تازة بريس
مصطاف باب بودير السياحي الجبلي الشهير الذي كان جوهر المنطقة خلال الفترة الاستعمارية، وفخر مدينة تازة منذ الاستقلال في جميع فصولها وخاصة فصلي الشتاء والصيف، محطة باب بودير هذه ينطبق عليها وعلى ما آل اليه وضعها، البيت الشعري الشهير لأبي الطيب المتنبي”عيد بأي حال عدت يا عيد”. فبعدما كان باب بودير من مواقع ومخيمات المنطقة الصيفية الموجهة للطفل والطفولة التي يضرب بها المثل، وهو الموقع الجبلي الذي لم يكن يغيب عن انطلاق موسم التخييم ضمن شبكة مراكز الاصطياف السياحي والجبلي الموزعة على التراب الوطني، حيث كل شروط التخييم كانت متوفرة الى عهد قريب. بات كل شيء في هذا الموقع والمصطاف الجبلي في خبر كان، لدرجة تبخر واغلاق كل شيء ولم تعد هناك اية شروط بنية جاذبة تقريبا، وحتى مغارة افريواطو التي كانت من المواد السياحية المنشطة لحركة السياحة المحلية بها، هي مغلقة منذ عدة سنوات، والواقع في جميع صوره يقول أن هناك تراجعات كبيرة واهمال غير مسبوق، وكأن الأمر مقصود في غياب اية ثقافة استثمار ولا استقبال. وأن المنطقة مستهدفة بفقدان قيمتها وما تميزت به من دينامية اصطياف وتخييم منذ عقود من الزمن.
وعليه، من الرأي العام المحلي من يسأل والحالة هذه، حول هل لهذا الاهمال الذي بات عليه مصطاف باب بودير كمتنفس جبلي وحيد لساكنة تازة في عز الصيف وارتفاع درجة الحرارة، هل لهذا الإهمال علاقة بثقافة وتنشيط المسابح التي تم بناءها أو مقاهي المسابح الخاصة التي بدأت تغزو مدينة تازة ومداخلها، في استغلال واضح للفراغ الذي تركه المسبح البلدي الشهير بتازة والذي تم احداثه منذ ثلاثينات القرن الماضي خلال فترة الاستعمار، وكان من أجمل المسابح الأولمبية ذات الصدى على المستوى الوطني والافريقي. فهذه المعلمة التي كانت تفتخر بها مدينة تازة، اصيبت بدمار شامل منذ مدة وهي الآن عبارة عن خراب حقيقي أمام أعين الجميع، فهل المستفيد الأول من واقع وخراب مسبح تازة البلدي هذا وواقع مصطاف باب بودير وتراجع خدماته وشروطه الترفيهية ومياهه وهدوءه الخ، هي هذه المسابح الخاصة التي غزت تازة ومقاهيها الكبرى إن داخل مجال المدينة الحضري أو خارجه، ولا غرابة فقد نجد في تازة قريبا بين مسبح ومسبح خاص مسبح خاص آخر.
فأي تجاوب ووعي وانسجمام إذن بين ما يقال حول ورش المنطقة السياحي المنشود في بعده التكاملي المحلي الجهوي والوطني، وهذه العقلية الاستثمارية الموسمية الضيقة الأفق التي لا تبحث سوى عن دورات رأسمال صغيرة وضيقة في الزمان والمكان لا غير. وهل حقيقة المشروع السياحي بتازة لا يزال بعيد المنال بدليل هذا الواقع الذي لا يرتفع، حيث إهمال مجال جبلي سياحي بذاكرة ترويحية كبيرة مثل باب بودير لانعاش استثمارات خاصة حضرية، من خلال ما بدأ يغزو المدينة من مسابح خاصة ضمن فضاء مقاهي وفنادق ايضا. ويسجل أن باب بودير الذي كان وجهة مفضلة لنسبة هامة من ساكنة تازة في فصل الحر، بات مجالا فاقدا لكل شيء جاذب لعدة اسباب من قبيل ما هناك من مشاكل مرتبطة بالتغذية والتجهيزات والنظافة والخدمات، ناهيك عن انتشار النفايات الجاذبة للحشرات والكلاب الضالة وغيرها من الأخطار التي لا ترسم صورا رافعة لثقافة السياحة وبيئتها وتقاليدها.
إن ما يوجد عليه مصطاف باب بودير بتازة، يسائل واقع ومسؤولية التدبير الجماعي المحلي وورش التنمية، فضلا عن كون واقع مصطاف باب بودير بتازة الذي عرف نزيفا حادا في كل المستويات، يبدو في مشاهده وكل مكوناته أنه لا علاقة له بخطاب الورش السياحي ودور الجماعات المحلية ودرجة انخراطها فيه، وأن الوضعية العامة الاصطيافية الصيفية بهذه المحطة تراجعت بشكل كبير مقارنه بالسنوات الماضية وهذا قمة العار. ما يمكن اعتباره استهتارا بساكنة تازة ومحيطها وبحقها في الراحة والاستجمام والترويح عن النفس والاستفادة من مؤهلات منطقتها الغابوية الجبلية ومراكز اصطيافها، في صيف كثيرا ما تحكمه درجة حرارة عالية نظرا لقارية المناخ السائد. واقع يقتضي من الجهات المختصة تتبعا وتدخلا ومساءلة، فضلا عما ينبغي القيام به تصحيحا للوضع وسد ما هناك من ثغرات واهمال وتراجعات عرفها هذا المصطاف الصيفي على عدة مستويات. ولعله الوجهة الأقرب لساكنة تازة وقد شكلت مفخرة المنطقة لعقود من الزمن، قبل ان تتحول الى مجرد فضاء جبلي فارغ بلا روح، وهو ما يشهد على واقع انتكاس لِما هناك من شعار حول ورش السياحة ومحوريته ومستقبله بالمنطقة.