قرية أهل بودريس، قلب قبيلة غياثة / إقليم تازة .. من عبق تاريخ مجيد ..
تازة بريس
عبد الجبار المودن
وسط جبال الاطلس المتوسط من جهة الشمال الوسطى، تقع قرية أهل بودريس الخازنة لأسرار دفينة وقديمة، تعود لعهد الأدارسة الأشراف مؤسسي الدولة الإسلامية المغربية، فإسم القرية يدل على ارتباطها الوثيق بهذه الأسرة القادمة من الشرق الأوسط العربي على عهد الخلافة العباسية : أهل اب مولاي إدريس واختلفت الروايات ، هل الأول إدريس الأكبر أم الثاني المؤسس الفعلي لمدينة فاس؟ ومرورا عبر أزمنة الأسر المتعاقبة على حكم الدولة المغربية، أي بعد استلام أسرة المرابطين الحكم بعد حقبة الادارسة، نجد هناك في قلب البلدة وبالضبط، وسط مقبرة القرية ضريحا لأحد الأولياء إسمه سيدي يوسف لمرابط ولازالت عائلته وامتداداته الفرعية وشجرته الأسرية في دوار اسمه المرابطين وهم شرفاء النسب والأصل.
ثم نصل لزمن المرينيين ووزارئهم الوطاسيين، لنجد آثارهم في العلم وحفظ القرآن الكريم ومنهم فقهاء مجاسة / مجاصة وعلماؤهم المشهورون في القرن السابع الهجري بعد الاهتزاز الذي عرفه الشرق العربي :غزو جحافل التتار والمغول وابادتهم للشرق العربي بأسره وقتلهم خليفة المسلمين المستعصم العباسي، وبالمناسبة ففخذة مجاسة لا زالت إلى حدود اليوم تقطن بدواوير: بوشفاعة، بوحلو، اغبال والساهلة. … وفي هذا الزمن يروى أنه بنيت قصبة أهل بودريس ومسجدها ودكاكينها وأبوابها وأزقتها وكل هياكلها من أبراج وأسوار، وكانت تحت إشراف الشريف سيدي علي توزاني (زاوية أغبال)، وهنا أفتح قوسا، لأن هناك روايات تتحدث عن زمن السلطان أبي النصر المولى إسماعيل العلوي بعدعدة معارك في مواجهة العثمانيين. حيث بنى القصبات وأقام الثغور والمتاريس تحسبا لهجمات الجيش العثماني القادم من ولاية الجزائر، الأمر الذي يتطلب المزيد من البحث والتدقيق التاريخي للمراجع.
ثم تأتي مرحلة الثائر الجيلالي الزرهوني الجيلالي (بوحمارة) الذي كان يتجول بالقرية ويبيت بمسجدها وأسس من ساكنتها جيشا، حتى القي عليه القبض شمال البلاد في قلب الريف / ثم اقتيد إلى العاصمة فاس وطوف به في قفصه المشهور وألقي به إلى السباع لافتراسه. وبعدها جاءت مرحلة الاستعمار الفرنسي والمقاومة المسلحة في جبل الحليب تاغروت والساهلة وبوجمجام والملحمة المتبادلة مع المقاومة الوراينية، سواء بجبل بوهدلي أو بجبل الحليب والتاريخ خير شاهد إلى أن تحقق الاستقلال سنة 1956 .
* ناشط مدني / باب أزهر- بوشفاعة