تازة بريس
قال عبد الله ساعف أستاذ العلوم السياسية ووزير التعليم في حكومة التناوب، أن المرحلة الحالية التي يمر منها المغرب تتميز بقوة الدولة، التي ازدادت نفوذا بعد الجائحة، في مقابل ضعف المؤسسات السياسية من أحزاب ونقابات وحكومة وبرلمان، إضافة إلى ضعف المجتمع المدني. وأوضح ساعف خلال ندوة بعنوان “قراءة أكاديمية في المشهد السياسي” نظمتها مؤسسة الفقيه التطواني، أنه وبعد الخروج من الجائحة “وجدنا أنفسنا أمام دولة ازدادت قوتها ونمت الهالة التي تحيط بها، وتقوت مشروعيتها، كأن السلطة حيت من جديد، وتقوى فعل الدولة وتكثف بشكل واضح، وأصبحت هناك علاقة جديدة مع المجتمع”.
وبالمقابل، سجل ساعف ضعف الفاعلين السياسيين من مختلف المستويات، حيث يبرز بجلاء الفرق بين قوة الدولة وأداء وأهمية مختلف المؤسسات السياسية، وهناك فرق بين مشاريع الدولة(استراتيجيات وتصورات ومخططات..) التي تتجاوز بكثير تصورات الأحزاب التي لا تليق بالفاعلين السياسيين. وسجل أستاذ العلوم السياسية انعدام حياة حقيقية على مستوى الفاعلين الآخرين خارج سلطة الدولة، حيث إن ضخامة مشاريع الدولة تزيد من قوتها، في حين يظهر أن مبادرات المجتمع السياسي متواضعة. وعدد الأستاذ الجامعي مجموعة من السمات التي تميز المشهد السياسي المغربي في هذه المرحلة، ومنها التشتت والانقسام، فالحدود بين الفضاءات الموجودة في هذا المشهد غير واضحة، وتوجد إشكالية النقص في الحيوية ودينامية الفعل السياسي.
كما سجل غياب أي تنوع في المشاريع التي يحملها كل طرف، وانحدار وخفوت حيوية المجتمع والجسم المغربي، وهذا الأمر يظهر في أوضاع الأحزاب والنقابات والجمعيات وكل المكونات المجتمعية، مقارنة مع لحظات سابقة من التاريخ السياسي، فبرنامج حزب كان يعني رؤية وكانت تدور حوله النقاشات، وكانت حياة الأحزاب تدور حول البرنامج الانتخابي والرؤية السياسية، وتستثمر مجهودات في وثائق الأحزاب، عكس اليوم. كما نبه ساعف إلى وجود عدة إشكالات قوية وحركات اجتماعية ليست سهلة رغم أنها لا تصل للتعبئة الاجتماعية التي حدثت في محطات تاريخية، حيث يبرز اليوم غلاء المعيشة، والتضخم الذي لا نعرف هل هو داخلي أم خارجي، في ظل توتر اجتماعي واضح، يفرض على الحكومة التخطيط لتسوية غلاء المعيشة.
واعتبر الوزير الأسبق أنه ورغم هذه الصعوبات والتوتر الاجتماعي، لكن لا وجود لأزمة اقتصادية أو ندرة في الموارد بالمغرب، بل بالعكس توجد وفرة، وهذه هي المفارقة، حيث المداخيل كانت كبيرة من تحويلات المهاجرين والإنتاج الفلاحي، والفوسفاط، والمنتوجات الصناعية، وتسهيلات المؤسسات المالية تشير إلى أريحية مالية. وخامس السمات التي تميز المرحلة، حسب المتحدث؛ نمو الدولة الأمنية، والدولة الاجتماعية من خلال الإصلاحات الكبرى في المدة الأخيرة والوباء أعطاها دينامية خاصة، والدولة الثقافية أيضا. وإلى جانب النقاط الداخلية، يتميز المشهد السياسي أيضا، حسب ساعف، بجانب المخاطر الخارجية الذي وصل لمستوى لم يعرفه مغرب الاستقلال، خاصة تجاه الجيران، وما تفرضه هذه الوضعية من ناحية التسلح والاستعداد الدائم، ومواجهة كل الفرضيات، وما ينتج عنه من ضغط على الجهاز الدبلوماسي، والدخول في التحالفات والتحالفات المضادة.
جريدة لكم