تازة بريس
تعريفا منها بأهمية التراث المادي واللامادي لدى الناشئة، والذي يعتبر من المكونات الأساسية التي تحدد مقومات الوجود الحضاري وهوية الشعوب والمجتمعات والثقافات ومنها الهوية الوطنية المغربية، ووعيا ايضا بما يكتسيه عنصر التراث من قيم ثقافية وفنية وإبداعية جمالية رمزية. وفي إطار أيام تازة التراثية وتحت شعار:” أهمية التراث الوطني وكيفية المحافظة عليه وعلى الهوية الوطنية”، نظمت المديرية الإقليمية للثقافة بتازة يومه الثلاثاء 9 ماي 2023، زيارة ميدانية شملت عددا من المواقع التاريخية والمباني الأثرية بمدينة تازة العتيقة، تحديدا في برنامجها ومسارها رمزية ضريح”الشيخ والعلامة ابن بري المقوري التسولي التازي” امام القراء المغاربة ومؤسس المدرسة القرائية المغربية خلال فترة العصر الوسيط، ثم معلمة”باب القبور”بالسور الجنوبي لمجال تازة العتيق حيث مقبرة الترجالين وحيث المدخل المخزني الرسمي للمدينة، ثم المعلمة الأثرية الشامخة “الحصن السعدي” أو ما يعرف ايضا ب “البستيون” التي تعد من اهم وابرز البنايات التاريخية الدفاعية الشاهدة والتي تم إحداثها بتازة مع نهاية القرن العاشر الهجري حيث فترة حكم السلطان احمد المنصور الذهبي، وقد ارتبط بناء هذا الصرح الدفاعي بفترة حرجة اثر ما كان من اطماع تركية على مستوى الحدود الشرقية المغربية وعلي اثر ايضا دخول الأتراك واحتلالهم لتازة وفاس لبعض الوقت، كما تم بناء هذه المعلمة الشاهدة على عظمة تاريخ المدينة واستراتيجية موقعها من اجل حماية العاصمة فاس من كل الاخطار القادمة من الشرق والتصدى لها على مستوى تازة وممرها.
ومن المعالم الأثرية التي شملتها هذه الزيارة الميدانية التي جاء تنظيمها في اطار شهر التراث بالمغرب، هناك معلمة “باب الشريعة” التي تستحضرها المصادر التاريخية المغربية في علاقتها بجملة سياقات وتطورات خاصة خلال العصر الوسيط زمن حكم دولة بني مرين في سنواتها الأولى أي تقريبا خلال أواسط القرن السابع الهجري. اضافة لوقوف هذه الزيارة الميدانية على واحدة من المعالم الدينية والروحية بالمدينة، ويتعلق الأمر ب”مسجد الأندلس”بالفضاء والمساحة التي تنعت ايضا بتازة الفوقية حيث دار المخزن وما جاورها من المكونات والمرافق والأثاث الثقافي الهندسي الرمزي، ولعل مسجد الأندلس هو ثاني اهم مسجد بالمدينة بعد الجامع الأعظم والذي لا تذكر عنه المصادر التاريخية أي شيء تقريبا، هذه المعلمة التي قد تكون نواتها تعود الى فترة العصر الوسيط، تحديدا فترة التطورات التي شهدتها وانتهت اليها بلاد الأندلس بعد الوجود المغربي بها لقرون من الزمن. وقد شملت هذه الزيارة ايضا ما يمكن تسمته بدار المخزن او القصر السلطاني عندما كانت تازة عاصمة مؤقتة للمغرب ومصدر قرارات وسلطة وسيادة على البلاد، خاصة زمن المولى الرشيد العلوي حيث النصف الثاني من القرن السابع عشر الميلادي. وقد تمت الاشارة خلال هذه الزيارة لعدد من المراسيم والانشطة والمكونات التنظيمية والتعبيرات المجالية التي كانت تطبع هذا المكان التاريخي الرمزي لتازة، في علاقتها بساحة المشور باعتبارها فضاء كانت تتقاسم هيبتها ورمزيتها عدد من المرافق والبنايات ذات الصلة من قبيل”المدرسة المرينية” وغيرها.
وكانت محطة فضاء الذاكرة التاريخية بتازة العتيقة وجهة اخيرة لهذه الزيارة انسجاما مع المدة الزمنية المخصصة لها، والتي سمحت بإثارة عدد من المعطيات والتساؤلات ذات الأهمية والقيمة التاريخية المؤسسة لفائدة الناشئة، بحيث تم الحديث عن معلمة وفضاء وبناية الذاكرة التاريخية التابعة الآن للمندوبية السامية لدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير، من خلال ثلاث وأزمنة تاريخية ومستويات باستحضار ما ارتبط بها من أدوار ووظائف متباينة، بحسب طبيعة وجدل الفترات والتطورات التي طبعت المدينة وتجارب الحكم منذ العصر الوسيط حتى الآن، مرورا بزمن الحماية والاستعمار وما طبعه من وقائع واحداث ذات علاقة مرحلية بهذا الفضاء التاريخي والمبنى الأثري. وقد قام بتأطير هذه السفرية المحلية وهذه الزيارة التاريخية للمدينة العتيقة بمناسبة شهر التراث بالمغرب وايام تازة الثقافية، ذ. عبد السلام انويكًة الباحث في تاريخ تازة وصاحب عدد من الاصدارات حول المدينة، ممثلا لــ : مركز ابن بري التازي للدراسات والأبحاث وحماية التراث وكذا للائتلاف المدني التازي بتعاون وتنسيق مع المديرية الاقليمية لوزارة الثقافة بتازة.