تازة بريس

رحيل بنسعيد آيت يدر .. شيخ المناضلين وطليعة مجاهدي جيش التحرير ..

-

تازة بريس

ينعت بشيخ المناضلين وطليعة مجاهدي جيش التحرير، يساري الفكر السياسي وذاكرة المغرب الحديث عن جيل المختار السوسي ومحمد الفقيه البصري وعبد الله إبراهيم والمهدي بن بركة وغيرهم. آمن بالعمل المسلح ضد المستعمر وقاده وبأهمية العمل السياسي والفكري فأسس له في مجابهة النظام السياسي في أحلك ظروفه.

ذالكم هو محمد بنسعيد آيت يدر الذي وافته المنية فجر هذا اليوم الثلاثاء 6 فبراير الجاري بالمستشفى العسكري بالرباط عن سن تسعة وتسعين، وقد ولد  رحمه الله بقرية تينمنصور بمنطقة اشتوكة أيت باها، حيث تلقى تعليمه في مدارس عدة بمنطقة سوس العتيقة، قبل أن يلتقي بالمختار السوسي بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لينتقل بعد ذلك للمدرسة الخاصة لهذا الأخير بالرميلة بمراكش ثم إلى مدرسة بن يوسف. تعرض سنة 1951 رفقة زملائه بالمدرسة للاعتقال ثم السجن لعدة أشهر مع التعذيب من قبل السلطات الفرنسية، على خلفية احتجاجات ضدها بمراكش وتضامن مع طلبة جامعة القراويين. كما تعرض عقب للإقامة الجبرية بمسقط رأسه حتى سنة 1952. والتي خلالها تمكن من ربط علاقات عديدة مع زعماء الحركة الوطنية وقيادات حزب الاستقلال كالمهدي بن بركة وامحمد اليازيدي، وخاصة عبد الله إبراهيم الذي كان من المساهمين في التكوين السياسي والفكري له. بدأ ايمانه بجدوى العمل السياسي ضد السلطات الفرنسية يتلاشى، عقب مقتل الزعيم التونسي فرحات حشاد في ديسمبر من سنة 1952 وما تبعها من قمع للمظاهرات والاضرابات، وفي وقت بدأت فيه تبرز خلايا أحزاب مغربية ومنظمات. عاد لمسقط رأسه سنة 1953 لبدأ العمل المسلح وفي سنة 1954 قاد عملية فدائية جعلته من بين المطلوبين للاحتلال، الأمر الذي جعله ينتقل لمدينة سيدي إفني التي ضمت في وقت لاحق عدد من المقاومين، والتي أصبحت فيما بعد مركزا لتزويد خلايا المدن المركزية بالأسلحة. وخلال عمله بسيدي إفني تمكن محمد بنسعيد آيت يدر من تعزيز علاقاته برجالات المقاومة في الداخل والخارج، مما أهله سنة 1956 من تولي مسؤولية استقبال المقاومين الذي خرجوا من السجون، قبل أن يعود مجددا لقيادة جيش التحرير بالصحراء المغربية، بعد رفضه المطالب الفرنسية بضرورة نزع سلاح جيش التحرير. وكان قد رفض غير ما مرة الدخول في عمل مسلح ضد النظام المغربي، وعلى أن مواجهة النظام بالعنف لن تأتي بأكلها المنشود، مؤكدا ضرورة العمل الفكري والسياسي والتنظيمي الواضح. حيث انضم في وقت لاحق لمنظمة 23 مارس اليسارية الماركسية اللينينة بعد وقت من تأسيسها عقب انتفاضة 1965، والتي واجهت إلى جانبها منظمة إلى الأمام النظام المغربي بمواقف جذرية، كما ساهم في تأسيس فروع المنظمة بالخارج، وشارك في جرائدها من الخارج حتى سنة 1980 بعد عفو ملكي على المناضلين المغتربين، لتقرر الحركة الثورية التي قدم قادتها للمغرب الانتقال إلى العمل القانوني، وتتغير لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي سنة 1983، بعد عودة قيادات الحركة من المنفى.

وكان الراحل قد ظفر بمقعد برلماني عن منظمة العمل الديمقراطي الشعبي عن منطقة شتوكة آيت باها، وظل يمارس العمل النيابي حتى سنة 2007 وظل يمارس العمل السياسي برؤى استقلالية توجت بأن كانت المنظمة جزءا من كتلة العمل الوطني، بيد أنه سرعان ما ستتعرض المنظمة لمضايقات في سنة 1996 بعد رفضها المشاركة في التصويت على الدستور، كما رفضت المنظمة المشاركة في حكومة عبد الحمان اليوسفي. في سنة 2002 تأسس حزب اليسار الاشتراكي باندماج كل من منظمة العمل الديمقراطي الشعبي والحركة لأجل الديمقراطية والديمقراطيون المستقلون، ورفض محمد بنسعيد آيت يدر منصب الأمين العام واختار أن يكون رئيسا للحزب، عضو في المجلس الوطني ابتداء من سنة 2005، بعد اندماج جمعية الوفاء للديمقراطية مع الحزب وتغيير اسم الحزب إلى “الاشتراكي الموحد”. وإن كان قد قرر الغياب عن العمل السياسي المؤسساتي ابتداء من سنة 2007 ، فلم يتوارى يوما عن المشهد السياسي والحياة السياسية بل كان في طليعة المتظاهرين الشباب بالربيع العربي. وقد نعت نبيلة منيب الأمينة العامة السابقة لحزب “اليسار الموحد”، المقاوم محمد بنسعيد آيت إيدر، بأنه كان “مناضلا شامخا”، قائلة في صفحتها على فيسبوك “وداعا ايها المناضل الشامخ المتواضع الصادق الذي حمل هم وطنه و شعبه بشغف المحبين و بعزم الموقنين”. مضيفة“تحلى بقيم الزاهدين و تخلق بخلق الاصفياء العارفين و ألهم اجيال و اجيال من المناضلات و المناضلين الصادقين”. واصفة اياه بأنه كان “شمعة تنير درب الصامدين الذين ظلوا على الجمر قابضين.”

إلغاء الاشتراك من التحديثات