تازة بريس
رغم الإجراءات المتخذة لإنقاذ صناديق التقاعد بالمغرب من الإفلاس فإن هذه الصناديق لا تزال تعيش أزمة بنيوية تهدد استمرارها، هذا ما أكده تقرير لمرصد العمل الحكومي متوقفا في تقريره له المعنون ب “صناديق التقاعد في المغرب.. الواقع والتحديات”، على سيناريو إصلاح أنظمة التقاعد الذي قدمته الحكومة مسجلا جملة ملاحظات. منتقدا التستر غير المبرر للحكومة على نتائج الدراسة المنجزة من طرف مكتب الدراسات حول اصلاح أنظمة التقاعد، والدفع بإلزام الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين بالحفاظ على سرية المقترحات، في تعارض تام مع طبيعة الملف المجتمعية. مشيرا إلى التجاوز غير المبرر للتحليل المقدم من طرف الحكومة للمسببات الحقيقية للازمة ومن بينها الامتناع الطويل للدولة عن تأدية مستحقاتها لصناديق التقاعد ما تسبب في عجز بنيوي في احتياطاتها وسرع بعجزها التقني. ومسجلا عدم تضمين المقترحات المقدمة من طرف الحكومة لأي رؤية فيما يتعلق بتحسين مردودية الاستثمارات الخاصة باحتياطات صناديق التقاعد وتحسين فعاليتها وتقييم أوجه اعتمادها وتوظيفها، والتنصل من المسؤولية و التجاوز غير المبرر للتدبير الكارثي لصناديق التقاعد والهدر الكبير الذي عرفته ماليتها واحتياطاتها رغم صدور عدة تقارير في هذا الشأن.
كما انتقد التقرير اعتماد الحكومة على مقاربة إصلاحية ذات اتجاه واحد بإجراءات ثلاثية ( رفع سن التقاعد ، خفض تعويضات التقاعد ، الرفع من قيمة الاشتراكات) تقع مسؤولية وأثر تنفيذها بشكل كلي على الأجراء، دون تحمل الدولة لمسؤوليتها فيما يتعلق بالاختلالات البنيوية التي تسببت فيها طيلة عقود من الزمن. منبها إلى غياب أي بعد تواصلي لدى الحكومة فيما يتعلق بإصلاح صناديق التقاعد، وحصر النقاش داخل جلسات الحوار الاجتماعي، في تغييب غير مبرر للنقاش المجتمعي بخصوص هذا الملف الاستراتيجي و المصيري لفئات واسعة من المجتمع المغربي. مقدما مجموعة من التوصيات، على رأسها تحمل الدولة لمسؤوليتها عن عدم تسديدها لأقساطها عن الفترة الممتدة من 1959 إلى 1997 وما خلفه من هدر، أثر على مردوديتها بما بقدر بأكثر من 25 مليار درهم. مؤكدا على ضرورة اعتماد اصلاح تدريجي وفق أجندة إصلاح متوسطة المدى لا تقل عن 10 سنوات من أجل تنزيل إصلاح شامل و مستدام، وإعادة النظر في القوانين المنظمة لتدبير احتياطات صناديق التقاعد بما يزيد من مردودية واستثماراتها بما لا يقل عن 8 او 9% سنويا، ويحسن من مساهمتها في تمويل الاقتصاد الوطني. وقد شدد التقرير على ضرورة إعفاء الأجراء والموظفين الذين يفوق سنهم 55 سنة من كل أثر لإصلاح مرتقب، مع تغليب الكفة نحو الفئات العمرية الشابة، وضرورة وضع حد أدنى لمعاش التقاعد لا يقل عن 1800 درهم للحفاظ على القدرة الشرائية على الطبقة الشغيلة من ذوي الدخل المحدود. داعيا إلى العمل على تقليص هدر زمن تنزيل الإصلاح في أفق 2024 على أبعد تقدير، والعمل على سن إجراء ضريبي تضامني، يخصص لتمويل ورش الحماية الاجتماعية بشكل عام وأنظمة التقاعد بشكل خاص.