تازة : حول مهرجان اللوز بأكنول والاحتفاء بالتراث المحلي الثقافي والبيئي ..

تازة بريس7 نوفمبر 2025آخر تحديث : الجمعة 7 نوفمبر 2025 - 11:40 مساءً
تازة : حول مهرجان اللوز بأكنول والاحتفاء بالتراث المحلي الثقافي والبيئي ..

تازة بريس 

عبد السلام انويكًة

حوالي 90,000 هكتار من الأراضي الزراعية هي المساحة التي تمتد عليها أشجار اللوز بالمغرب، والتي تجعل منه ثاني أكبر منتج لهذه الفاكهة بالقارة الإفريقية بمتوسط انتاج سنوي يبلغ 60,000 طن. وغير خاف أن اقتصاد اللوز الفلاحي يتركز بمناطق جبلية، وأن خريطة وقيمة هذه الفلاحة الشجرية تعكس مكانة شجرة اللوز في استراتيجية وورش التنمية المجالية الفلاحية الوطنية، وفي أيضا ما ارتبط بمخطط المغرب الأخضر الذي استهدف استبدال زراعة الحبوب بزراعات ذات قيمة مضافة عالية، وقد رصدت له ميزانية مالية ضخمة لأجرأة تطلعاته التي منها الرامية لتنمية غراسة اللوز بعدد من الجهات المؤهلة بيئيا. وبقدر ما اقتصاد اللوز في المجال الفلاحي من المشاريع الفلاحية الواعدة، بقدر ما هو ليس فقط مجرد محصول انما استثمار طويل الأمد بأثر ونفع واسع محلي ووطني إن هي توفرت شروط تنزيله وفق ما ينبغي من مستويات. ولعل اقتصاد أشجار اللوز بأهمية غير خافية لما له من قيمة غذائية عالية، نظرا لما يحتويه اللوز من نسبة دهون صحية عالية، فضلا عن بروتينات وألياف وفيتامينات ومعادن وغيرها. وفضلا أيضا عما هناك من طلب عالمي متزايد عليه لأغراض طبية وصحية واقتصادية وغيرها، وأن شجرة اللوز المعمرة لسنوات تعد عنصرا مساعدا على تثبيت التربة ومنع انجرافها ومن ثمة حفظ خصوبتها، فضلا عن حفظ التنوع البيولوجي والوسط البيئي وتجويد الهواء وحماية الموارد المائية.

مشاهد شجرة اللوز بالمغرب تتوزع على عدة نقاط ترابية في مقدمتها منطقة / قبيلة اكزناية بإقليم تازة، حيث تشغل المرتبة الثانية بالاقليم بمساحة حوالي 25800 هكتار وبنسبة 24 بالمائة من المساحة الاجمالية الشجرية بالمنطقة، لانسجامها الجيد مع ظروف بيئية مناخية محلية مرتبطة بمقدمة جبال الريف. ولعل شجرة اللوز بالمنطقة ذات صدى وطني وأثر في اغناء المحصول الفلاحي المحلي وتوفير فرص شغل والحاجيات من هذه المادة الغذائية. مع أهمية الاشارة الى أن المساحات المغروسة شهدت تزايدا معبرا خلال السنوات الأخيرة، وأن من أنواع أشجار اللوز بالمنطقة نجد “ماركونا”، “ديسمايو”، “فيراني”، “فيرادييل “تيونو “، “نيكبلويلطرا”، فضلا عن أنواع أخرى. علما أن المعدل المسجل في انتاج اللوز باقليم تازة يتراوح بين0,15 طن في الهكتار و 0,3 طن في الهكتار، وأن معدل الانتاج السنوي بحوالي 1300 طن، وأن الانتاج بالمنطقة شهد تطورا بانتقاله من 400 طن على مساحة قدرها 10256 هكتار عام 1995، الى 2450 طن على مساحة قدرها 27600 هكتار عام 2016، وأنه خلال العقدين الأخيرين عرفت مساحة المغروسات تطوراً وتوسعاً هاماً لا شك انه انعكس على طبيعة الإنتاج المحلي كما ونوعا.

وعيا بأهمية شجرة اللوز في حاضر ومستقبل المنطقة وساكنتها، وتثمينا لهذا التراث الثقافي والبيئي المحلي، ومن اجل آفاق أهم وتطلعات أوسع لاقتصاد اللوز محليا بما يعود بالنفع على عدة مستويات. تحتضن مدينة أكنول بإقليم تازة أيام 15 و16 و17 نونبر الجاري، فعاليات الدورة التاسعة من موسم/ مهرجان اللوز، الذي دأبت على تنظيمه المديرية الإقليمية للفلاحة بتازة بشراكة مع جمعية اللوز بأكنول وعدد من المؤسسات والمصالح الأخرى الاقليمية والجهوية. احتفاء بمنتوج هذه الشجرة المباركة باعتبارها تراثا رمزيا محليا وعنصر من أهم عناصر الهوية الفلاحية للمنطقة، مع إبراز دور هذه الشجرة في ورش التنمية المحلية. وكعادة هذا الاحتفاء فهو يتوزع على برنامج متنوع جامع بين الفني والثقافي والتراثي المادي واللامادي فضلا عن الفكري التنموي، مع ما يؤثث هذا الموعد الأهم بالإقليم على الصعيد الفلاحي الترابي، من عروض فلاحية ومعارض لمنتجات تعاونيات محلية تروم ابراز ما هناك من تميز وغنى وموارد فلاحية وتفرد تزخر به المنطقة. ولعل موسم اللوز باكنول مناسبة أيضا لتبادل الخبرات بين مهنيين وفاعلين في القطاع، وفرصة للتعريف بالمؤهلات السياحية التراثية البيئية الطبيعية التي تتميز بها جماعة أكنول بإقليم تازة. دون نسيان ما ينشده هذا الموعد من حيث تثمين وتكثيف وإغناء منتجات اللوز، وكذا الرفع من تنافسية القطاع وتشجيع ما يرتبط به من أنشطة وبنيات انتاج وتحويل قصد الولوج به الى عالم الأسواق المُربِحة، وهو ما يمكن بلوغه والارتقاء به أكثر عبر تعزيز القدرات المحلية والدعم المؤسساتي للقطاع، مع السعي للبحث عن علامة التميز “بصمة المنتوج المحلي من اللوز”. ويسجل كون مهرجان/ موسم اللوز باكنول الذي بلغ دورته التاسعة، يعد من أهم المهرجانات الإقليمية والجهوية التي تروم لتجربتها وأهدافها المنشودة مسارا متميزا في هويتها وخصوصيتها عن باقي المهرجانات من حيث التيمة والرهان التنموي الترابي. وعليه، يمكن القول أن هذا المهرجان بجميع اثاثه وتطلعاته، مناسبة لتسويق تراب مدينة اكنول وقبيلة اكزناية عموما، وكذا تنشيط الحركة الاقتصادية وإبراز الأهمية الترابية السياحية للمنطقة، التي تحتوي تاريخا وطنيا وانسانيا غنيا وتراثا كبيرا ومناظر جبلية وغابوية متفردة، فضلا عما تزخر به المنطقة ككل من غنى وتراث ثقافي في عدد من تجلياته ومستوياته الحضارية والإنسانية.

صحيح أن تنظيم مهرجان اللوز بالمنطقة حفظ وتثمين وترسيخ لتقليد محلي، وحفظ أيضا لِما هناك من تراث احتفائي ضارب في القدم ارتبط جانب منه بما احتفت به وخصصته ساكنة المنطقة ولا تزال لشجرة اللوز في فترة إزهارها وجني ثمارها. انما أيضا المهرجان بات منذ عدة سنوات جزء لا يتجزء من ذاكرة محلية جماعية، وعليه ما ينبغي من استمرارية وتتويج وتحفيز وتطوير، مع إعطاء شجرة اللوز ما ينبغي من مزيد عناية  وأضواء عليها باعتبارها واحدة من سبل وكنوز الإقلاع الإنمائي المحلي. ولا شك أن المهرجان تمكن عبر دوراته حتى الآن من رسم صورة له ومن خلاله صورة مدينة اكنول والمنطقة ككل، لِما بذل وما لا يزال ينبغي من جهد لفائدة تنمية المنطقة عبر شجرة اللوز وما يحيط بها من سلسلة أنشطة ذات صلة. وعليه، ما هناك من مزيد رهان على الموعد ومزيد تناغمه مع ما هو ثقافي تراثي احتفائي وكذا تنموي ترابي محلي، ومن مزيد فرص للتعاونيات النشيطة في المجال لتعميق تواصلها وتبادل تجاربها وإبراز منتوجاتها بالمناسبة. ويسجل أن من حسنات مهرجان اللوز باكنول إلى جانب ما يبعثه من دينامية طيلة أيام الاحتفاء، ما يتيحه من استكشاف وتعريف بمؤهلات المنطقة السياحية وتفرد تراثها وتاريخها وثقافة وغنى نمط عيش ساكنتها. فمدينة اكنول وجوارها مساحة بطبيعة ومناظر متفردة، نظرا لِما هي عليه ضمن مرتفعات مقدمة جبال الريف من امتداد غابوي وأودية وجبال وتدفق مياه ومواقع جاذبة .

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق