تازة بريس
عبد اللطيف جنياح
بتاريخ 21/ 01/ 2023 قام ممثلون عن المجتمع المدني بتازة، بزيارة ميدانية للموقع والمركب الأثري الجنوبي لتازة العتيقة الذي يعتبر حصنا تاريخيا مشكلا من أسوار مزدوجة معززا بخندق كآلية للدفاع وهو الموقع الذي يعود تاريخه إلى العهد المريني. ووقف ممثلو المجتمع المدني على حجم الدمار والتخريب الذي يلحق هذا الموقع بسبب زحف النفايات من مواد الإسمنت المسلح والمتلاشيات التي يتم التخلص منها وإلقائها داخل محيط هذا الحصن، في غياب أي مراقبة أو رد فعل من طرف الجهات الإدارية المسؤولة.
وتجدر الإشارة إلى أن الإهمال ظل يطال هذا الموقع التاريخي المهم إلى جانب الأسوار الغربية للمدينة التي تعود للعهد الموحدي، وذلك في غياب أي مبادرة للإنقاذ من الانهيار والاندثار وفي غياب أي إرادة لإعادة الاعتبار والتأهيل لهذا التراث التاريخي وتثمينه، على غرار باقي المواقع الأثرية بباقي المدن المغربية وخاصة على مستوى نفس الجهة التي تنتمي إليها مدينة تازة. ويستمر هذا الإهمال رغم تصنيف المدينة العتيقة لتازة تراثا وطنيا، بموجب المرسوم عدد 889. 18. 2 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6750 بتاريخ 07/ 02/ 2019. وتجدر الإشارة أيضا إلى أن تصنيف المدينة العتيقة لتازة ومواقعها الأثرية تراثا وطنيا، استند على القانون عدد 22. 80، المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات، الذي صدر الأمر بتنفيذه بموجب المرسوم عدد 25. 81. 2 بتاريخ 22/ 10 / 1981، مع استحضار التزام المغرب بما ورد في الاتفاقية الدولية لحماية التراث الثقافي والطبيعي، الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بتاريخ 16/ 11/ 1972 والتي صادق عليها المغرب بتاريخ 28/ 10/ 1975.
وتحديدا للمسؤولية المترتبة عن الإهمال والتخريب الذي يلحق بالمنطقة الأثرية المذكورة، يجب استحضار مسؤولية الجهات الموكول إليها قانونا التثبت من المخالفات التي تطال العقارات المصنفة تراثا وطنيا استنادا للمادة 51 من القانون 22. 80 المومأ إليه أعلاه، والمتمثلة في ضباط الشرطة القضائية، وأعوان الإدارة المكلفين بالتراث المعينين من بين هيئة مفتشي ومحافظي المباني التاريخية والمناظر ومحافظي المتاحف، والأعوان المكلفين من شرطة التراث والمنتدبين لهذا الغرض، والأعوان المؤهلين من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير والإسكان من بين هيئة المهندسين المعماريين وأعوان وتقنيي إدارة التعمير والإسكان، وفي نفس السياق يجب استحضار مسؤولية اللجنة المحدثة على مستوى العمالة لمراقبة التقيد بأحكام القانون المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر، التي يترأسها الممثل الإقليمي للسلطة الحكومية المكلفة بالتراث، والتي تضم وجوبا ضابطا للشرطة القضائية معينا من طرف وكيل الملك وبعض الخبراء المختصين، وذلك تطبيقا لمقتضيات المادة 51-1 من القانون 22-80 المذكور.
لكن في غياب أي إرادة حقيقية لحماية المآثر التاريخية بتازة من طرف المسؤولين قانونا عن ذلك، وأمام انعدام أي مبادرة واقعية لإعادة تأهيل هاته المآثر وتثمينها، تبقى مسؤولية المجتمع المدني قائمة، للاضطلاع بالمهام الموكولة إليه بموجب المادة 12 من الدستور والقوانين المنظمة للحريات العامة، وذلك للترافع في إطار القانون ودفاعا عن إرث حضاري وتراث وطني إنساني لمدينة ضاربة في عمق التاريخ، وكانت شاهدة على كل التطورات التاريخية التي عرفها المغرب. وفي هذا السياق جاء وقوف ممثلون عن المجتمع المدني بتازة على المنطقة الأثرية الجنوبية، في أفق مباشرة المساطر الإدارية والقضائية المطلوبة لتحديد المسؤولية وترتيب الأثر القانوني الواجب، مع اللجوء إلى اعتماد الآليات الوطنية والدولية المتاحة في هذا الشأن.