حول التكنولوجيا الرقمية كآلية لتعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء ..

تازة بريس9 مارس 2025آخر تحديث : الأحد 9 مارس 2025 - 1:11 صباحًا
حول التكنولوجيا الرقمية كآلية لتعزيز المشاركة الاقتصادية للنساء ..

تازة بريس

عبدالله بولرباح، فاعل جمعوي / تاهلة

تلعب التكنولوجيا الرقمية دورا محوريا في إعادة تشكيل الاقتصاد بشكل جذري، وذلك أساسا، من خلال إعادة تشكيل أساليب الإنتاج والتسويق والشغل، وسلوك المستهلكين، مما يفتح آفاقا جديدة للتطور والنمو الاقتصادي في العالم. في ميدان سوق الشغل، يتطلب الامر اكتساب وتطوير المهارات المطلوبة للنجاح في وظائف المستقبل، من خلال اكتساب المعارف والمهارات في التكنولوجيا الرقمية. غير ان كل ذلك يتطلب العمل على تجسير الفجوة الرقمية بين الجنسين.

في هذا الإطار يجدر القول أن للتكنولوجيا الرقمية دورا بارزا في توفر فرص متعددة للنساء لزيادة مشاركتهن في الاقتصاد، مما يعزز استقلالهن المالي ويقوي دورهن في التنمية الاقتصادية. عن المرأة وسوق الشغل في ظل اتساع وتنامي الرقمة لازالت المرأة بالمغرب تتحمل وحدها جل أوزار العمل المنزلي، الذي يستغرق منها حسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط، 4 ساعات و17 دقيقة، كمتوسط يومي خارج البيت وداخله، مقابل 38 دقيقة فقط للرجال. لا يشجع هذا الوضع جل النساء على البحث عن العمل او الاستقرار فيه، فيما يشكل يوم عمل مضاعف للواتي يشتغل في القطاع العام او الخاص. تتيح التكنولوجيا الرقمية بصورة متنامية أشكال جديدة في أساليب العمل المأجور كالمرونة في توقيت العمل والعمل عن بعد. تمنح بذلك التكنولوجيا الرقمية اوسع الفرص للمرأة للعمل من المنزل، وتحقيق توازن بين حياتها المهنية والأسرية. كما يمكن للمرأة الوصول إلى أسواق العمل العالمية والعمل مع شركات من مختلف البلدان، مما يوسع فرصها ويزيد من دخلها. تحسن التكنولوجيا أيضا فرص العمل الحر من خلال المنصات المتعددة للعمل الحر مثل الكتابة والتصميم والبرمجة والتسويق الرقمي وغيرها من المجالات، التي يمكن للمرأة أن تستفيد منها. تمنح هذه المنصات المرأة القدرة على تحديد ساعات عملها وتقديم خدماتها إلى زبنائها من مختلف أنحاء العالم. كما يمكن للنساء استخدام التكنولوجيا الرقمية لإنشاء محتوى إبداعي، سواء كان ذلك من خلال إنشاء مدونات، قنوات يوتيوب، أو تطوير تطبيقات وبرمجيات، مما يفتح أبوابًا جديدة لدخول عالم الأعمال الرقمي.

وفيما يتعلق بالرقمنة وانفتاح التكوين، فإضافة إلى تحسين فرص الشغل للنساء تتيح التكنولوجيا الرقمية إمكانيات متعددة للتكوين المهني عن بعد، مما ييسر لهن الحصول على تعليم وتدريب مستمر في مختلف المجالات التقنية والمالية والإدارية ويعزز تبعا لذلك مهاراتهن ويزيد من فرصهن للحصول على وظائف جيدة. توجد الآن العديد من المنصات التي تقدم دورات تكوينية وبرامج تعليمية نذكر منها منصات كورسيرا ِCoursera، إيديكس  edx، و”ليندا” LinkedIn Learning التي تتيح للنساء تعلم مهارات جديدة مثل البرمجة، والتسويق الرقمي، وتحليل البيانات، ما يمكنهن من الالتحاق بوظائف ذات دخل مرتفع. أما عن التجارة الالكترونية وتمويل المشاريع النسائية، فلا ننسى ما تتيحه التجارية عبر الإنترنت، من فرص الاندماج الاقتصادي للمرأة، خاصة مع توفر العديد من منصات التجارة الإلكترونية التي تسمح للمرأة إطلاق عملها التجاري الخاص بيع المنتجات والخدمات عبر الإنترنت بسهولة دون الحاجة لاستثمارات ضخمة أو محل تجاري. في ميدان تمويل المشاريع توفر بعض المنصات الرقمية والبرامج التكنولوجية فرصا لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال القروض الإلكترونية أو التمويل الجماعي (Crowdfunding)، مما يتيح للنساء الحصول على تمويل لدعم مشاريعهن. توفر التكنولوجيا الرقمية شبكات الدعم والمجتمعات الرقمية التي تمكن النساء من تبادل الخبرات والأفكار مع أخريات في مجالات مشابهة، بالإضافة الى الدعم النفسي والمعرفي، وزيادة فرص التعاون والتعلم المتبادل ودعم المشاريع النسائية، وتعزيز روح المبادرة والمقاولة. وعن التكنولوجيا الرقمية والتمكين الاجتماعي للنساء، وميدان التمكين الاجتماعي للنساء، تساهم التكنولوجيا في تغيير الصورة النمطية للمرأة من خلال استخدام وسائل الإعلام الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي، مما يمكن النساء من رفع أصواتهن ومشاركة قصصهن الملهمة، وبالتالي تسليط الضوء على التحديات التي يواجهنها وإبراز إنجازاتهن، مما يسهم في تغيير التصورات المجتمعية التقليدية حول دور المرأة في الاقتصاد.  تتيح التكنولوجيا الرقمية، أيضا، للنساء التفاعل مع قضايا حقوقهن والمشاركة في الحركات الاجتماعية التي تهدف إلى تمكين المرأة وتعزيز مشاركتها الاقتصادية.

وحول تجسير الفجوة الرقمية لتعزيز فرص النساء من الاستفادة إمكانياتها، ولتمكين النساء من الاستفادة العادلة مما تتيحه التكنولوجيا الرقمية في ميدان المشاركة الاقتصادية، لا بد من العمل على تجسير الفجوة الرقمية بين الجنسين. حسب معطيات بوابة البنك الدولي لبيانات النوع الاجتماعي، لا تتجاوز بالمغرب نسبة الخريجات في تخصص تكنولوجيا المعلومات والاتصالات معدل 41,28%. إضافة إلى تحدي الامية في صفوف النساء، التي بلغت نسبتها حسب آخر إحصاء 32,4%. يتطلب تجسير الفجوة الرقمية بين الجنسين التزاما جماعيا من جميع القطاعات العامة والخاصة والمجتمع المدني، لضمان حصول النساء على الفرص التي تمكنهن من التفوق في هذا العصر الرقمي. ويشمل ذلك دعم البرامج الهادفة إلى تنمية المهارات الرقمية للنساء، وتوسيع نطاق استخدامهن للمنصات والخدمات الرقمية. على الحكومة أن تعمل على سن قوانين تشجع على تكافؤ الفرص في الوصول إلى التكنولوجيا، بالإضافة إلى تطوير مبادرات تعليمية مستدامة ودعم الجمعيات التي تعمل على تمكين النساء في المجال الرقمي وتطوير برامج خاصة للفئات الأكثر تهميشا منهن. كما على الحكومة ان تطور برامج ومشاريع من شأنها توفير الأجهزة والإنترنت في بعض المناطق الهامشية بالمدن والبوادي، التي تنتج فيها الفجوة الرقمية عن قلة الوصول إلى الإنترنت أو الأجهزة الرقمية. كما يتطلب الأمر العمل على توفير هذه الأدوات بأسعار معقولة أو من خلال برامج حكومية أو منظمات غير حكومية، وبالنسبة للمجتمع المدني يمكن التعاون من أجل إقامة مراكز مجهزة بالتكنولوجيا كمراكز مرجعية للنساء لتقوية قدراتها في ميدان التكنولوجيات الرقمية.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق