أي مشروع ثقافي مجتمعي وأي خطاب ابداعي وأية رقابة قبل فوات الأوان
تازة بريس
ما حصل من تجاوز لأخلاق المجتمع بحفلات الرباط التي نظمت مؤخرا تحت اشراف وزارة الثقافة، وما حصل من تصريحات لا يمكن وضعها سوى ضمن ما هو ساقط، كذا ما شهدته سهرة البولفار من أحداث شغب بالدار البيضاء أمس الجمعة، كل هذا وذاك بقدر ما تصدر رأي المغرب العام ووانشغال مشهد البلاد الفني عموما، بقدر ما يطرح سؤال واقع فني بات يأكل أخضر وبابس معا من ذوق المجتمع الفني التعبيريالعام، بجعله أقرب الى ضجيج واستخفاف وفوضى وتسيب فني لا غير. أليس ما حصل في حفلات الرباط من قبل بعض المغنيين استخفاف بذاكرة المغرب الثقافية وأعلامها وماضيها، أليس ما شهدته تظاهرة الرباط إساءة للفن والفنانين ولتاريخ المغرب الثقافي، بل لسمعة بلد تراث وملحون وطرب اندلسي ومساحات تعبير شعبي فني غني رفيع ومتنوع.
هل ما حصل من سلوكات مجانبة لأخلاق المجتمع العامة كانت مقصودة، ولماذا الآن بالذات ما حصل من دعاية وتصريحات وتسويق للبلاد وكأنها مجتمع مخدرات. أليس من واجب وصفات الفنان أولا وقبل كل شيء الأخلاق والسلوك والرصانة والقدرة، عوض ما طبع حفلات الرباط من خلال نكرات محسوبة على الفن. وليس أبدا عدد الحضور والبهرجة دليل على نجاح تظاهرة ما، وليس كل ضجيج واضواء واشهار ومشاهدات وأثاث معناه شيء اسمه الثقافة والفن.
واذا كان هذا هو حال مسخ وتجاوز وعدم وعي بقول طبع بعض فقرات حفلات الرباط أمام اعين وزارة الثقافة، فمن يتحمل مسؤولية ما حدث من فوضى في مهرجان “البولفار” بالدار البيضاء أليست الجهات المنظمة، وماذا عن خطاب تظاهرات في مجتمع بتقاليد وثقافة وماض وذاكرة وذوق وتعبير وأخلاق وقيم وأسرة… وما محل أسلوب فني وتظاهرة كهذه من الاعراب في مجتمع بذاكرة فنية عريقة وتراث اصيل وأعراف وانماط تعبير جمالي منذ قرون، وهل يمكن الحديث عن حس وجمهور فني وذوق ورسالة فنية في مثل هذه التظاهرات. أسئلة وغيرها لا شك أنها تطرح قضية وسؤال أي مشروع وأية ثقافة تروم الجهات الوصية، وأي خطاب ابداعي بات يخص ويغرق مجتمعنا وشبابنا ومستقبلنا بل أية رقابة من أجل ثقافة مغرب قبل فوات الأوان.