تازة بريس
من غير المستبعد أن يتضمن مشروع قانون مالية السنة القادمة مقتضيات تخص الضريبة على الثروة بالمغرب، بناء على ما بات عليه هذا الاجراء من حاجة ماسة في ظل ما هناك من تحديات اجتماعية واقتصادية، بحيث اعتبرت مصادر اعلامية (أ.م) أن اخراج هذه الضريبة الى حيز الوجود قد يكون مفاجأة مشروع مالية 2023. ولعل المقترح الذي لم يأت هذه المرة من المعارضة جاء بعد ما باتت الحكومة محاصرة بأزمات عدة ومتداخلة، ومن ثمة حاجتها لموارد مالية إضافية مساعدة على تقليص ما هناك خصاص. وكانت فيدرالية اليسار الديمقراطي هي من طرحت الموضوع لأول مرة في مجلس المستشارين قبل سنوات مرتكزة في طرحها وتأسيسها على ما يحتويه الفصل 39 و40 من الدستور المغربي.
ولعل ورش الحماية الاجتماعية الذي ستعتمد فيه الحكومة على إقرار مبدأ التضامن بين فئات المجتمع، يعد دافعا كبيرا نحو فرض هذه الضريبة لأول مرة في تاريخ مشاريع قوانين المالية بالمغرب، وفي عهد حكومة بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي رفض وزراؤه الذين تولوا حقيبة الاقتصاد والمالية فرض هذه الضريبة مرارا تضيف (أ.م)، حيث كان كل وزراء “الحمامة” السابقون صلاح الدين مزوار ومحمد بوسعيد وأخيرا محمد بنشعبون يرفعون سيف الفصل 77 من الدستور في وجه هذه المطالب، لكن يبدو أن الظروف تغيرت اليوم، ولا ينقصنا سوى الإطلاع على تفاصيل هذه الضريبة في مشروع قانون مالية 2023 الذي سيحال خلال أيام على البرلمان.
وكانت منظمة “أوكسفام” الدولية قد حثت المغرب السنة الماضية، على إقرار ضريبة على الثروة لتحفيز اقتصاد البلاد الذي يعاني من ركود، مع توصية للحكومة المغربية بالانخراط في إصلاح جبائي عبر فرض ضريبة على الثروة لتوفير إيرادات في سياق الإنعاش الاقتصادي. وتوقعت المنظمة من الحكومة المغربية تبني جباية منصفة من أجل تقليص الفوارق، موازاة مع توسيع الوعاء الجبائي وتعزيز تصاعدية النظام بهدف تمويل مشاريع طموحة عبر فرض ضريبة على الثروة. وأكدت المنظمة على امكانية تمويل المغرب لإقلاع اقتصادي منصف وقائم على المساواة على غرار بلدان أخرى في العالم، مع العمل على تعبئة موارد جبائية مهمة خاصة في ظل ضعف نظام الحماية الاجتماعية. مبرزة أن سعي الحكومة لتعميم التغطية الاجتماعية يواجهه تحد كبير يخص مسألة تمويل المشروع في ظل تراجع موارد الدولة.
ولعل جائحة كورونا والجفاف كانا وراء ما حصل من انكماش اقتصادي بنسبة 7% حسب المندوبية السامية للتخطيط، فيما تراجع استهلاك الأسر بـ 9.4% للمرة الأولى منذ سبعة وعشرين عاماً. وسجل البنك الدولي أن الأزمة ستؤدي إلى ارتفاع عجز الموازنة إلى 7.8%، بينما سترتفع مديونية الخزينة إلى 76% من الناتج الداخلي الخام في ظل العودة إلى طرح سندات في السوق الدولية. وذهبت منظمة “أوكسفام” إلى أن 60% من الساكنة المغربية النشيطة غير مشمولة بنظام للمعاشات، وأن حوالى 46% منها لا تتوافر على تغطية صحية حسب المجلس الاقتصادي والاجتماعي.