تازة : المجتمع المدني يحتفي بالذكرى 47 لملحمة المسيرة الخضراء

عبد السلام انويكًة

بحلول الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء التي تصادف السادس نونبر من كل سنة، يخلد الشعب المغربي ملحمة ساطعة في مسار الكفاح الوطني من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية. ولعل تخليد الحدث يشكل لحظة لاستحضار امجاد طبعت هذه المحطة التاريخية التي تظل منقوشة بمداد من ذهب في الذاكرة الحية للمغرب، وكانت جماهير المتطوعين المغاربة قد انطلقت من كل ربوع البلاد سنة 1975 صوب الأقاليم الجنوبية لتحريرها من الاستعمار الإسباني، ما شكل صور تلاحم من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.

 وكان أسلوب المغرب السلمي من خلال المسيرة الخضراء، قد أظهر للعالم ارادة المغاربة على إنهاء الوجود الأجنبي والاستيطان الاستعماري، حيث حققت هذه المسيرة أهدافها وحطمت حدودا مصطنعة بين أبناء الوطن الواحد، رافعة ومستندة لكتاب الله والدفاع عن حمى الوطن والتمسك بقيم السلم والسلام في استرداد الحق والذود عنه. وهكذا أمام حشود مسلحة بالمصحف الكريم والعلم الوطني، لم تمتلك سلطات الاحتلال الإسباني إلا الرضوخ، لتصبح بذلك هذه المسيرة حدثا تاريخيا شد أنظار العالم وخلف أصداء كبيرة، وعكس عزم وإيمان المغاربة وتعبئتهم الشاملة من أجل استرجاع الأراضي المستلبة. وقد تكللت هذه الملحمة بنصر المغاربة الذين رفعوا راية الوطن خفاقة في سماء العيون بتاريخ 28 فبراير 1976، إيذانا بانتهاء فترة الاحتلال والوجود الأجنبي بربوع الصحراء المغربية، ليليها استرجاع إقليم وادي الذهب في 14 غشت 1979.

والواقع أن ذكرى المسيرة السلمية تدعو قوى البلاد وكل الأطياف السياسية والنقابية والحقوقية لتقوية الجبهة الداخلية، وتعزيز توجهات واختيارات التنمية التي تستجيب لتطلعات سائر فئات المجتمع المغربي في تحقيق سبل التقدم الاقتصادي والرفاه الاجتماعي، في وطن ينعم فيه أبناؤه بالعزة والكرامة والرخاء والاستقرار. وها هو المغرب اليوم يقف صامدا في الدفاع عن حقوقه الترابية المشروعة مبرزا بإجماعه استماتته في صيانة وحدته الثابتة، مؤكدا من خلال مواقفه على إرادته القوية وتجنده  دفاعا عن مغربية صحرائه، ومبادرته الجادة لإنهاء كل أسباب النزاع المفتعل وسعيه إلى تقوية أواصر الإخاء بالمنطقة المغاربية خدمة لشعوبها وتعزيزا لاتحادها واستشرافا لآفاق مستقبلها المنشود.

وكان من ثمار دينامية المغرب التنموية أن جعلت من اقاليم الصحراء المغربية ورشا مفتوحا للإنجازات، حيث أصبحت هذه الربوع تسجل نتائج معبرة في مجال التنمية الاجتماعية وأعلى نسب نمو الناتج الداخلي الخام وأفضل أداء لسوق الشغل، وهو ما عزز بشكل مطرد من جاذبيتها الاقتصادية. وعليه باتت هذه الأقاليم تستجمع كافة المتطلبات الكفيلة بتجسيد نظام الجهوية الموسعة، التي تروم نقلة نوعية في مسار الديمقراطية المحلية في أفق جعل الأقاليم الجنوبية نموذجا للجهوية المتقدمة، بما يعزز تدبيرها الديمقراطي لشؤونها المحلية ويؤهلها لممارسة صلاحيات أوسع.

وبهذه المناسبة  احتفت مدينة تازة عبر مجتمعها المدني ممثلا في جمعية النور لرعاية الطفل والمرأة في وضعية صعبة، بملحة المسيرة الخضراء في ذكراها السابعة والأربعين، مستهدفة من خلال برنامجها الاحتفالي ترسيخ مبادئ وقيم المواطنة في نفوس الأطفال. بحيث تضمنت أنشطة الجمعية يومه السبت 5 نونبر الجاري احتفالا بذكرى المسيرة الخضراء، نبذة تاريخية وصورا واشرطة حول هذه الملحمة التي تدخل ضمن مسار الكفاح الوطني من أجل استكمال الاستقلال وتحقيق وحدة المملكة الترابية.