مسكينة قالت لي “جيب لي معك تراب سيدي أحمد زروق نشمو” ..

تازة بريس5 أبريل 2024آخر تحديث : الجمعة 5 أبريل 2024 - 7:12 مساءً
مسكينة قالت لي “جيب لي معك تراب سيدي أحمد زروق نشمو” ..

تازة بريس

تعثرت الطريق الرابطة بين المكناستين بسلسلة من العقبات قاصدة قيادة باب المروج، وبعد جهد جهيد انعطفت الى اليسار منكسرة، لماذا انكسرت؟ أو ما كسرها ؟ لا يتحدد مدى التأثر الا بعلاقة الفعل بالحركات، ويبقى الظاهر غير الباطن لن يثبت عكسه أحدا. ترى الانسان سعيدا وسط جنان يزوره ملك الموت اسيفا، الله وحده يعلم ما يجثم على قلبه وما يعكر صفوه مثله مثل نجوم انتحروا ظنهم المرء لسنين سعداء. الذكريات تكسر، التاريخ يكسر، النذالة حين لا تنتهي وخزاتها تكسر شهامة الرجال.

اجمل لحظات عاشتها باب المروج كانت أيام الاستعمار الفرنسي، حفل بهيج أمدته عملية الكماشة بسحر الاحتفال، فًيْلًق قدِم من وجدة وآخر زحف من فاس الى تازة شكلا الفكين لعملية احكموا بها سيطرتهم على المغرب، هنا..كان اللقاء على هذا المرتفع، صدح الجيش الفرنسي بنشيد الفوز عاليا مستبدلا الراء في حرب بلام، استهلوا الحلب بامضاء سياسيين على اتفاق النهب، في لمح البصر شيدوا حيا راقيا امتد على شارع يتيم توزعت على رصيفيه فيلات صغيرة للضباط واضواء وخيوط هواتف ثابتة وبنيقة اغراس مزهرة وثمار على الطوارين، وباب كبيرة بدفتين بصناعة يهودية متقنة جعلت من الحي إقامة تضاهي اقامة النبلاء. كان الناس في خصوماتهم يحتكمون الى شيخ او قاض داخل قيطون صغير، لكن الفرنسي بنى حيا اداريا شمل مستوصفا كبيرا، ديوانا للسيد القائد بحاشيته، مبنى للبريد كالقصر.. وسٌرًّ نًظًرٌ الساكنة لأول مرة بمسالكهم تاخذ وشاحا اسود كثكلى في ريق شبابها تسيل لعاب الفاسقين.

عطفتـ ذات الطريق ـ الى اليسار في منحدر طويل امتد الى مكناسة الغربية، في حركة تنم عن قمة التاثر بتغير الاحوال، كانت P5421  اصبحت P5419 كأنها فقدت نقطتين، أو دمعتين حارقتين من عينين باكيتين، كذلك كنت اول مرة زرت فيها أرض الأجداد حطبا تفنيه نار العشق، أقوال جدتي كالريح تنفخ في أحاسيسي وتنقش في ذاكرتي جملا ك : أرض الخير ، أرض الرجال الأشاوس، ارض الكرم، والآن بعد انصرام عقود من عمري، صرت بعد الفشل المتواصل، اعد كمراهق ولهان بتلات زهور القدر، أأبقى؟ أم أهجر؟ ، ابقى، أم اهجر، أبقى، أم اهجر، منذ تجربة الدولة لحقوق الإنسان و نحن نعاني خوف الانهيار فصار التفكير في الهجرة يشغل بالنا أكثر من الذكر..

رامت الطريق المنكسرة الانحدار فمرت أسفل مقام الولي غير عابئة، ربما احتراما او تواضعا فصلت بين مقام الولي جعلته في عليين تمتزج فيه ذكرى التاريخ المجيد الطيبة بابتهالات الزوار الزاهدين، وبين فتن الدنيا أسفلها جعلتهم في سجين اختلط في سماءه دخان بارود الخيالةـ الفرسان ـ بنقع الغبار، وعلى الأرض خصت السلطات صفوف للفرايجية مكانا قصيا حدقت به خيم التجار والحرفيين، واكثر ما شد انتباهي وانا لم افق بعد من صدفة الطفل الذي فداني، فتاة جميلة يبدو على هيأتها انها من ديار الغربة، كانت تأخذ من تراب الارض حفنات ثم تضعها في برطمان صغير، على وجهها ارتسمت ابتسامة دافئة لسيدة تكبرها سنا و هي تقول لها، يما مسكينة من فرنسا قالت لي جيب لي معك تراب سيدي احمد الزروق نشمو .

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق