاوية من مدينة تازة وحتى إذا كانت هذه الرياح هادئة في مجمل المدينة فإنها تتحرك في هذا الحيز أي عند باب الريح وما جاورها، ولذا شكلت هذه البوابة عبر مراحل التاريخ المدخل الرئيس لتازة من جهة الغرب، ومن أعجب ما يمكن ذكره هنا الطرق والوسائل التي تم بها بناء هذه البوابة (ف العصر المريني على الأرجح ومن خلال شكل العمران ومواده) في هذا الحيز الذي يطل على منحدر شبه حاد وعدد من الصخور والتجويفات المترسبة عن الأزمنة البحرية عبر آلاف السنين.
لقد شكلت البوابة فيما مضى موقعا عسكريا إلى جانب التحصينات المجاورة، وظلت تغلق مساء وتفتح نهارا أمام المسافرين والغرباء والعابرين بعد ذلك، وكان الطريق الرئيس نحوها من جهة الغرب مرورا بعين الباطوار عبر ماجوسة وبين ميمونة وقرن النصراني، قبل أن تنقل سلطات الحماية موقع نفس الطريق مع الخط السككي بضعة كيلومترات إلى الشمال بين قرن النصراني وكردوسة، وهو الخط الرابط بين وجدة وفاس والدار البيضاء وطنجة عبر تازة والذي يعود إلى سنة 1934 . رغم قدم هذه البوابة وإشرافها على المدخل الغربي لتازة فإنها لم ترد في المصادر التاريخية كما وردت نظيرتها باب الشريعة ثم باب الجمعة، وقبيل عهد الحماية شكل الموقع محطة لتجميع المكوس والأعشار لكل داخل إلى المدينة وما زالت توجد بهذا الحيز بناية يحتمل أن تكون جزءا من ذلك الموقع .
لما وصل الجاسوس والرحالة والقس الفرنسي شارل دوفوكو Charles De Foucauld في 30 يوليوز1883 قادما إليها من فاس يصف بعض ملامح المكان بقوله في كتابه”التعرف على المغرب Reconnaissance au Maroc” هذه الحدائق الغناء التي لا تكاد تضاهيها إلا أجمل حدائق المغرب، إنها تغطي الجانب الأيسر وقعر شعبة وادي تازة تحت ظلال أشجار ضاربة في القدم تتعلق بها عراجين الكروم، قطعنا هذا السيل وتسلقنا وسط الصخور، الطريق الوعر والصعب الذي يوصل إلى المدينة في الساعة الثالثة وثلاثين دقيقة وصلت باب السور الأول للمدينة : خلعت نعلي (لاحظ درجة الاحترام للمكان) ودخلتها”ص 41 . نفس البوابة تهدم أكثرها في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي بفعل شدة الرياح، وبقيت على هذا المشهد الذي يندب حظ الماضي الزاهر والحاضر الجائر، وفي إهمال تام من طرف مسؤولي الآثار والثقافة عموما ولله الأمر من قبل ومن بعد.
رئيس مركز ابن بري التازي للدراسات والأبحاث وحماية التراث