تازة بريس
عبد السلام انويكًة
احتفاءً بورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في ذكراها التاسعة عشرة، وباليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة، وتقاسما لحصيلة ما هي عليه من أنشطة تربوية فضلا عن طبيعة برامج وتطلعات، وترسيخا لتقليد احتفالي ربيعي رافع دأبت عليه منذ عدة سنوات، وتوسيعا لِما ينبغي من وعاء وعي داعم لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، انسجاما مع المنشود من قبل الجميع من المعنيين للنهوض بأوضاع وحاجيات هؤلاء وبلوغ دمجهم واندماجهم بشكل أفضل في المجتمع، وتحسيسا بما لا يزال قائما من صعاب تحد من مشاركة هذه الفئة بشكل كامل وفاعل في الحياة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا .. على قدم المساواة مع الآخرين، وانسجاما وتفعيلا لِما صادق عليه المغرب من اتفاقيات تخص حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وتزامنا وتثمينا لأشغال مشروع مركز مرجعي نموذجي رافع على الصعيد الاقليمي، لِما يميزه من مواصفات ومرافق وفضاءات.
من اجل هذا وذاك من التطلعات، نظمت جمعية آباء وأولياء الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بتازة، تحت شعار “الاعاقة قدر والادماج قرار”، حفلا فنيا مساء الأربعاء 22 ماي الجاري بمسرح تازة العليا، تقاسمته فقرات وعروض بمساحة تعبيرات رمزية عدة (أناشيد، مسرحيات، رقصات، أغاني، ملحمة)، أثثها أطفال في وضعية اعاقة عن مركز الأمل. شعار حفل تازة لهذه السنة “الاعاقة قدر والإدماج قرار”. جاء باشارات عدة تروم اغناء هذا الورش الاجتماعي بما ينبغي من تدخلات، لتجاوز ما لا يزال يسجل من نظرة سلبية صوب معطى الاعاقة والشخص في وضعية اعاقة، عبر ما ينبغي من وعي وحضن والتفات وتشارك، فضلا عن إجراء من شأنه دمج ذوي الاحتياجات الخاصة من الكبار والصغار عموما في جميع مناحي المجتمع. حفل جمعية آباء وأولياء الأشخاص في وضعية إعاقة تحت شعار ” الاعاقة قدر والادماج قرار”، بقدر ما جاء بسقف عروض عال وأداء رفيع مقارنة بما طبع حفل السنة الماضية، بقدر ما كان بحضور شرفي لعامل صاحب الجلالة على إقليم تازة الأستاذ مصطفى المعزة، بل بكلمة معبرة له بالمناسبة استحضر فيها أبعاد ورهانات الورش الملكي، وما يقوم عليه من تدخلات لتحسين شروط التكفل وتجويد الخدمات الموجهة لجميع الفئات الهشة، فضلا عن توسيع ودعم الفاعلين والجمعيات النشيطة في المجال، مع تعزيز البنيات التحتية الأساسية لبلوغ كل منشود من التطلعات. موضحا برنامج الورش الملكي في طبعته الثانية المعنون ب“مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة”، والذي يقوم على أولا: تحسين العرض الحالي لمراكز الاستقبال من خلال تأهيل وتجهيزها مع دعم الإدماج العائلي والسوسيو- اقتصادي، ثانيا: تقوية قدرات تدبير الجمعيات المشرفة على هذه المراكز من اجل خدمات أهم وأفيد. وسجل عامل الاقليم في كلمته بالمناسبة، أنه تفعيلا لمبدأ المقاربة التشاركية والالتقائية بين ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والقطاعات الوزارية الوصية ومعها وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال، تم تمويل عشرات المشاريع في الفترة ما بين 2019 إلى 2024، بغلاف مالي ناهز حوالي خمسين مليون درهم مساهمة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وأن عدد المستفيدين من الأطفال بلغ حوالي ثلاثة آلاف. معرجا على حجم ما يبذل من جهود لمحاربة الهدر المدرسي في وسط ذوي الاحتياجات الخاصة من المتمدرسين الاطفال، عبر تحسين شروط تمدرس المنحدرين منهم من الأوساط الهشة اجتماعيا، مشيرا لِما تم وضعه في خدمة هؤلاء من معدات وتجهيزات من قبيل اقتناء 5 حافلات للنقل المدرسي بتمويل من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بغلاف مالي ناهز حوالي ثلاثة ملايين درهم. فضلاً عن بناء وتأهيل وتجهيز عدد من مؤسسات الرعاية الاجتماعية الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة على صعيد إقليم تازة، من قبيل بناء وتجهيز مركز ذوي الاحتياجات الخاصة بتاهلة، بغلاف مالي ناهز 4.5 مليون درهم.، تهيئة وتجهيز مركز عصبة برايل للمكفوفين وضعاف البصر بغلاف مالي يناهز 2 مليون درهم، تهيئة وتوسيع مركز التضامن لذوي الاحتياجات الخاصة بتازة الذي يوجد في طور إنجاز الدراسات بغلاف مالي يناهز 6 مليون درهم، ثم إعادة بناء وتجهيز مركز الأمل لذوي الاحتياجات الخاصة بتازة الذي يوجد في طور الانجاز بنسبة 70% بغلاف مالي يناهز 6.36 مليون درهم. مؤكدا أن العناية والنهوض بأوضاع الفئات الهشة تعد محوراً استراتيجيا في التنمية البشرية، معبرا عن تقديره لما يبذل من جهد في هذا المجال، من قبل كافة الشركاء وممثلي المصالح العمومية اللاممركزة وكذا المنتخبين وفعاليات المجتمع المدني والقطاع الخاص، خدمة لورش التنمية البشرية ببلادنا ورفع اما هناك من تحديات في أفق غد أفضل.
حضر حفل جمعية آباء وأولياء الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة عن مركز الأمل بتازة، الأستاذ حسن العثماني المنسق الجهوي للتعاون الوطني بفاس، مؤكدا في كلمة له على أهمية البعد الالتقائي فيما تم تنفيذه بتعاون مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من مشاريع على امتداد العقدين الأخيرين، مشيرا الى أن مثل هذه المحطات الاحتفائية السنوية، هي مناسبة بقدر كبير من الأهمية لتقييم التدخلات وجهود العمل المشترك. مشيرا إلى أن السنة الماضية كانت بمساهمة فعالة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لفائدة برامج مؤسسة التعاون الوطني على صعيد جهة فاس مكناس، وأنه تم تنفيذ 143 مشروعاً بغلاف مالي قدره حوالي 70 مليون درهم. وأن هذه المشاريع ارتبطت ببرنامج تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا من خلال 92 مشروعاً، برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة بجهة فاس مكناس، برنامج الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة من خلال 50 مشروعا. مشيرا الى أن اقليم تازة شهد جملة انجازات بدعم من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، من خلال تنفيذ مشروع ضمن برنامج الدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة بغلاف مالي قدره 25.145 مليون درهم. فضلا عن 16 مشروع ضمن برنامج مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، بغلاف مالي قدره 10.41 مليون درهم. مؤكدا أن هذه المشاريع تضمنت دعم إحداث أو تطوير فضاءات وبرامج مؤسسات الرعاية الاجتماعية، والتي كانت بأثر معبر في تحسين جودة الخدمات المقدمة لهذه الفئات، دعم إحداث أو تطوير فضاءات وبرامج مراكز الاستقبال متعددة الوظائف لتلبية الاحتياجات المتنوعة للمستفيدين، دعم إحداث أو تطوير فضاءات وبرامج مراكز التربية والتكوين والتأهيل، مما ساعد في تعزيز فرص التعلم والتأهيل المهني، تطوير فضاءات وبرامج الحضانات والتعليم الأولي لتوفير بيئة تعليمية متكاملة للأطفال، اقتناء وتوزيع تجهيزات ومعدات مساعدة في التأهل، وهو ما ساهم في تحسين نوعية الحياة للمستفدين، تقوية وتعزيز برامج التمدرس وكذا ذات الطبيعة الاجتماعية المختلفة تعزيزا لفرص التعليم والتنشئة الاجتماعية. المنسق الجهوي للتعاون الوطني بفاس، أكد في كلمته في حفل مركز الأمل للأشخاص في وضعية إعاقة بتازة، أن جهود العمل المشترك بين مؤسسة التعاون الوطني والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تروم تحقيق التنمية المستدامة وتحسين ظروف عيش الفئات الهشة، مشيرا في ختام كلمته الى أن أهداف المرحلة الثالثة من ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تستهدف تعزيز الرأسمال البشري من خلال الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة. وهو ما يعد أحد محاور البرنامج الرابع من المبادرة الوطنية، الذي يتوجه بالعناية الخاصة للتعليم وصحة وتغذية الأم والطفل.
أما الأستاذ محمد كيرامي رئيس جمعية آباء وأولياء الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد استحضر في كلمته الافتتاحية عددا من الاشارات ذات الصلة بطبيعة شعار حفل هذه السنة “الإعاقة قدر والادماج قرار”، موضحا أن فحواه تروم تذكير حضور الحفل والجميع كل من موقعه بمسؤولية مساهمة الجميع لفائدة حاجيات وتطلعات الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. مشيرا الى أن ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية الملكي، كان بدور كبير في بناء وتجهيز المؤسسات ودعم تسييرها، مضيفا أنه بقدر محدودية وغياب مساهمة بعض الأطراف، بقدر ما يتحمل الجميع من مؤسسات ومصالح إدارية وقطاع خاص وهيئات منتخبة وغيرها، مسؤولية العناية والانصات لحاجيات الفئات في وضعية إعاقة. معرجا في كلمته بالمناسبة على طبيعة أنشطة وخدمات وبرامج مركز الأمل لذوي الاحتياجات الخاصة خلال السنة الواحدة، مشيرا الى أن الطاقم العامل بالمؤسسة، يجمع بين ما هو اداري من خلال أربع اطر، ثم طاقم تربوي مكون من خمسة وعشرين اطارا، فضلا عن طاقم طبي وشبه طبي مكون من 10 اطر وآخر مهني مكون من اربع اطر. ثم طاقم خاص بالدعم والمواكبة النفسية والاجتماعية يتكون من أخصائيين اثنين . مؤكدا أن ما يحتويه مركز الأمل من أطر تربوية وطبية ومهنية، كان ولا يزال بدور في إنجاح أنشطة المؤسسة، التي تروم تعزيز دمج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع. وجاءت كلمة رئيس جمعية آباء وأولياء الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، باشارات تقنية تخص ورش ومشروع مركز الأمل الجديد الذي بلغت أشغاله حوالي 80 بالمائة، مؤكدا أن تحقيق هذا الانجاز الحيوي لفائدة الأشخاص في وضعية اعاقة، سيكون منارة تحتية رافعة لهؤلاء. شاكرا ما كان عليه الشركاء الرئيسيين من دور في خروج هذا المشروع لحيز الوجود، ومن قبيل الوزارة الوصية ومؤسسة التعاون الوطني، وكالة تنمية أقاليم الشمال فضلا عن عمالة الإقليم.
أما مديرة مركز الأمل للأشخاص في وضعية اعاقة بتازة الأستاذة سهام بلغيت، فقد توجهت بالعناية في كلمتها لأهمية الأنشطة التربوية والفنية للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة على مستوى بناء الثقة بالنفس لدى هؤلاء، مشيرة الى أن حفل المركز الذي ينظم ربيع كل سنة يبدأ الاشتغال عليه قبل شهور لأخذ الرأي والتشارك والإعداد والتشارك الكافي لانجاحه وإغناءه وتجويد فقراته، عبر التمرين والتدريب المناسب. وأن برنامج الحفل ومكوناته وأنشطته وتعبيراته ومضامينه، يبدأ كل سنة باجتماعات أولية تنسيقية مع المربيات، قبل حسم طبيعة العروض وقيمتها وجديدها ورسائلها التي غالبا ما تستحضر تطلعات وحاجيات الأطفال المستفيدين من خدمات المركز، وهي الرسائل التي يتم تحويلها إلى أنشطة تمكن الأطفال من التعبير عن أنفسهم من خلالها. وأن هذه الأنشطة تشمل اختيار تجليات عدة من قبيل الألبسة المساعدة على تجويد التعبير وإبلاغ المنشود منها. مشيرة لِما يحتويه مركز الأمل من ورشات خياطة وفصالة واعمال يدوية داعمة لتطوير مهارات المستفيدين، مضيفة في كلمتها أن هذه الأنشطة ليست مجرد ترفيه بل جزء من البرنامج البيداغوجي للمؤسسة، حيث يتم تطوير مهارات الأطفال داخل الفصول الدراسية، والتي تشمل القدرة على الربط بين البصر والسمع وتعزيز التركيز والتفاعل الحسي. مشيرة أيضا الى أن المركز يعمل على إجراء اختبارات دورية داخل المؤسسة وعلى الخشبة، مع ربط هذه الأنشطة بمكونات فنية تعبيرية أخرى لتعزيز تجربة الأطفال التعليمية.
جدير بالاشارة الى أن مستوى رعاية المجتمعات بالأشخاص في وضعية إعاقة، تعكس إما درجة تخلفها أو تقدمها. ولعل هذه الفئة من المجتمع المغربي أحيطت خلال العقدين الأخيرين بمساحة معبرة من الالتفات الانساني والاجتماعي، لما أنجز حولها من دراسات وما توجه اليها من مبادرات استهدفت النهوض بأوضاعها. وعليه كانت وجهة لجملة أوراش ولقاءات استحضرت ما هناك من خصوصية وحاجيات، دون نسيان ما احيطت به هذه الفئة من جوانب ذات طبيعة قانونية لتمكينها من المشاركة والتأهيل والانخراط والادماج. وغير خاف أن دستور 2011 يعد مرجعا وطنيا صوب هذه الفئة من المجتمع، فضلا عن المرجعية الدولية ممثلة في الاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص في وضعية اعاقة. ولعل ما أنجز من تقارير رسمية وطنية خلال العقدين الأخيرين، بقدر ما أبرز معطيات عدة تخص هذه الفئة بقدر ما أبان عن تباين ما هناك من حالات من حيث طبيعتها وشدتها. وعليه، ما تم فرزه من تصنيفات تخص هذه الفئة ومن ثمة ما ينبغي من سبل تدخل وسياسة عمومية ادماجية ودامجة، من جملة ما تقتضيه أهمية توسيع الوعي المجتمعي في أفق حضن واعتبار أكبر، من اجل ما ينبغي من دمج في المجتمع وبلوغ ما هو حقوقي تكاملي، لتجاوز ما هناك من نظرة وسلوك صوب هذه الفئة. علما أن عمل الدمج يقوم على خبرات من شأنها تحقيق تفاعل الأشخاص في وضعية اعاقة مع كل الآخرين في المجتمع بعيدا عن أية تمثلات واحكام ونظرة شفقة. علما أن عمل الدمج هو السماح لهذه الفئة بفرص للانخراط والاستفادة من كل الخدمات الاجتماعية ومرافقها. مع ما ينبغي أولا من تكافؤ فرص عبر أساليب رافعة للولوجية على عدة مستويات، وثانيا من عمل دمج يسير في اتجاه سليم وايجابي وفق محيط وبنية وتفاعلات وتقاسم مناسب.
وغير خاف أيضا ما طبع السنوات الأخيرة ببلانا من حديث حول ورش المجتمع والمرفق والثقافة والسلوك الدامج، ومن رهان عمومي عبر مصالح عدة ومكونات واطارات داعمة، منها ورش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لجعل الأشخاص في وضعية اعاقة ضمن شروط عيش أكثر إيجابية، من حيث تغيير ما هناك من تمثلات وسلوكات، واحاطة هذه الفئة بما ينبغي من احترام وتأهيل وإعداد مؤسس على مؤهلاتهم وامكاناتهم. ولا شك أن بلوغ هذه التطلعات أمر بحاجة لعقليات وذهنيات داعمة واطر بشرية عن القطاعين العام والخاص، انسجاما مع منطوق الدستور المغربي وما هناك من تحديات تخص هذه الفئة، والتي شكلت سياق مصادقة المغرب ربيع سنة 2009 على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، فضلا عن بروتوكول اختياري ملحق بها، دون نسيان ما تضمنه دستور 2011 من اشارات لمنع كل تمييز بسبب الاعاقة. فقد نص الفصل 34 من الدستور على أهمية وضع سياسات موجهة للأشخاص في وضعية اعاقة، ما تجلى الحرص على تفعيله منذ حوالي العقدين من الزمن.
في سياق هذه التحولات والقناعات والرهانات الوطنية التي طبعت ورش ذوي الاحتياجات الخاصة خلال السنوات الأخيرة، يشتغل مركز الأمل للأطفال في وضعية إعاقة بتازة، وتشتغل جمعية أباء وأولياء الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. وضمن هذه التطلعات والتقاسم والتفاعل والتثمين والتقييم والتقويم والتراكمات، جاء حفل مركز الأمل بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وكذا اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة. حفل باذخ استضافه فضاء مسرح تازة العليا لعدة ساعات مساء الأربعاء الأخير، على ايقاع برنامج بفقرات حبست انسانيتها وبراءتها أنفاس حضور واسع، منها نذكر نشيدا ترحيبيا خاصا، ثم رقصة “بكتب اسمك يا بلادي”، “رقصة هل للفرحة صوت”، “مسرحة التنمر”، “رقصة التكامل”، “فلكلور الأطلس”، “مسرحية تضحية الأب”، مسرحية حضي راسك”، ” رقصة هندية”، “رقصة بنت المغرب الغالي”، ” ملحمة الانفتاح”.. الخ. على إيقاع كل هذه التعبيرات الفنية وغيرها من الفقرات، كان حفل مركز الأمل للأشخاص في وضعية اعاقة بتازة، حيث التميز والاثارة والمتعة وثمار جهود مربيات وأطر تربوية ولجنة منظمة.
يذكر أن جمعية آباء وأولياء الأشخاص في وضعية اعاقة بتازة ومن خلالها مركز الأمل، من المكونات النشيطة على صعيد المدينة والاقليم والجهة منذ أزيد من عقدين من الزمن، والتي تقوم على أهداف وبرنامج عمل واضح. وعليه، ما هناك من خبرة وتجربة عمل ميداني يخص رعاية وتربية وتأهيل هذه الفئة من المجتمع، بل يعد مركز الأمل للأشخاص في وضعية إعاقة بتازة، نموذجا بالنظر لِما يوفره ويقدمه من خدمات، وكذا من سبل تدبير معتمدا على موارد بشرية بخبرة ومكتسبات ومهارات رافعة في هذا المجال. دون نسيان ما يطبع عمل المركز من استراتيجية على مدى قريب ومتوسط وبعيد، ومن تبصر واستشراف وتتبع ومواكبة وتفاعل وتجديد وانفتاح على كل الطيف من المتعاونين. هكذا بات مركز الأمل مدرسة بصدى كبير محليا جهويا ووطنيا منذ سنوات، لِما يميزه من اسهامات ومشاركات على عدة مستويات، تكفي الإشارة بالمناسبة الى أن تازة بتعاون بين الوزارة الوصية وعمالة الإقليم، استضافت الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للأشخاص في وضعية اعاقة سنة 2011، وقد خلفت ما خلفت من أثر كبير نظرا لِما طبعها من حسن استقبال وتدبير ونوعية أنشطة، طبعت التنافس والتباري الذي حرصت جمعية آباء وأولياء الأشخاص في وضعية اعاقة بتازة على توفير شروطها، فكانت تظاهرة وتجربة ومحطة وتحديا موفقا وقيمة مضافة هامة في أرشيف المدينة حول مجال الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة. كل هذا وذاك من التراكم والمبادرات جعل مركز الأمل بتازة، مدرسة بل نموذجا محليا طموحا في أوراشه واحلامه التي بدأت بفكرة وفضاء وامكانات محدودة جدا ضمن مرفق صغير جدا بمشور تازة ذات يوم قبل اكثر من عشرين سنة، قبل أن يشهد هذا المركز ما شهدته من اضافات في بنيته وخدماته وفضاءه وموارده وبرامجه. دون نسيان أن مركز الأمل للأشخاص في وضعية إعاقة بتازة، بات بنك معطيات حول المجال لِما يوفره من خدمة للباحثين والدارسين ومن استيعاب لتدريبات وتكوينات وغيرها. وعليه، ما يحتاجه من مزيد حضن ودعم وتطوير لبلوغ ما هو منشود من خدمات وتطلعات.
ولا شك أن ما سيعزز بنيات تازة في هذا المجال قريبا، مشروع لمركز مرجعي نموذجي متعدد التخصصات توجد أشغاله في أطوارها الأخيرة، مشروع سيكون بأثر رافع لعمل مركز الأمل للأشخاص في وضعية إعاقة بتازة، على مستوى تطوير خدماته وأنشطة ادماجه للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة. علما أن المشروع هو بحوالي ألفي وخمسمائة متر مربع، منها ألف وستمائة متر مربع مبنية من طابقين مع بناء تحت أرضي، فضلا عما سيحتويه من مرافق وفصول أشغال وتأهيل داعم لادماج هذه الفئة وتكوينها. جدير بالإشارة الى أن المشروع سيكون بتجهيز وتأثيث رفيع المستوى للمقر الجديد لمركز الأمل، من حيث الوسائل المهنية والتقنية والتجهيزات الحديتة، التي تتماشى واستراتيجية التكفل ومواكبة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، على تنمية قدراتهم المعرفية والحياتية مع خدمات تربوية وطبية وشبه طبية. وتروم جمعية آباء وأولياء الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، تطوير وتوسيع خدماتها لتشمل جملة مواقع عن الوسط القروي بالاقليم، فضلا عن عامل المواكبة حتى تحقيق هؤلاء لاستقلاليتهم الذاتية والمادية والاسرية والعاطفية، وكذا تعزيز التواصل مع ما هناك من منظمات وبرامج جمعيات مختصة وذات اهتمام مشترك. مع أهمية الاشارة الى أن من رهانات للجمعية أيضا، الادماج السسيومهني للاشخاص في وضعية اعاقة، وتحسيس المجتمع أكثر بواجب اعتبار وادماج هذه الفئة. فضلا عن التوعية بحقوق الشخص المعاق وتعزيزها في المجال التربوي والصحي والفني والرياضي والمهني وعموما المجتمعي. كما تروم جمعية آباء وأولياء الأشخاص في وضعية إعاقة بتازة عبر مركز الأمل، تعزيز مهارات ومواهب الأطفال في وضعية اعاقة وخدمة ما هو وجداني نفسي لديهم، مع التعريف بأنشطتها ورهاناتها من خلال ما تبرمجه وتنظمه من مواعيد متباينة على امتداد السنة، من قبيل حفلها الفني الربيعي السنوي الذي بات تقليدا بقيمة مضافة هامة وصدى وأثر عالٍ محليا.