تازة بريس
مدافع صلب من زمن رياضي كروي جميل، قد لايعرفه الجيل الجديد من المتابعين لمسيرة المنتخب المغربي لكرة القدم، لكنه لاعب بإمكانيات بدنية وتقنية محترمة جعلته من أفضل لاعبي خط دفاع “أسود الأطلس” في فترة ثمانينات القرن الماضي. إنه إبن مدينة تازة لاعب لم يجد به الزمن بعد، وقد فضل التواري عن الأنظار بعدما كان من أشهر لاعبي المنتخب المغربي، الذين داع صيتهم في القارة الإفريقية والعالم وخاصة إبان مونديال مكسيكو 1986.
يعتبر مصطفى البياز، من أفضل المدافعين الذين مروا في تاريخ كرة القدم المغربية، حيث إشتهر بتدخلاته القوية والعنيفة أحيانا، والتي أرعبت العديد من خصوم “أسود الأطلس”، فإبن مدينة تازة لم يكن يعرف في المستديرة شيئا إسمه التساهل مع المنافسين، وفي كل المباريات، وبالأخص مع المنتخب لمغربي خلال ثمانينات القرن الماضي كان يبلل قميصه عرقا من كثرة الركض في الملعب، دفاعا عن ألوان المنتخب المغربي حيث إكتسب شهرة واسعة، بالنظر لقتاليته ماجعله محبوبا للعديد من الجماهير المغربية التي كانت تعشق طريقته في اللعب، والكيفية التي يوقف بها الخصوم. ساهم البياز الذي إزداد في 12 فبراير 1960 بشكل قوي في ملحمة مونديال المكسيك 1986، التي شهدت عبور الأسود للدور الثاني كأول منتخب عربي أفريقي يحقق هذا الإنجاز، لكنه سرعان ما طاله التهميش، وطوته ذاكرة النسيان، ليغيب عن أنظار الجيل الحالي، وهو الذي تعلم أبجديات الكرة في مدينة تازة قبل أن يلحق بالكوكب المراكشي، ثم الأولمبيك البيضاوي وبعدها بينافييل البرتغالي.
كان مصطفى البياز من أقوى المدافعين الذين مروا من صفوف المنتخب المغربي، وكان بمثابة الجدار الأول، الذي يصد غارات المنافسين على مرمى رفيق دربه الحارس بادو الزاكي في فترة الثمانينات، في الوقت الذي تميز ببنيته الجسدية القوية، حيث كان يقلق كبار مهاجمي القارة السمراء، الذين كانوا يخشونه، ويحرصون على الإبتعاد عنه بالنظر لطريقة لعبه الخشنة. هذه الطريقة أكسبت مصطفى البياز شهرة واسعة في المغرب وإفريقيا، فكان دائما تحت أعين الحكام الذين كانوا يتربصون به ليتحينوا الفرصة لطرده، مع أي تدخل يقوم به. في مونديال المكسيك 1986 جاءت أبرز محطة في تاريخ هذا المدافع الكبير، فقد تألق،وتمكن من قهر أشهر المهاجمين في مجموعة الأسود أمثال بونييك لاعب بولونيا، وجوفنتوس الإيطالي، وغاري لينيكر هداف إنجلترا، ولم يفلح أي من المنتخبين في معرفة الطريق إلى مرمي المنتخب المغربي، بالنظر لتواجد المدافع المقاتل البياز. وتألق المدافع الصلب في شل حركة لاعبي منتخب البرتغال باولو فوتري وكارلوس مانويل في المباراة التاريخية التي انتصر فيها المغرب بثلاثية وتأهل للدور الثاني متصدرا مجموعته،حيث نال البياز إشادات كبيرة من الإعلام الذي واكب نهائيات كأس العالم في تلك الفترة.
عكس أبناء جيله والذين مازالو يظهرون على الساحة الإعلامية، ومنهم من تقلد العديد من المناصب أمثال زاكي بادو وعزيز بودربالة ومصطفى الحداوي، اختفى مصطفى البياز، وتوارى عن الأنظار، فغاب عن الظهور في المناسبات العامة، بعد أن تنكرت له جامعة الكرة، التي تجاهلت تماما خبرات البياز الكبيرة، ولم يستفد منها بإستدعائه لأي دور، رغم تأكيد كل أبناء جيله على أنه كان أقوى مدافع في تاريخ المنتخب المغربي دون منازع. ومعلوم أن مصطفى البياز قطع صلته مع الكرة قبل أن يظهر مؤخرا للمشاركة في مباريات تكريمية لنجوم سابقين، والمساهمة في بعض الأعمال الخيرية، لكنه عاد للإختفاء مكتفيا بالعيش على الهامش، عوض الظهور في الواجهة، مثلما مازال يفعله الكثير من اللاعبين الذين عايشوه في صفوف المنتخب المغربي.
بعض المقربين من مصطفى البياز، يؤكدون بأن الدولي المغربي السابق، لايستهويه الظهور في الإعلام، أو الحديث مع الصحفيين، لذلك آثر الإبتعاد، وقطع صلته بمجال كرة القدم. ورغم التجربة الكبيرة التي راكمها ، إلا أن البياز لم يرغب في دخول مجال التدريب، ولم يظهر رغبته في الظهور بإستديوهات التلفزيونات، تاركا مكانه لأشباه لاعبين يعملون على ملأ الفراغ، الذي تركه غياب نجوم كبار على الساحة أعطوا الكثير للمنتخب المغربي ، في إنتظار نفض الغبار عنهم وإعادة التعريف بهم للجيل الصاعد الذي لم يشاهد إبداعات البياز الذي كان واحدا من أفضل المدافعين الذين كان يقام ولهم يقعد مع المنتخب المغربي، بعيدا عن ما يصنعه بعض أنصاف النجوم داخل المنتخب المغربي في الفترة الحالية، من بهرجة على وسائل التواصل الاجتماعي.
عن جريدة “لكم” الالكترونية