تازة بريس
نظمت مؤسسة فكر للتنمية والثقافة والعلوم بشراكة مع جمعية جهات المغرب برحاب كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية اكدال جامعة محمد الخامس يومي 18 و 19 اكتوبر 2022 ندوة دولية في موضوع :” تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي: رؤى متقاطعة”. وقد تميزت ندوة الرباط هذه بمشاركة خبراء وأساتذة – باحثين ومختصين وطلبة دكتوراه من جامعات مغربية عدة، من قبيل جامعة عبد المالك السعدي وسيدي محمد بن عبد الله ومحمد الخامس ومولاي اسماعيل والسلطان مولاي سليمان وابن طفيل ومحمد السادس للعلوم و التقنيات والحسن الثاني ومعهد البحث الزراعي و الوكالة الوطنية للنباتات الطبية والعطرية وجامعات دولية من كندا وسويسرا و بلجيكا …كلهم مختصون في إنتاج القنب الهندي وتحويله إلى مشتقات هامة تخص الاستعمالات الطبية والتجميلية والترفيهية.
تم خلال هذه الندوة العلمية التعريف بتجربة المغرب الفتية و تجارب متطورة للدول المشاركة، وقد همت نتائج البحث النظري والتطبيقي في هذا المجال، و بعد نقاش امتد على مدى يومين عبر جلسة الافتتاح و الاختتام و ثلاث جلسات عامة و اربع ورشات اختتمت الندوة الدولية هاته أشغالها بالمصادقة على عدد من التوصيات نجملها فيما يلي : سجل كل المشاركين في الندوة بإيجاب قرارات الجهاز التشريعي و التنفيذي بالانتقال بالقنب الهندي من حال المنع الى حال التقنين و الترخيص و من حال الاضرار الى واقع المنفعة المرجوة الضامن للاستقرار الاجتماعي و التماسك الاسري و المدر لعائدات على المزارعين و خزينة الدولة و الشركات و التعاونيات، وتم التأكيد على الدور المحوري لمنظومة التربية و التكوين و الاعلام والثقافة في كل عمليات التحسيس و التوعية و التربية والتكوين على اساس المعطيات العلمية الطبية والصناعية والتجميلية والزراعية الصرف، في كل ما يتعلق بهاته النبتة واستعمالاتها المشروعة و ليس على اساس آخر حتى يبتعد المجتمع عن الأحكام المسبقة و النمطية في الموضوع. مع ضرورة إحداث قانون- إطار للتعاونيات المسؤولة عن زراعة القنب الهندي، والسهر على تنظيم عمليات التكوين و التوعية بخصوص الاوضاع القانونية و الاجتماعية و المالية و الاقتصادية لعمليات انشاء التعاونيات في المنطقة في مجالات التدبير المالي و الاداري و غيرها.
ولعل من توصيات هذه الندوة الدولية ايضا، تحديد نطاق زراعة القنب الهندي وحث المزارعين على الانتظام في تعاونيات، والبحث عن امكانات الاعفاءات الضريبية بصيغة مؤقتة دعما لهاته التعاونيات و تشجيعا على الانخراط في عمليات تأسيسها. والتفكير في منح مالية مشجعة كالتي تقدمها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ووكالة التنمية الاجتماعية للتعاونيات مع دراسة جدوى جواز استفادتها من قروض مؤسسات الائتمان بضمانات الدولة، ووضع قوانين التوسيم والتلفيف الجيد، والحرص على تقديم مادة إعلامية و إشهارية مناسبة لمختلف الأعمار والفئات كذا القيام بمراقبة شاملة لحقول زراعة القنب الهندي التي تستعمل لأغراض بيو- طبية وصناعية، فضلا عن محاربة الزراعات غير القانونية، وفرض عقوبات عليه وحماية الحاملات البيئية والغطاء الغابوي من اكتساح حقول زراعة القنب الهندي سواء القانوني أو غير القانوني.
ومن جملة ما تم ادراجه ضمن توصيات الندوة، أهمية مراقبة مستوى الفرشات المائية لمناطق زراعة القنب الهندي حماية لها من النضوب والتلوث مع الحرص على اتخاذ كل الاحتياطات من أجل الحد من كل عمليات اجتثات و حرق الغابات و استنزاف التربة و الموارد المائية و تلوث المياه الجوفية و ذلك باتخاذ الاجراءات التوعوية و التحسيسة و القانونية. كذا التقيد بمنع استعمال الأسمدة الكيماوية في زراعة القنب الهندي مع تطوير عمليات تحويل منتوجاته و نظام نقله ومشتقاته، وعدم الاقتصار على استيراد البذور من الخارج، والعمل على الاستعداد الجيد لدخول المنافسات الدولية للإنتاج الطبي و الصناعي و التجميلي للقنب الهندي ، لاسيما من قبل بلدان سبقتنا إلى هذه السوق مثل كندا و امريكا وإسرائيل وبلجيكا والهند و هولاندا…، هذا اضافة الى تطوير نظام تسويق الأدوية البيولوجية من أصل القنب الهندي والأعشاب العطرية والطبية، وتبني مقاربة ترتكز على مبدأ العدالة المجالية، وتحترم الهشاشة الإيكولوجية للمنطقة التي تحتضن زراعة القنب الهندي ، وتسمح في نفس الوقت لهذه المنطقة بالانفتاح اقتصاديا على العالم الخارجي.
وكان السماح للفاعلين المحليين تحديدا المنتجين الصغار والمتوسطين بالانخراط في اقتصاد السوق المشروع، من توصيات ندوة القنب الهندي هذه، وذلك عبر إعمال إجراءات وعمليات تسهل على هؤلاء المنتجين الولوج إلى الموارد الضرورية بغاية إدماجهم. مع الحرص على عمليات توطين الاستثمارات داخل منطقة زراعة القنب الهندي حتى تستفيد منها الساكنة المحلية، مع دراسة امكانية خصم أو اقتطاع نصيب من الأرباح لفائدة التنمية المحلية، وتخصيص جزء من مداخيل الوكالة الوطنية للنباتات الطبية والعطرية لإحداث مراكز معالجة الإدمان وخلق مراكز صحية ومستشفيات ولم لا التخصص في معالجة داء السرطان المنتشر في المنطقة بسبب الاستعمال غير المشروع لهاته المادة و كذا بسبب حرب كل من فرنسا واسبانيا على المنطقة خلال سنوات القرن الماضي، فضلا عن تجسيد فكرة المساهمة في إنشاء بنك للمعطيات حول استعمالات القنب الهندي في مجالاته المتعددة، و العمل على جرد وتقييم النتائج البحثية والتطبيقية في المغرب وفي البلدان المشاركة مما سيساعد على متابعة البحوث والدراسات العلمية والتطبيقية وتحليل المزايا العديدة للقنب الهندي حاضرًا ومستقبلًا ضمن محورين اثنين : أولا الخصائص البيولوجية والجينية والفيزيائية والكيميائية للقنب الهندي، وثانيا الاستعمالات الطبية والعطرية والترفيهية بما يتماشى مع مقتضيات القانون الجديد و الوضع العالمي، مع دعوة الحكومة إلى تشجيع مختبرات البحث المغربية على الانتقاء الجيني للأنواع الجيدة من القنب الهندي وإنتاج البذور،مع العمل على توفير الدعم اللوجيستي لمختبرات البحث المعروفة بالاشتغال على الأعشاب الطبية والقنب الهندي، وإنشاء صندوق خاص بالتدبير المالي لعمليات البحث العلمي من أولها الى آخرها و كذا عمليات الإنتاج و التسويق.
وكان من مخرجات الندوة ايضا التفكير في إنشاء بنية علمية لدى الوكالة للاشراف على التنسيق بين المختبرات و مراكز البحث الوطنية التابعة للقطاعات الحكومية المعنية و الدولية، في كل ما يرتبط بالبحث العلمي و التقني لمجالات القنب الهندي والتي من شأنها تشكيل التنسيق وتحديد الاوليات و تجميع النتائج في بنك للمعلومات في أفق توحيد هاته المؤسسات في مؤسسة بحثية وطنية كبرى. اضافة الى العمل على توفير كل الإمكانات البشرية و المادية من أجل مواكبة سوسيولوجية و انتربولوجية لمختلف عمليات تفعيل مقتضيات القانون 13 – 21 من بداياته إلى آخر عمليات التفعيل. وتثمين الأبحاث التي تقوم بها مختبرات البحث المغربية من أجل الاستغلال الصيدلي للنتائج التي تسفر عليها الأبحاث في الأعشاب الطبية والقنب الهندي، مع دعم تطوير صناعات استخراج الخلايا البيولوجية للقنب الهندي وإنتاج الأدوية البيولوجية من أصل القنب الهندي، كذا دعوة وزارة التعليم العالي و البحث العلمي و الابتكار عمومًا و الجامعتين المعنيتين بأقاليم القنب الهندي خصوصا و الشعب و المختبرات و الأساتذة الباحثين على وجه اخص إلى التفكير في تكوين و إحداث ديبلوم جامعي لاستعمال القنب الهندي حسب القوانين المعمول بها في خلق التكوينات و الدبلومات.
وقد تم اقتراح إشراك رؤساء الجهات المعنية بالموضوع في عمليات الاستشارة و القرارات و المشاريع التنموية بالمنطقة بأن يكونوا أعضاءً في المجلس الاداري للوكالة، و انسجاما مع مسار طي صفحات الماضي الأليمة و انخراطًا في مقتضيات العهد الجديد تم نوجيه نداءً إلى المسؤولين قصد العمل على توفير كل الظروف التي تساهم في تصفية الأجواء و الانطلاقة المتجددة للمشروع التنموي بالمنطقة. مع التفكير في تنظيم مائدة مستديرة يتم دعوة الجهات المعنية بتدبير ملف المتابعات القضائية في حق المتابعين المطلوبين للعدالة بسبب زراعة مادة ممنوعة قبلًا للاطلاع على المعطيات الخاصة بهذا الملف، وإحداث مرصد مدني وطني للتفكير و التكوين والتحسيس والتوعية والمواكبة لكل ما يرتبط بعمليات تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي.