أزمة مقابر مقلقة بتازة ولا حياة لمن تنادي لدى الأطراف المسؤولة محليا..

تازة بريس
عبد السلام انويكًة
واقع حال مؤلم مقلق مؤسف، ذلك الذي توجد عليه مقابر المسلمين بمدينة تازة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، ذلك انها لم تعد تستوعب دفن الموتى بما في ذلك مقبرة المدينة العتيقة الشهيرة ب “المصلى” لعدم كفاية عقارها الذي امتلئ عن آخره ، وكذا على مستوى بعض مقابر المدينة الجديدة كما حال مقبرة الرضوان التي تتوسط عدة احياء بتازة السفلى (حي السعادة، الرشاد، المسعودية، الكًعدة، وريدة..الخ) والتي كثيرا ما يفاجئ أقارب الموتى بصعوبة ايجاد مكان قبر لدفن أحد موتاهم، وهو ما يعتبره الكثير صورة مهزلة حقيقية، عندما يطوف الانسان في مقبرة من اقصاها لأقصاها ولا يجد مكانا لدفن أحد أقاربه. دون تفكير من قبل الجهات المعنية من سلطات محلية وهيئات منتخبة ومصالح خارجية رغم النداءات والاشارات الصحافية المحلية وغيرها، في فتح مقابر جديدة، فضلا عما يسجل بخلاف ما طبع ماضي المغرب والمغاربة، من غياب لحس الاحسان والتبرع وتوقيف قطع أرضية لهذا الغرض من قبل ميسورين من أهل التجزئات السكنية الممتدة هنا وهناك.
هكذا بات واقع مقابر تازة يؤرق الساكنة لدرجة الحديث عن “أزمة قبر” على مستوى مجال حضري يجمع بين مقابر قديمة تم اغلاقها منذ أكثر من ثلاثة عقود مثل مقبرة سيدي عيسى وسيدي عبد الجليل وغيرهما، وبين مقابر تقلصت مساحتها بشكل مقلق، لدرجة باتت غير قادرة على استيعاب الموتى الجدد، ناهيك عما يسجل في فضاءاتها من انتهاك بحاجة لإجراءات قانونية حماية لحرمة الأموات. فهل ضاقت أراضي تازة لهذا الحد على أهلها من الموتى، أليست هناك سبل لحماية هذه المقابر، وأين الخلل ومن يتحمل مسؤولية ما يوجد من إهمال وبؤس. ألا تقلق مشاهد ووضع المقابر وامتلائها مدبري الشأن المحلي وخاصة المعمرين منهم، ولماذا غياب مقترحات اصلاح لجعلها بحلة انسانية واسلامية حقيقية ومكانا محترما آمنا. ولماذا النظر للمقابر باعتبارها مجالات ميتة لمجرد أنها تأوي”موتى”، وليس جزءا حيا من مشهد المدينة العام بحاجة لحرمة وأمن ونظافة الخ، ومتى يتم التفكير في عمل تدبيري تشاركي لهذه المقابر لتجاوز ما هناك من وضع بئيس، ومتى تكون هذه الأخيرة بحراس وسجلات دفن ونظام حراسة الخ. من اجل مقابر برؤية دينية وجمالية، ولتجاوز ايضا ما هناك من إهمال وسلوك منحرف بها وقلة نظافة الخ، حتى تكون فضاء للترحم في جو مفعم بخشوع وصفاء وتأمل في مصير الجميع.
يذكر أن وزير الداخلية الأسبق (أ، م)، كان قد بعث بدورية لولاة وعمال الأقاليم في 29 ماي 2000، جاء فيها أنه “بمقتضى دوريتي عدد 159 بتاريخ 5 يوليوز1989 حول المحافظة على المقابر وصيانتها، سبق لي أن لفتت انتباهكم إلى الوضعية المزرية التي توجد عليها غالبية مقابر المسلمين عبر تراب المملكة… كما دعوتكم من خلالها إلى حث الجماعات التابعة لدائرة اختصاصكم على الاعتناء بالمقابر الإسلامية بتنظيمها وصيانتها والمحافظة عليها. ويؤسفني- يضيف الوزير- “أن أذكركم مرة أخرى بكون المقابر الاسلامية لا زالت في معظمها على حالتها المزرية، حيث رغم النداءات المتكررة من هذه الوزارة قصد الاعتناء بها، ورغم الأسئلة النيابية المتعددة التي قدمت للحكومة بصددها، لم تبذل الجماعات المعنية أي مجهود ملموس للخروج بها من تلك الأوضاع المزرية”. إن ما جاء في هذه الدورية الوزارية من توجيه وملاحظات بعد أكثر من عقدين من الزمن، يبدو أنه لازال أمرا قائما واضحا منسجما مع واقع حال مقابر تازة، ما يقتضي التفاتا لروح هذه الأخيرة ولحرمتها ولما توجد عليه من خصاص بعدما ما بات يقلق ويشغل بال مواطنين بسبب صعوبة ايجاد قبر لدفن موتاهم، ولعل مقبرة الرضوان بجوار مسجد الرضوان المجاور لحي السعادة لصورة معبرة. ونعتقد أن مقابر تازة ينبغي أن تكون جزء لا يتجزأ من مجال المدينة الترابي العام وضمن رؤية تخص تدبيره، بل واقع مقابر المدينة يحتاج لمساحات جديدة لتجنب ما هناك من اكتظاظ مسجل، يتبين منه أنها تجاوزت طاقتها الاستيعابية في سوادها الأعظم. ولتجنب ربما أيضا أزمة حقيقية في هذا المجال خلال السنوات القادمة إن بقي الوضع على ما هو عليه. جدير بالاشارة الى أن معظم مقابر تازة لا تتوفر على حد أدنى من التجهيز (سكن حارس، ماء، إنارة ممرات راجلين .. ناهيك عن أسوار محيطة وحتى وإن هي وجدت فهي مهترئة..)، والى أن الجماعات المحلية هي الوصية على تدبير القطاع وفقا للفصل 50 من الميثاق الجماعي. وعليه، ما هناك من مسؤولية لجماعة تازة وما يسجل صوبها من لوم إثر ما يظهر من تجاهل لحالة مقابر وما باتت عليه من وضع غير لائق. ولعل من واجب كل مهتم متتبع أن يسأل ايضا عن واجب وزارة الأوقاف والشؤون الاسلامية، تجاه واقع مقابر تازة وما هناك من خصاص مهول مقلق.