تازة بريس
عزيز ريباك .. الرباط
ليست المرة الأولى التي يخرج فيها المنتخب المغربي صفر اليدين من أكبر تظاهرة كروية قارية، حتى ان المسألة باتت تشبه قدرا محتوما. فباستثناء عامي 1976 موعد أول وآخر تتويج افريقي(عندما كانت البطولة تقام على شكل دوري) و2004 تاريخ اول مباراة نهائية أمام مستضيف الدورة المنتخب التونسي، لم يقو الفريق الوطني على فرض شخصيته ضمن كبار القارة إلا في مناسبات قليلة جدا ببلوغه مراحل متقدمة نسبيا كنصف النهائي او الربع.
بعيدا عن السرد التاريخي للمشاركات المغربية في الكؤوس الافريقية، نحاول في هذه الورقة الإحاطة بأسباب الاخفاق هذه المرة. ونحصرها في الاختيارات البشرية للمدرب وليد الركراكي باعتباره المسؤول الأول عن هذه النكسة الجديدة، وعلى اعتبار أن هذه الاختيارات هي التي قادت إلى الوضعية الهشة في المباراة الحاسمة أمام ج افريقيا. فالمراهنة على لاعبين مصابين(حالة نصير المزراوي) وآخرين خرجوا للتو من فترة غياب طويلة عن الملاعب بسبب الاصابة(حالة سفيان بوفال)، كانت مغامرة غير محسوبة العواقب. وكأن غياب بوفال وزياش عن المباراة امام ج أفريقيا بسبب الاصابة وهو غياب مؤثر بنسبة كبيرة، جاء ليكرس التوجه الخاطئ والاختيارات الفاشلة لوليد الركراكي. فهذا الأخير وبعناد غير مبرر، أصر على صرف النظر عن لاعبين كان بإمكانهما ان يملأ الفراغ الذي تركه اللاعبان زياش وبوفال. الامر يتعلق بسفيان رحيمي الذي ينشط في البطولة الإماراتية، ومراد باتنة الذي لاتخطءه العين بالدوري السعودي.
أما بخصوص نصير مزراوي فالسؤال يبقى محيرا عن الجدوى من توظيفه ضمن النخبة الوطنية في البطولة القارية، وهو المصاب أصلا بدليل انه لم يخض غمار المباريات الثلاث الاولى عن دور المجموعات. وجاء ظهوره في رابع المباريات امام ج أفريقيا مخيبا كونه كسر حالة التسلل على اللاعب الذي أحرز الهدف الأول في مرمى ياسين بونو لتعاوده الاصابة خلال ماتبقى من عمر المباراة مما اضطره للمغادرة. الم يكن من الأجدر اشراك اللاعب عطية الله كاساسي نظير المامه بواقع وحقائق مركز الظهير الايسر. والحقيقة أن مزراوي يجيد اللعب كظهير ايمن، واداؤه مع البايرن شاهد على ذلك، بل وكان يوظف احيانا كلاعب وسط بفريق اجاكس أمستردام الهولاندي. وكان من الممكن في تقديري وبالرجوع لمردوده غير المقنع في نهائيات كاس العالم بقطر ومحدودية امكاناته البدنية، الاستغناء عنه خاصة وان هناك بديلا آخر لمركز الظهير الأيسر يسمى عبدالمنعم بوطويل، الذي يتولى هذه المهمة وباقتدار بفريق سانداونز الذي كان منتخب البافانا بافانا مؤلفا بنسبة 90 في الماءة من عناصره.
كان هذا(الاختيارات البشرية للناخب الوطني) ، في نظري واحدا من العوامل التي ساهمت في خروج المنتخب الوطني صاغرا من نهائيات كأس افريقيا بالكوديفوار، على ان هناك ظروفا ومعطيات اخرى كان لها نصيبها في هذا الاخفاق، كضياع ضربة الجزاء من طرف أبرز عنصر في المجموعة أشرف حكيمي، وهي مسالة واردة في مباريات كرة القدم، وغياب النجاعة التهديفية لدى المهاجمين (أمين عدلي واوناحي نموذجا)، دون الحديث عن الغياب الكلي ليوسف النصيري. ومن العوامل المحيطة (extrasportifs) والتي كان لها في رأيي دور سلبي واسهمت في تشتيت التركيز لدى اللاعبين ، حضور وفد اعلامي كبير لم يتوان بعض افراده كلما اتيحت الفرصة، في اثقال كاهل وذهن المدرب باسئلة غير مقبولة لا شكلا ولامضمونا غير مستجيبة للمعايير المطلوبة صحفيا. كما أن “المعارك الكلامية المجانية” التي انخرط فيها بعض اللاعبين كاوناحي والشيبي وكذا المدرب وليد الركراكي، كانت كفيلة للنيل من الهدوء والتركيز المطلوبين في مثل هذه الظروف.
هي على كل حال، حلقة اخرى ضمن مسلسل الاخفاقات ذات الطابع الافريقي لمنتخب كان يشار في هذه البطولة، ضمن قاموس المعلقين، ك”رابع العالم” مما زاد الجرح ايلاما والحسرة عمقا وشدة. لكن سيكون من باب الجحود جلد مدرب ومنتخب قوبلا بالأمس القريب بإعجاب وعطف جماهيريين كبيرين داخليا وخارجيا، ونجحا في خلخلة واقع كروي عالمي ظل صامدا منذ ثلاثينيات القرن الماضي. ……. كل التقدير والتشجيع للمنتخب المغربي ومدربه وليد الركراكي.