عوض البهرجة..لماذا لم يتم استثمار حضور تازة الرمزي في مونديال 2002 لإنعاش المدينة
تازة بريس
بعد الإنجاز التاريخي الرياضي غير المسبوق للمنتخب الوطني المغربي لكرة القدم في مونديال قطر 2022، شهدت الحركة السياحة بعدد من المدن المغربية ومنها خاصة تلك التي ينتمي اليها لاعبو المنتخب الوطني، فضلا عن أثر تدوينة الملياردير الأمريكي إيلون ماسك التي هنأ فيها المنتخب المغربي بعد تغلبه على رفاق كرستيانو رونالدو،وهي المقابلة التي أهلت الأسود للمربع الذهبي، وقد اعتبر الكثير منشور مالك شركة تويتر هذا دعاية سياحية للمغرب تقدر بالملايير، بحيث نالت تغريدة هذا الأخير خلال ربع ساعة تفاعلا كبيرا وأعاد نشرها 44 ألف وأبدى إعجابه بها 256 ألف زائر.
وعليه، توقع مهنيون سياحيون ومتتبعون مهتمون أن يكون لِما حققه المنتخب المغربي من تميز رياضي تاريخي، ومعه هذه الالتفاتة من طرف الملياردير الأمريكي، أثر كبير على قطاع السياحة الوطنية معتبرين اياها فرصة ذهبية كي يسترجع هذا القطاع الاستراتيجي بالنسبة للاقتصاد الوطني حيويته المعهودة بعد ما اصيب به اثر جائحة كورونا، بكيفية خاصة مدن مراكش وطنجة والرباط وفاس ومكناس وتطوان واكادير وعدد من المواقع الشاطئية والرملية بالصحراء المغربية. وبالتالي ما يمكن ان يحصل من دفعة قوية لهذا القطاع مستفيدا من هذه الانجازات الرياضية، وفي نفس الوقت من انجازات الدبلوماسية الرياضية المغربية في قطر، عبر ما قد يحصل من ارتفاع لعدد السياح الذين سيختارون المغرب وجهة لزيارتهم وعطلهم، للتعرف عليه وعلى موطن وبلاد الأسود وعناصر المنتخب الوطني لكرة القدم مدنا كانت ام بوادي، ناهيك عن اكتشاف ما تزخر به البلاد من مؤهلات سياحية طبيعية وثقافية وعمرانية تاريخية عالية القيمة الانسانية والحضارية. ويتبين من خلال الانطباعات الأولية والصورة العامة ان عددا من المدن المغربية السياحية، شهدت انتعاشا سياحيا هاما ومعبرا على أكثر من مستوى بعد انتهاء مونديال قطر، وعلى اثر ما خلفه المنتخب المغربي لكرة القدم من حضور رياضي متميز أثار ما أثار من اعجاب. ولعل ما سجل في هذا الاطار ارتفاع نسبة الإشغالات بفنادق بعض المدن إلى حدود 80 بالمائة، تزامنا مع شهر دجنبر حيث احتفالات رأس السنة الميلادية مع توقعات نسبة إشغالات إلى 100 بالمائة، وهو ما يعني استرجاع قطاع السياحة المغربية لعافيته.
يذكر أن مدينة فاس مثلا وغيرها من المدن التي ينتمي اليها لاعبو المنتخب الوطني لكرة القدم، بحكم رغبة الأجانب من السياح في التعرف عليها من خلال ما تركه هؤلاء من بصمة وأداء رياضي وطني وصورة رفيعة جابت العالم من اقصاه الى اقصاه وقد شاهدها ملايير الناس في ربوع العالم. مدينة فاس هذه بدأت تتعافى سياحيا بناء على عدد السياح المقبلين على المدينة، والذين منهم من يكتشفها لأول مرة والفضل في ذلك انجاز المنتخب الوطني التاريخي في قطر. وإذا كانت الجهات الوصية على قطاع السياحة ومعها السلطات المحلية والاعلام والمجتمع المدني الفاعل في الحقل الثقافي الانساني فضلا عن مؤسسات ثقافية وابداعية غيرها بفاس، قد تعبأت جميعها عبر توظيف جميع السبل الممكنة للتعريف بالمنتخب الوطني وبلاعبيه وأصولهم الاجتماعية ومواطن ولادتهم والمدارس التي تابعوا فيها دراستهم وطفولتهم وهوايتهم الرياضية في خطواتها الأولى، وهو ما انعش فاس واالحركة السياحية بفاس وتاونات. فلماذا لا تكون تازة بهذا القدر من الذكاء الترابي والاجتهاد أيضا لاستثمار الانجاز التاريخي للمنتخب المغربي، من أجل تحريك المدينة واخراجها من نومها العميق واقتصادها البئيس وتفاهة أنشطتها الثقافية وهدرها للمال العام، في متاهات وتفاهات وبهرجة ثقافية لا فائدة منها لا على المدى القريب ولا البعيد.
لماذا لم تتم تعبئة الفاعلين السياحيين بالمدينة والمجتمع المدني الفاعل في هذا المجال والباحثين والاعلاميين محليا وجهويا ووطنيا، للتعريف بالتاريخ الرياضي والكروي لتازة مثلا، والتعريف بلاعبيها الكبار الذين قدموا الكثير في مونديال 1986 و 2022 من خلال ما كانوا عليه من بصمة وقوة ورفع للعلم الوطني عاليا في هذا الملتقيات الدولية الهامة جدا بالنسبة للاقتصاد والعلاقات الدولية وخاصة مجال التنمية السياحية. لماذا لم يتم الاحتفاء من خلال اعمال ابداعية مسرحية وشعرية وتشكيلية وفنون شعبية بهذا الحدث، وبأبناء تازة في مجال الرياضة على الصعيد الدولي الذين تألقوا وفي روحهم المدينة تازة، لماذا لم يتم استثمار انتماء اللاعب بوفال التازي مثلا وما خلفه من عطاء قوي، وما خلفته رقصته مع والدته التي جابت العالم من اقصاه الى اقصاه، وقد قدمت رمزية تلك الرقصة خدمة مجانية كبرى للمغرب لا تقدر بثمن في مجال الاشهار.
ولماذا لم يتم استثمار هذا الحدث الكروي وانجازاته ومعه الاستقبال الملكي للفريق الوطني الذي يضم تازيين، لانعاش المدينة من خلال تناول الحدث بالذكاء الترابي المطلوب، ومعه التعريف بباقي اللاعبين التازيين اللامعين في الفرق الكبرى العالمية وما اكثرهم، الا يمكن أن يكون لكل هذا وذاك من الخطوات أثر في إخراج تازة من عزلتها ولو ظرفيا عوض التفاهات المبنية على الاستهلاك والهدر فقط وليس الانتاج والاضافة والتنمية، لماذا لم تتم تعبئة وتحفيز الاعلام والثقافة البناءة الوظيفية والأنشطة والفرص المتاحة وسبل الاستثمار والتحفيز من اجل استقبال سياحي في حدود معينة لمن يرغب، لماذا لا يتم حسن استغلال الفرص التي تتاح على قلتها خدمة لهذه المدينة المنكوبة على اكثر من صعيد، وأين هو النبوغ التازي وأين هي نخبة تازة من مثقفين ومبدعين حقيقيين وجمعويين متبصرين استشارفيين، وأين هي السلطات المحلية ورجال الاعمال والمنتخبين والهيئات المنتخبة وأعيان المدينة. ما الذي أصاب هذه المدينة وأعمى بصيرة أهلها ومدبي شأنها حتى فقدت طريقها بخلاف ما كانت عليه على الأقل الى عهد قريب، أين هم مثقفو تازة واين هي ثقافتها ورجالاتها…، ألم يكن من المفيد بالنسبة للمدينة استثمار حدث المونديال ووجود أبناء تازة ضمن لاعبي المنتخب الوطني والاستقبال الملكي، عوض ما تجتره المدينة من بهرجة ثقافية لا طعم ولا رائحة ولا لون لها وقد باتت بالية متهالكة من شدة الجر والاجترار، لماذا الهرولة بهذا الشكل الفضيع من اجل الريع اينما وجد وليس الهرولة الى ما ينفع البلاد والعباد.
الحديث في الموضوع حقيقة ذو شجون، لكن نعتقد أن الفرصة لم تضع بعد من أيدي المدينة، ومن ثمة نلتمس من الجميع كل من موقعه بعيدا عن الاختلافات والحسابات الضيقة، نلتمس بلورة تصورات معينة اجرائية رمزية ما لجعل أبناء تازة المتميزين ضمن الجالية المغربية المقيمة بالخارج، في المشروع والاستشراف التنموي للمدينة، ولجعل اللاعبين التازيين ضمن المنتخب الوطني لكرة القدم مثل اللاعب سفيان بوفال التازي في قلب الخطوة من اجل انطلاقة سياحية دولية ووطنية بالمدينة، علما أن سوفيان بوفال حاز قدرا كبيرا من اعجاب الجماهير الرياضية الدولية والمغربية في محطة قطر 2022، بفعل أداءه المتميز واختراقاته وتميز أداءه الرياضي الذي خلف جدلا واسعا. وبعد بوفال هناك يونس بلهندة ومكانة هذا الاخير الرياضية الكبيرة، مع إستحضار الأسماء التازية التي كانت ضمن المنتخب الوطني وتركت بصمات رفيعة المستوى، لاتزال عالقة في ذاكرة الجماهير الرياضية المغربية والدولية، من قبيل المدافع الصلب التازي مصطفى البياز، والمتميز عبدالكريم الحضريوي، واللاعب الدولي التازي جواد الزاييري والرائع اللاعب الدولي التازي عادل تاعرابت وغيرهم. ، لماذا لا يتم الاشتغال على هذه الواجهة كموراد ناعمة ورمزية تازية وجعل حدث المونديال وتألق أبناء تازة في قلب الحدث والرهان والورش التنموي للمدينة، إسوة بالمدن الأخرى عبر ما ينبغي من سبل اخراج وتنزيل من أجل ما من شأنه أن يكون رافعا للمدينة، مساهما في نماءها وتجاوزها لبؤسها الذي يبدو أنه طال أمده ولا حول ولا قوة الا بالله.