تازة بريس
إشكالية الفساد بالمغرب تكمن في كونه مرتبط بنسق وبنية وبغياب الديمقراطية ودولة الحق والقانون، هذا ما قاله محمد الغلوسي رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، مشيرا في ندوة نظمتها هيئة المحامين بالرباط بشراكة مع الجمعية المغربية لحماية المال العام، اليوم السبت 13 يوليوز الجاري، حول “مكافحة الفساد ورهان تخليق الحياة العامة”، أنه لا يمكن الحديث عن العدالة بدون ديمقراطية لأنها أمران متلازمان لا يمكن الفصل بينهما. مضيفا ” هذا لا يعني التنصل من أدوارنا كفاعلين في المجتمع المدني، لأن معركة مكافحة الفساد هي معركة مجتمعية تهم كل الفاعلين والمؤسسات”. مشددا على أن قضية الفساد والرشوة وتخليق الحياة العامة مسألة مجتمعية تهم كل الفاعلين في مختلف مواقعهم وتياراتهم الفكرية والسياسية والحقوقية، موضحا أنه لا بد من الإقرار أنه لم يعد سرا أن الفساد تمكن من العدالة، بكل ما يعنيه ذلك من خطورة. مسجلا كون القضاء هو ملتقى الطرق والملجأ الأخير للأفراد والجماعات التي تشعر بالحيف أو بانتهاك ما، لذلك عندما يتمكن منه الفساد فإن هذا يمثل خطورة كبرى.
الغلوسي تساءل أيضا عن كيفية محاربة الفساد الرشوة والمؤسسة المنوط بها هذا الدور، هي نفسها تعاني من الفساد والرشوة، ومن اختلالات وأعطاب بنيوية كثيرة. قائلا ” لم يعد سرا اليوم أن هناك محامون يتعاطون للسمسرة والرشوة، وأن قضاة راكموا ثروات كبيرة بسبب سيادة الفساد والرشوة، وأن في الشرطة القضائية عناصر فاسدة”. مضيفا ”عندما تكون منظومة العدالة بهذا الشكل، وعندما يكون منتجو العدالة متورطون في الفساد والرشوة، كيف يمكن أن نتحدث عن العدل كقيمة إنسانية سامية”.، و” عندما نشاهد صحفيين ومحامين ونشطاء رأي يحاكمون ويتابعون في حالة اعتقال وتصدر في حقهم أحكام رادعة وقاسية، في مقابل ذلك هناك مفسدون ولصوص للمال العام يتابعون في حالة سراح، ويخضعون لمحاكمات تستغرق زمنا طويلا، رغم الحديث عن النجاعة والآجال الاسترشادية وتخليق العدالة”. منتقدا هذه الازدواجية، متسائلا كيف سيشعر المغاربة بالأمن والطمأنينة لما ترفع الدولة شعار التنمية والتشغيل وهناك مستثمرون يجدون أنفسهم أمام قضاء بهذه الشاكلة. مؤكدا أن المغرب لا يمكن أن يتطور ويزدهر مع سيادة الفساد والرشوة، مبرزا أن هناك محامين وقضاة وضباط في الشرطة القضائية نزهاء وأكفاء يشتغلون بضمير ونزاهة، لكن إشكالية الفساد مرتبطة ببيئة ومناخ يعمقه الإفلات من العقاب، والتمييز في إعمال القانون والعدالة، واستمرار الريع في الحياة السياسية. مضيفا ” لا يرى المغاربة اليوم رجال السلطة الكبار من ولاة وعمال ووزراء ومدراء المؤسسات العمومية الكبرى يحاكمون أمام القضاء، وفق قاعدة سواسية الناس أمام القانون”. مبرزا أن هذه الازدواجية أصبحت مرفوضة وعلى كل القوى الحية من محامين وصحافة ورأي عام أن يضغطوا من أجل دفع المغرب إلى الأمام، والمساهمة في تقدمه والقيام بإصلاحات جوهرية وعميقة في المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لأن القوى المستفيدة من الريع والفساد لا تريد أي إصلاحات، وتجرنا إلى الوراء نحو إعادة إنتاج السلطوية والاستبداد والفساد، ولا مصلحة لها في أن يتقدم المغرب.