تازة بريس

لذلك نبهه ..أطُونْسِيون ..أطونسيون ..أولاد باب مروج لِينِيْ رُوج …

-

ثبت في مكانه، كعمود كهرباء، وجه جامد القسمات ينضح بالوجوم، انسابت عليه آثار التفكير حرك رأسه إلى الوراء لثوان قليلة، كقضيب خيزران، أماله ضغط ريح ناعمة، مثيرا حيرة عنيفيزة الذي أحد إليه النظر، متسائلا عن سر هاته الفحوصات البصرية، وعن غاياتها القصوى، كان يُرَقّْص كتفيه، لا من طرب، أو فرح ، انما لتجاوز رفرفة أجنحة البطتين المسروقتين الخفقان، كلما ازداد ذعرهما، زادت قوتهما، فارتجت يديه، وإن احكم على سيقانها قبضتيه، كانت حركة الاجنحة تعبيرا صادقا قويا عن تمسكهما بالحياة، و رفضهما أسرا ، يأول الى اطعام مساطيل . بعدها استعاد الخدير وضعه، اعتدل .. رفع هامته، ثم مط شفتيه ليرسم ابتسامة ماكرة، قائلا بعد تأمله مليا، وجه صاحبه- :

ذكرني في المرة القادمة اسرق لك مَرْيَلَة من السوق، واتاك الطبخ والله وأردف الامر بقهقهات مجنونة، وفي خفة رونالدينو لاعب الكرة الشهير استدار، تقدم نحو رفاقه الثلاثة، متخذا له مكانا، على كثب من ابي عودة،  واختار أن يغافله، اخذ من يده غليونه، المحشو شقفه، كان الاخير يتاهب لرفع قداحته ، لتحويل الحشو الى جمرة ، كي يسحب الدخان المسموم الى رئتيه ، لكن الخدير سبقه ، وضع شفتيه على فم العود – السبسي – وأرفق الحركة بضحكة، مرت بينهما دون ان تصل مرأى أو مسمع الآخرين، رسالة اراد من خلالها طمأنته، بأن الامر، مجرد مزحة، و الظاهر أن ما يعتبره البعض وقاحة ، يتحول بين المساطيل الى شيء عادي وتافه لا يستحق اهتماما، فهم اكثر من اخوة ، يتقاسمون الحلال و الحرام ، البرد و القر ، يتجرعون نفس المرارة ، و تنعدم في افق تفكيرهم الاحلام ، اكتفى بوعودة بالصمت، دون ان يحنق للحركة او يغضب ، أو يبدي انفعالا، لاكتفاءه؟ ربما .. ربما كثرة الشفط اضنت رئتيه، ما قيمة تعميرة شقف؟ أمام ما يقدمه لهم من خدمات..فهو ممون الشلة، يوفر لهم اللحم الشهي الطري ، بكل الطرق. السبسي لا يشبه السيجارة في شيء، كل شيء بينهما مختلف، هو طقوس، يتوالى فيها الشفط على ثلاث مراحل، تضبطها السرعة، حتى يتم السطل. على قول الشاعر : اليوم نفخ و رشف الى ان يتبدد الخوف…أي شاعر؟ لست أدري ..كل من أراد اقناع الغير، استدل باسماء و آثار منسية … فليكن حين يسري دبيبه بين الاعصاب، القنب الهندي، الكيف، أو العيسي كما كانت تسميه جدتي رحمها الله ، ويتوغل داخل خلايا الدماغ، يثبط العزائم، يبطئ الحركة،  احنى الخدير راسه قليلا، كانه يحن لتلك الجمرة التي بالكاد قدفها، وسقطت بين يديه.. بقوة النفخ. كان دأبه الاسترخاء، تماما، و هو يلاحق النشوة، بودي يستحضر أرواح إلآلهة عبر التامل، او درويش يحاول الوصول الى الملائكة التي حضرت بداية خلق جنسه، و سجدت لجده ادم عليه السلام،

 لكن هذيان ادريس طير الفراخ من العش، كان يرطن بكلمات مبهمة، مرة، و مرات أخرى، كان يفصح… يبين الغضب . دين مو  … يضربني بالزحش … ثم يلتفت الى اللطيف، فيترامقا، في صمت ، و يسترسل مسهبا في الكلام : انا ما هربتش … انا فكرت نرجع للدار .. و نجيب الجنوية و الساطور … واللطيف يجاريه، مبديا اهتماما، فرضته اللحظة عليه ، ماذا عساه أن يفعل؟  غير المجاراة.. أو الصمت ، حتى إن طفح كيله، شهيته للكلام لم تفتح ليثرثر ، اكتفي بالتعقيب ب : امممممم كي لا يحرن صاحبه ، وقع الصدمة كان شديدا على نفسه، و  الجرح الذي فتحته الهزيمة المذلة في خواطره.. كان عميقا وغائرا، فكانت تاتي كلمة اممممممممم في الحوار كلازمة ، لتكرارها سحر خفي ، ومن تراه يمتطي متن حمار ، بارك له امتلاك اجود الخيول، الساطور والسكين فتحا ابوابا  بشغاف قلبه، المهزوزة أصلا، تسلل الخوف الى الاعماق، كوحش ارعب اطفال القرية ليلا بعد استماعهم للجدة تحكي خرافاتها المرعبة،  ولم يغير من طبيعته، لم يعبر عن قلقه، فهو يذكر القصة، بتفاصيلها الدقيقة، لكنه يفضل اقبارها، طمسها ، طمرها ، رجل المطافئ الحدق، لا يكتفي  بإطفاء النار، للسيطرة على الحرائق، انما يضحي بأيام اضافية أخرى، حتى يتأكد من الجمر تحت الرماد، هل انعدم؟  والساطور والسكين جمرتان، إن نفخت فيهما رياح الصدفة، و بعثت لهب نارهما الاقدار، ستلسع النيران الكل، لقد كسروا الاقفال ذات ليلة، وتسللوا الى داخل محل جزارة، لكنهم عند سحبهم الجارور،  لم يجدوا سوى بضع دراهم، و من كمد ادريس، سرق معدات با الزاوي ، و كان للقصة وقعا مدويا هز النفوس في المدينتين. دين مو … لو كان جبت الجنوية و الساطور … نقطع لو بوحدة يدو ليمنية .. و نقطع ليه بالاخرى يدو ليسرية

 وتخلص اللطيف من امممم، استبدلها ب ايهاه، ربما مل اعادة نطقها ؟  أو كل منها… لكنه لم يجرؤ على تنبيهه… بان اظهار معدات الزاوي، الجزار المشهور في المدينة، حركة في تضاعيفها حكما بالمؤبد، او اعداما، أدلة ان وصلت النيابة العامة، قل على كل اعضاء الشلة السلام، وعند التحقيق، ستتجلى سيرة كل واحد، ويصعد دخان فضائحهم كالسحب السوداء المثقلة، لاذ اللطيف بالصمت، لعله يلجمه بذاك الفعل، فيشاركهه، لكن ادريس استمر يسب البدو الرعاة في شخص علال، ولم يتحمل الخدير المنحدر من دوار اولاد السيدة الامر، السيدة كنزة ابنة عبد الحميد الاوربي، أم ابناء مولاي ادريس، وعلال زوج خالة الخدير، أما ادريس، فمن سطله تجاوز الخطوط الحمراء  و لذلك نبهه  : اطونسيون  ..اطونسيون .. اولاد باب مروج.. ليني  روج…

إلغاء الاشتراك من التحديثات